icon
التغطية الحية

شمالي حلب.. نسب بطالة مروعة وموظفو القطاع العام لا يكفيهم الراتب

2020.11.19 | 05:14 دمشق

101226868_166231911553007_2740497354586062848_o.jpg
حلب - حسين الخطيب
+A
حجم الخط
-A

أثّر انهيار الليرة التركية أمام الدولار الأميركي على العاملين في القطاع العام، داخل مناطق سيطرة المعارضة السورية شمال حلب، حيث يشتكي الموظفون العاملون في القطاع العام والذي يشمل قطاع التربية والتعليم والصحة وقطاع الشرطة والأمن العام، والمؤسسات المدنية الأخرى التابعة للمجالس المحلية؛ من انخفاض قيمة مرتباتهم الشهرية التي يحصلون عليها بالليرة التركية أمام الدولار الأميركي، وعجزهم عن توفير متطلبات أسرهم وحاجياتهم الأساسية وخاصةً أنهم مقبلون على شتاءٍ قاسٍ يكون فيه المصروف أكبر، مما دفعهم إلى البحث عن أعمال مرادفة لعملهم الحالي.

وخلال حديثه لموقع تلفزيون سوريا، قال محمد العمر الذي يدرس الصف الثاني في إحدى مدارس مدينة مارع بريف حلب: "الراتب الشهري الذي أحصل عليه من التعليم، لا يكفيني سوى أيام قليلة من الشهر والتي لا تتجاوز سبعة أيام، من تاريخ تسلّم الراتب.. نحاول السيطرة على وضعنا الحالي لكن استمرار هذا الأمر سيضعنا أمام تحديات جديدة لا يحمد عقباها بعد الآن".

الراتب محدد بالليرة التركية التي تفقد قيمتها

وأضاف العمر: " لدي ثلاثة أطفال، وزوجتي، ومبلغ يقدر بـ 90 دولارا أميركيا لن يكفي أسرتي ولن يستطيع تأمين الخبز والكهرباء والماء والدواء والطعام، في الوقت الحالي فمن البدهي أنني أعيش تحت خط الفقر ولا يمكنني توفير حياة مقبولة وكريمة لأسرتي".

اقرأ أيضا: الفقر في سوريا قنبلة موقوتة تهدد أمن المجتمع

ويبدو أن الراتب قليل جداً ولا يؤمن الحاجيات الأساسية لأسرة الموظف المكونة من خمسة أفراد على الأقل، إذ لا يتجاوز الآن راتب المعلم الـ 90 دولاراً أميركياً وهي 750 ليرة تركية، بينما كان سابقاً يتجاوز الـ 140 دولارا أميركيا، والمبلغ ذاته على الليرة التركية، وينطبق هذا الأمر على مختلف القطاعات المدنية الأخرى، التي لا يتجاوز مرتبهم الـ 1000 ليرة تركية.

ونُشر تصويت في شهر تشرين الأول الفائت في مجموعة افتراضية تضم أكثر من 4000 معلم ومعلمة، يطلق عليها "ملتقى المعلمين الأحرار" في ريف حلب، حيث سأل أحد المعلمين زملاءه هل أنت راضٍ على الراتب الذي تحصل عليه؟ وهل هو كافٍ لمصروف أسرتك؟ إلا أن 371 معلما صوت بـ لا، بينما هناك 10 معلمين صوتوا بـ نعم.

العاملون في القطاع العام يبحثون عن عمل آخر

محمد الخطيب وهو معلم في مدرسة الشهيد أسامة بكور في مدينة مارع شمال حلب، يحاول العمل بعد دوام المدرسة التي يعمل بها، في تمديد الصحية، وهي تشمل بالعرف المحلي، تمديد أسلاك الكهرباء وأنابيب الماء داخل الجدران في الأبنية السكنية التي يتم تجهيزها حديثاً.

يقول الخطيب خلال حديثه لموقع "تلفزيون سوريا": إنني تعلمت هذا العمل قبل سنوات إلى جانب دراستي لمزاولته في الظروف الصعبة وحان وقته الآن.. قبل عامين عملت على تحضير معداتي بشكل جيد، للبدء بالعمل والآن لدي ورشة خاصة بي، تعمل في تمديد الصحية، وأصبح هذا العمل إلى جانب عملي في المدرسة جيد يؤمن لي مستلزمات أسرتي اليومية من طعام وشراب".

وأضاف: "العمل الخاص يبدو مريحاً لكن اعتماد الشخص على عمل واحد فقط وموسمي لا يؤمن حياة جيدة لأسرته لذلك رأيت أن العمل الآخر خارج أوقات الدوام واجب للتكيف مع الواقع المعيشي المتردي الذي يعشيه سكان المنطقة".

اقرأ أيضا: الأمم المتحدة: 83% من السوريين تحت خط الفقر

وساهم انخفاض قيمة الراتب الشهري للموظفين في القطاع العام في التحاقهم بأعمال أخرى، للتخلص من الظروف المعيشية، في حال توفرت بين أيديهم صنعة أو عمل آخر كانوا قد اكتسبوا مهاراته خلال فترات سابقة، أو توفر بين أيديهم مبلغ مالي جيد للبدء بمشروع خاص، وهذا الأمر مستبعد جداً لموظفين التحقوا بالعمل قبل ثلاثة أعوام، بمرتبات ضعيفة.

