icon
التغطية الحية

سوق الهال الجديد في حلب: هيمنة للتجار الجدد على حساب القدامى

2020.10.31 | 04:30 دمشق

alhal.jpg
حلب - خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A

باشر مجلس مدينة حلب التابع للنظام بنقل سوق الهال من موقعه المؤقت في حي الحمدانية إلى الموقع الجديد في أطراف حي العامرية، وذلك بعد الانتهاء من بناء وتجهيز أكثر من نصف عدد محال السوق والتي سيصل عددها إلى 300 محل مع انتهاء الأعمال نهاية العام 2020.

وأبلغ المجلس أصحاب البسطات في سوق الحمدانية والذين لا يملكون محال في السوق الجديد بالانتقال إلى الموقع المحدد لهم في منطقة الراموسة البقعة الواقعة بمحاذاة رحبة آليات مجلس المدينة من الجهة الشرقية، حيث تم تحديد مواقع مع أرقامها لأصحاب هذه البسطات وفق مخطط معد من قبل مديرية الأملاك ومصدق من المكتب التنفيذي لمجلس مدينة حلب وذلك بشكل مؤقت لحين الانتهاء من إجراء المزاد العلني لباقي المقاسم في السوق الجديد.

ومن المفترض أن أعمال الخدمات والمرافق في السوق قد انتهت بالفعل، وتتضمن تجهيز السوق بصرف صحي ومياه، ومنح رخص مولدتين لتغذية السوق بالإنارة ريثما يتم تأمين الكهرباء للمنطقة وبناءً على قرار المكتب التنفيذي لمجلس مدينة حلب رقم /٣٧٦/ لعام ٢٠٢٠ تم إنذار التجار في سوق الحمدانية وعن طريق لجنة سوق الهال بالانتقال إلى محالهم اعتباراً من بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر.

يعتبر سوق الهال في حلب جزءا من التركيبة الحضارية والعمرانية للمدينة القديمة والتي كان يتمركز على أطرافها القريبة، مر السوق بثلاث مراحل غيرت ملامحه العامة، المرحلة الأولى والتي تمتد من العام 1962 وهو تاريخ تأسيسه وحتى منتصف العام 2012 عندما أغلق السوق أبوابه بعد أن أصبحت المنطقة التي يقع فيها السوق منطقة اشتباك مباشر بين المعارضة السورية وقوات النظام، وفي المرحلة الثانية والتي بدأت مطلع العام 2013 نشأ سوق عشوائي في حي الحمدانية كبديل عن سوق الهال القديم، والمرحلة الثالثة بدأت بعد سيطرة النظام على الأحياء الشرقية بحلب نهاية العام 2016 حينها بدأ الحديث عن التأسيس لسوق جديد، ووقع الاختيار لاحقاً على المنطقة الواقعة على أطراف حي العامرية.

السوق القديم

يقع سوق الهال القديم وسط مدينة حلب بالقرب من باب أنطاكية الأثري المؤدي إلى المدينة القديمة، وتحيط به الكلاسة وبستان القصر، ويتاخمه حي المشارقة من الشمال الغربي، وشمالاً تقع ساحة سعد الله الجابري. وبني سوق الهال عام 1962 بمساحة خمسة هكتارات وعدد محاله 162 محلاً، وافتتح المزيد من المحال والأكشاك في السوق خلال العقود الماضية، وكان سوق الهال في حلب مركزاً تجارياً مهماً لتجارة الخضار والفاكهة والمحاصيل الزراعية بشكل عام وتأتيه المنتجات من مختلف مناطق الشمال السوري ويصدرها إلى مناطق سورية مختلفة، ويصدر السوق المنتجات إلى دول الجوار.

وبعد تحول سوق الهال القديم الى منطقة اشتباك بين المعارضة والنظام حول الأخير العدد الأكبر من مبانيه إلى مقرات عسكرية ما تسبب بتضرر جزء واسع من البنى التحتية والعمرانية في السوق، ومع خروج المعارضة السورية من حلب نهاية العام 2016 سمح مجلس المدينة لتجار السوق بإعادة افتتاح محالهم في السوق القديم لكن القرار ألغي بعد فترة قصيرة، ومنع التجار من العودة لأن المجلس قرر ضم السوق إلى مشروع التجميل العقاري الذي أعدته وزارة السياحة لاحقاً، وعرضه فيما بعد في حلب وزير السياحة في ذلك الحين، بشر يازجي خلال زيارة لوفد من حكومة "عماد خميس" إلى حلب نهاية العام 2018.

