icon
التغطية الحية

سوريون في ايرلندا: الوصول الى هنا كربح ورقة يانصيب

2020.11.27 | 19:09 دمشق

image.jpg
آيريش تايمز- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

وصل إلى أيرلندا 160 سورياً بينهم أكثر من 90 طفلاً خلال الأسبوع الماضي ضمن التعهد الذي قطعته الحكومة على نفسها بالترحيب باللاجئين الموجودين في لبنان والأردن.

وكان من المقرر لتلك المجموعة أن تصل إلى أيرلندا مع بداية الصيف بموجب برنامج حماية اللاجئين الأيرلندي إلا أنهم لم يتمكنوا من السفر بسبب القيود المفروضة جراء تفشي فيروس كورونا. ويجري حالياً حجرهم صحياً في فندق بشمال دبلن قبل انتقالهم إلى مراكز الاستقبال العاجل والتكيف في بالاغاديرين في مقاطعة روسكومون وكلونيا ستراند في مقاطعة ووترفورد، حيث سيمضون قرابة أربعة أو خمسة أشهر في تلك المراكز ومنها سينتقلون إلى أماكن وشقق مجهزة مستأجرة في مختلف أنحاء البلاد.

 خطيرة..

وصف جهاد البالغ من العمر 13 عاماً الرحلة إلى أيرلندا بالرائعة، وأخبرنا أنه متحمس للبدء بالدراسة والدوام في المدرسة في أسرع وقت ممكن. فقد هربت أسرة ذلك المراهق من العاصمة السورية دمشق قبل أربع سنوات، فعاشوا في قرية غزي اللبنانية خارج بيروت، إلا أن ذكرياته عن سوريا باهتة، لأنه لا يتذكر منها إلا الفترة العصيبة والخطيرة التي أمضاها فيها.

وجهاد واحد من بين قلائل ضمن هذه المجموعة ممن يجيدون التحدث باللغة الإنكليزية، لكنه لم يتعلمها في المدرسة أو عبر دروس خصوصية، بل تعلمها من ألعاب الفيديو ومشاهدة الأفلام على يوتيوب، وهكذا استطاع جهاد الرد على كل الأسئلة التي وجهت إليه بسهولة وحماسة، حيث قال: "كانت الحياة في غزي صعبة، وكل شيء كان باهظ الثمن، فقد عمل والدي في البناء وعملت أمي مع نساء في تلك المجتمعات، وكنت أرغب بالعودة إلى سوريا، لكن اليوم أريد أن أبقى هنا. فقد أخبرونا بأن أيرلندا تشتهر بالصيد وصيد السمك، وأنا ووالدي نعشق الصيد، ولهذا تعتبر الخيار الأمثل بالنسبة لنا".

وإلى جواره جلس فراس وحسناء وأخذا يلتهمان بنهم غداءهما المؤلف من حساء مع سلطة، ومعهما أولادهما الثلاثة الصغار. فقد غادر هذان الزوجان الشابان سوريا في عام 2014 ثم انتقلا إلى لبنان، ويقول لنا فراس البالغ من العمر 24 عاماً بأن الحياة كانت "صعبة ومعقدة"، إذ كان يعمل بالزراعة إلا أن الوضع الصحي لساقه لم يساعده في الحصول على عمل في لبنان.

ولهذا يخبرنا بواسطة مترجم فيقول: "وبما أن دخلي كان قليلاً للغاية، كان من الصعب علي إعالة أسرتي، إذ لم يكن لدينا سوى الحد الأدنى فقط لنعيش عليه. وحتى اليوم يبدو الأمر وكأننا كنا نعيش في بئر عميق بلا قرار، إذ طيلة سنوات مراهقتي وشبابي كانت الحرب قائمة، وكان أهم شيء بالنسبة لنا هو أن نجد لقمة العيش وأن نتمكن من البقاء على قيد الحياة".

وقبل مغادرة سوريا، كان الزوجان الكرديان يتكلمان بضع كلمات عربية، إلا أنهما واثقان بعد قدرتهما على تعلم العربية خلال السنوات القليلة الماضية من قدرتهما على تعلم الإنكليزية.

وهنا تقول حسناء: "إننا سعداء للغاية لأننا نعيش في ثقافة جديدة، ونرغب بتعلم اللغة في أسرع وقت ممكن، كما أننا سعداء اليوم لأننا ننعم بالأمان هنا، إلى جانب الحماية وبوسعنا أن نرى المستقبل الآن، وذلك لأن الوصول إلى أيرلندا أشبه بربح ورقة يانصيب".

