icon
التغطية الحية

شاهدة قبر لسوريا وللعالم ومدفأة حطب لأمي

2022.03.29 | 12:28 دمشق

alr.jpg
+A
حجم الخط
-A

سقطت كرة الثلج في الماء وذابت، ما أعظم الهزيمة حينما يكون القاتل عالماً كاملاً ضاقت جهاته الأربع عليك فخنقتك ثم رفعتك.

قبل أن ينتهي الشتاء أريد مدفأة حطب لأمي وحذاء لصديقي المقعد كي يسبق الزمن فالطريق إلى البيت أصبح معبداً بالألغام.

أسناني تعض قمراً وبصمتي موزعة على حدود الدول، استذأبت و أكلت من لحمي، لأنني لم أجد رغيف خبز وماء ساخنا لأغسل آثار الرماد عن وجهي، بعد أن احترقت البلاد كحطبة.

وأنا أركب السؤال أضعت الطريق عمدا، لذلك أريد شاهدة قبر لسوريا وللعالم ومدفأة حطب لأمي، فالعالم كومة قش وفي جيبي علبة كبريت وريح وغيمة سوداء.

أضعت الطريق عمدا ورأسي تدحرج على طريق البيت منذ زمن، قدمي في الوحل وجسدي تمثال، سألبس قميص والدي وأحرق حقول القمح كي أشم رائحته.

رأسي تدحرج منذ سنين على طريق البيت ولا شيء يمكن إنقاذه. أتنفس هواء الحرب بشهوة وأمسك بقطعة من الحقيقة والحقيقة مجاز! مخيف هذا الغباء، أحس بما هو حي في الحياة أحس بما هو ميت في الحياة، ولست أنا من يمشي فجسدي قتلني ثم عاد كاملا يبحث عن فريسة.

البيت وهم والعالم قاس بما يكفي كي يعلمني ذبح عصفور، وأنا أضعت الطريق عمدا، قدمي في الوحل وجسدي تمثال.

لي حكاية سأرويها لأحد أبنائي، من سيأخذ عني وجع السؤال وسيركل الحقيقة مثل كرة بحجم الأرض.

مدفأة حطب لأمي قبل أن ينتهي الشتاء وقطعة من ثيابي، سرقتها من خزانة أخي لأكون جميلا عندما أعبر الحدود إلى الفضاء فلا أنظر إلى الوراء وأرى البلاد تنتحر كمقاتل ياباني.

بعد كل هذا الموت نعرف الحياة بمرور الصبح في عروقنا كالحمام وبانكسار غيمة في الشتاء

بعد كل هذا الموت يتعرج الصدى في الجسد كالحريق وكأن من مات خلف هذا الستار يشبه وجودنا؟ من التراب إلى عنق السماء نطحن أيامنا لنتعب ونحب أي شيء كي نرحل في النهاية على صفحة الوقت تاركين على المسرح رمادا.

بعد كل هذا الموت نعرف الحياة بمرور الصبح في عروقنا كالحمام وبانكسار غيمة في الشتاء، هكذا كنا نرمم صلاتنا بنظرة في المدى البعيد وحزن خفيف.

الحزن: اختلال في المزاج.. تسارع في دقات القلب ودموع وكلمات تربط العقلي بالجسدي والعقل مجاز، الحزن: معرفة.

هذا حزن.. لحيتي السوداء بثلاث شعرات بيض، الدواء على الطاولة حزن، السيمفونية الأربعون لموتزارت حزن طعم الأرز كما تعده أمي على عجل حزن، ووالدي قتله حزن.

مشرد لكنني أبحث عن الحرية، لا يفزعني اندلاع حرب أو سقوط كوكب، لا أسعى لامتلاك بلد أو هوية، يقول العلم: البرودة نتيجة لغياب الحرارة، والحرب تقول: الوطن نتيجة لغياب الحب، قليل من الحب يكفي لتخدير الحواس.

أريد شاهدة قبر لسوريا وللعالم ومدفأة حطب لأمي من ضلوع البلاد، لكن الخوف هاجمني وأنا أحلم على جناح يمامة فسقطت.

مدمن على الهدم.. أبني ثم أحطم.. أزرع ثم أحرق، لكنني أحس بالمعنى في الفراغ، وأنا أتنفس هواء الحرب بشهوة ورأسي تدحرج على طريق البيت.