سوق الهال القديم بحلب.jpg
سوق الهال القديم في حلب

وقالت عدة مصادر لموقع "تلفزيون سوريا"، إن تجار وأصحاب محال سوق الهال القديم قاموا في شهر نيسان/أبريل من العام 2017 بتقديم كتاب لرئاسة مجلس الوزراء برفض ما تم إقراره بشكل مفاجئ من قبل مجلس مدينة حلب بالتريث في أعمال صيانة سوق الهال ومنعهم من العودة، وبحسب المصادر، طالب التجار في كتابهم "السماح للتجار بالعودة إلى محالهم ومزاولة مهنتهم".

وأوضحت المصادر أن "سبب القرار بالتمهل والبحث عن مكان آخر للسوق هو تمهيد لتنفيذ مشروع استملاكي للمنطقة"، وأشارت المصادر إلى أن التجار ذكروا في كتابهم بأن "الموقع الحالي غير مستملك ومشروع تجميل المدينة هو مشروع مستقبلي"، وأضاف التجار في كتابهم أنه "عندما يتم استملاك البقعة التي فيها سوق الهال ودفع القيمة الاستملاكية لمحالنا وتعويضنا وفق الأنظمة والقوانين فإننا مستعدون للانتقال ومزاولة المهنة في المكان الجديد".

خسر العدد الأكبر من تجار سوق الهال القدامى عملهم الذي توارثوه عن آبائهم، والمؤكد أنهم لن يحصلوا جميعاً على دكاكين في السوق الجديد قرب العامرية، إذ ستكون الحصة الأكبر للتجار الذين تدعمهم الميليشيات والفروع الأمنية، أي الوجوه الجديدة التي شغلت مختلف القطاعات الحيوية في حلب مؤخراً. لم يخسر تجار السوق القدامى عملهم فقط، إنما دكاكينهم القديمة باتت مهددة بالإزالة، والإشغال التراثي. ووفق مخططات مجلس المدينة ووزارة السياحة فإن المنطقة التي يقع فيها السوق القديم مشمولة بخطة تطوير الوسط التجاري ومن المفترض أن تضم لاحقاً مشاريع سياحية (مطاعم وفنادق وصالات مغلقة ووسائل ترفيه ومراكز تسوق).

سوق الحمدانية

افتتح سوق هال مؤقت في حي الحمدانية غربي حلب مطلع العام 2013، وعدد قليل من تجار السوق القديم وجد موطئ قدم له في السوق الجديد إذ إن السيطرة المطلقة هناك للتجار الجدد الذين تدعمهم ميليشيات تابعة للنظام وآخرين محسوبين على الفروع الأمنية.

سوق الهال السابق في حي الحمدانية.jpg
سوق الهال القديم في حي الحمدانية

ومنذ انتقال سوق الهال إلى حي الحمدانية شهد الحي صدامات بين الأهالي وبين تجار وعمال سوق الهال، هذا بالإضافة لإشغال التجار والعمال الطرق والأرصفة، فالنسبة الأكبر من تجار سوق الحمدانية من "الشبيحة" ولا أحد من الأهالي يمكن أن يتخذ أي إجراء ضدهم، وبسبب الشكاوى المتزايدة من أهالي الحمدانية، قرر مجلس مدينة حلب في أواخر العام 2018، نقل السوق إلى حي مساكن هنانو، أقصى شرقي حلب. لكن مجلس المدينة عاد وقرر نقله إلى أطراف حي العامرية، أي بالقرب من الأحياء الغربية.

سوق العامرية

تبلغ مساحة الأرض المخصصة كموقع لسوق الهال المجاور لحي العامرية 3,5 هكتارات، وهي تستوعب نحو 300 محل. وكان من المفترض أن ينتهي العمل على تجهيز السوق في غضون 6 أشهر، بحسب إعلان المجلس في العام 2018.

مصادر من سوق الهال قالت لموقع "تلفزيون سوريا"، بعد مضي عامين تقريباً على وعود المجلس أنجز العمل على السوق، محال من التوتياء (الصفيح) والخدمات المقدمة في السوق في حدودها الدنيا، ولا توجد كهرباء، والمواصلات إلى السوق غير مؤمنة حتى الآن، والموقع بعيد عن قلب المدينة والأحياء المأهولة.

وأضافت المصادر، أن "مجلس المدينة أجبر التجار على التعهد الخطي بإخلاء المكان حين الطلب من دون تقديم أي ضمانات تؤمن استعادة أموالهم التي دفعوها مقابل التوتياء التي بنيت بها المحال، وبلغت كلفة المحل في سوق العامرية 3 ملايين ليرة سورية".

وأكثر ما يبدو مزعجاً لتجار سوق الهال، ظاهرة التجار الجدد الذين حازوا على الحصة الأكبر من محال السوق الجديد بالتنسيق مع مجلس المدينة.