بينما عبد الرزاق النعسان وهو موظف في شركة المياه في مدينة مارع بريف حلب، وجد عملاً آخر في بيع المياه للسكان في المدينة، حيث اشترى جراراً وصهريج مياه لتوفير الحياة الكريمة لأسرته، وذلك في قوله لـ "تلفزيون سوريا": "مرتباتنا الشهرية غير قادرة على تأمين حاجيات الأسرة الأساسية بعدما انخفضت قيمتها أمام الدولار الأميركي، ولذلك وجدت عملاً آخر أستطيع من خلاله توفير حياة جيدة لأسرتي".

وأشار إلى أن عمله الخاص موسمي ومع دخول الشتاء لا يستطيع مزاولته لتوفر المياه بشكل جيد لدى السكان.  

وفي مؤسسة أخرى يعمل عمار حاجي عمر الذي كان موظفاً ضمن الكادر الإداري في المشفى الوطني في مدينة اعزاز خلال حديثه إلى موقع "تلفزيون سوريا"، قال: "إن راتبي الشهري يصل إلى 600 ليرة تركية أي لا يتجاوز الـ 71 دولاراً أميركياً، الذي أحصل عليه لم يعد يكفي، وأنا الآن بدأت أبحث عن عمل آخر إلى جانب وظيفتي فأسرتي ارتفع عدد أفرادها بينما انخفضت قيمة الراتب، ولم أستطيع إيجاد فرصة للعمل إلى اللحظة على الرغم من قدرتي على التكيف في مختلف الأعمال والمهن الصعبة". مؤكداً "أن المئات من الموظفين في ريف حلب غير قادرين على تلبية الاحتياجات الأساسية لأسرهم فهم إذ يتعرضون لتحديات كبيرة عائقها وجود العمل دون دخل مالي شهري جيد".

ويحاول العاملون في القطاع العام، البحث عن وسائل بديلة لتلبية النقص المادي لتدبر الأمور المعيشية، في ظروف صعبة للغاية، مما يحد من فرص العمل المتاحة للأشخاص الذين لا يتوفر لديهم عمل، والذي سيساهم في انتشار البطالة في وقت ترتفع فيه نسبة العاطلين عن العمل.

نسب بطالة مروعة في شمال غربي سوريا

أوضح محمد الحلاج مدير فريق منسقو الاستجابة لموقع تلفزيون سوريا أن نسبة العاطلين عن العمل في شمال غربي سوريا من السكان المحليين الذكور تصل إلى 55%، وأما الإناث 86 %، بينما تصل نسبة العاطلين عن العمل من النازحين والمهجرين قسرياً الذكور إلى 81%، و96 % من السكان النازحين الإناث.

وأضاف: "تبدو فرص العمل المتاحة قليلة جداً، ولا تلبي أعداد الأشخاص الذين يبحثون عن عمل في المناطق المحررة، ومن أبرز تلك الأسباب عدم وجود بيئة للعمل، وقد يضطر الباحث عن عمل تغيير عمله لتوفير حاجيات أسرته".

حالة الموظفين الحكوميين السيئة تؤثر على فرص العمل

وعلى الرغم من ندرة فرص العمل فإن العاملين في القطاع العام سيزاحمون العمال الذين لا يتوفر لديهم سوى هذا العمل، الحر الذي يمارسونه، لذلك قد يقلل انخفاض قيمة مرتبات المعلمين من فرص العمل المتوفرة في سوق العمل في المنطقة مما يجعل نسبة العاطلين عن العمل كبيرة جداً.

اقرأ أيضا: طلاب إدلب يستقبلون العام الدراسي في ظل الفقر وكورونا 

 ويضطر الموظفون في مختلف المؤسسات المدنية في ريف حلب، إلى مزاولة أعمال في أوقات خارج الدوام في مهن متنوعة ومختلفة من أبرزها: (البناء، والعتالة، والمحال التجارية كالألبسة والمواد الغذائية، والمطاعم، والمنظمات إذا وجدت) وبعضهم يحاول الانضمام إلى فصائل الجيش الوطني مقابل مرتب شهري قدره 400 ليرة تركية وهذا المبلغ لا يتجاوز الـ 50 دولاراً أميركياً.

فعلياً يعاني الموظفون من ضائقة مادية صعبة شكلت لهم عوائق عدة في تأدية واجباتهم الوظيفية، فالمعلمون لا يستطيعون مزاولة عمل التعليم إن لم يجدوا الراحة والسكينة الجيدة دون الاهتمام بمتطلبات الحياة اليومية التي تواجههم ومن الصعب أن يكون العمل ناجحاً في هذا الظروف وهذا الأمر تختلف نسبته من مؤسسة إلى أخرى، والذي سيساهم في انهيار سوية العمل.