إذ عندما سافر ممثلون عن حكومة بلادنا إلى بيروت في مطلع شهر آذار، كان من المقرر لهم أن يجروا مقابلات مع حوالي 400 شخص من أجل معاينة وضعهم حتى يتمكنوا من السفر إلى أيرلندا مع بداية الصيف، إلا أن تفشي الفيروس علق مشروع إعادة التوطين. وفي نهاية الأمر، وبسبب عدم القدرة على القيام بالمزيد من المقابلات في زمن الجائحة، تم قبول عدد أقل بكثير من العدد المتوقع، بحسب ما ذكرته مديرة المشروع آيبلين بيرن التي قالت: "إننا ندرك تماماً مدى صعوبة الوضع بالنسبة لهؤلاء الناس، لا سيما بعد الانفجار الذي وقع في بيروت، ولهذا اختارت الحكومة اللاجئين بموجب معايير تتصل بمدى ضعفهم، إذ إن نسبة التعرض للأخطار كبيرة بالنسبة لهؤلاء الأشخاص، وهنالك نساء عازبات وأطفال صغار يعيشون في الشوارع أيضاً، وكلما طالت فترة تركنا لهم صار الوضع أخطر".

وتخبرنا السيدة بيرن بأنها تود لو تأتي بالمزيد من هؤلاء الناس إلى أيرلندا بموجب هذا البرنامج ولكن: "بلدنا صغيرة ولهذا أتينا بعدد يمكننا التعامل معه وإدارته، فالأمر ليس مجرد أن نأتي بهم إلى هنا، بل إن الأمر يتصل بدعمهم ودمجهم".

فالهدف هو تأمين سكن لهؤلاء الناس في مختلف أنحاء البلاد دون أن يتم إغراق مجتمع واحد بهم، ولهذا تقوم السيدة بيرن: "لا نريد أحياء معزولة مخصصة للاجئين، بل نريد اندماجاً حقيقياً".

وتعتقد السيدة بيرن بأن الجائحة أعطت الشارع الأيرلندي لمحة عما عاناه اللاجئون كونها علمتهم: "ماذا يعني أن تكون ضعيفاً وعرضة للخطر وماذا يعني أن يكون المستقبل أمامك مجهولاً".

واصلون

قامت المنظمة الدولية للهجرة بجدولة رحلات السفر التي حملت أغلب الواصلين الجدد من بيروت يوم الخميس الماضي، كما أجرت عمليات تقييم طبية قبل المغادرة إلى جانب مواصلة تقديم الدعم لهم خلال فترة الحجر التي تمتد لأسبوعين، حيث تم إجراء فحص كورونا لتلك المجموعة قبل أن تسافر إلى أيرلندا، كما أجري لهم فحص آخر خلال هذا الأسبوع.

هذا ولقد أشادت لاليني فيراسامي رئيسة البعثة الأيرلندية لدى المنظمة الدولية للهجرة بالحكومة على دعمها لهذا المخطط وحذرت من أي انتقادات محتملة من قبل الشارع الأيرلندي حيال قبول اللاجئين في زمن الكورونا، وذلك عندما قالت: "هؤلاء الناس لم يحملوا معهم المرض إلى هنا، فكوفيد-19 منتشر في كل مكان بالأساس، ويتجاوز الحدود المحلية. ثم إن الأمر ذاته يتكرر دوماً مع كل صراع، إذ هنالك قصص تدور حول المهاجرين الذين حملوا معهم المرض سواء أكان الكوليرا أو كوفيد، إلا أننا قمنا باتخاذ جميع الإجراءات للحد من إمكانية نقل المرض وحتى يجري الأمر بشكل آمن".

أما الطبيبة مارغريت فيتزجيرالد التي تترأس قسم الصحة العامة في مشافي الدولة بالنسبة للمجموعات المستضعفة، فترى بأنه لم يتم منع أي لاجئ سوري تم قبوله بموجب هذا البرنامج لأسباب طبية وبأنه لا يمكن قبول دخول أيرلندا من قبل أي شخص أجري له فحص كوفيد وأتت النتيجة إيجابية وذلك قبل موعد السفر خلال الأسبوع الماضي، وأكدت بأن ذلك لن يتم حتى في موعد لاحق.

وبخصوص من يخضعون الآن للحجر الصحي في دبلن فإنه سيتم تقييم وضعهم ودعمهم من قبل ممرضين وأطباء ينتمون لجمعية سيفتاينت الخيرية المختصة بتقديم الرعاية الأساسية وذلك حتى لا يزيد ذلك من الأعباء الملقاة على عاتق الأطباء العامين في روسكومون ووترفورد كما ذكرت تلك الطبيبة. وأضافت بأنه لا بد من التركيز هنا أيضاً على الدعم لفترة أطول فيما يتصل بالصحة العقلية إلى جانب دعم المقدرات والمهارات اللغوية.

المصدر: آيريش تايمز