icon
التغطية الحية

سوريا والشرق الأوسط والغرب.. ما رأي الأتراك بشؤون وسياسات بلادهم الخارجية؟

2021.07.09 | 15:57 دمشق

erdogan.jpg
إسطنبول - صالح عكيدي
+A
حجم الخط
-A

بعد تعسر المفاوضات المؤدية للوجهة الغربية الأوروبية التي سعى إليها الأتراك منذ تأسيس الجمهورية الحديثة، بدأت الحكومة التركية -خلال العقد والنصف الأخير- بالالتفات شرقا للبحث عن بدائل. ولربما حملت "الدقيقة" الشهيرة التي اعترض فيها أردوغان على شمعون بيريز في دافوس عام 2009 أولى الدلالات الواضحة على هذه الانعطافة إلى الشرق.

 تزامناً مع صعود دورها الإقليمي والدولي، شهدت السياسات الخارجية التركية منذ ذلك الحين عدة نقلات نوعية، أعادت رسم تموضع تركيا في خريطة التوازنات الدولية، عبر سياسة مبادرة لدول الجوار ودول الشرق كروسيا ودول البلقان ودول الشرق الأوسط، على حساب علاقاتها مع المعسكر الغربي.

شعبيا، زاد هذا التوسع على مستوى العلاقات الخارجية من أزمة الانتماء التي طالما سببت ارتباكاً لدى الأتراك. فبلادهم شرقية بما يكفي لاستبعاد انتمائها الغربي، وغربية بما يكفي لاستبعاد شرقيتها.

بعد مضي أكثر من عقد من الزمن على التغيرات في السياسات الخارجية التركية، أين يرى الأتراك أنفسهم اليوم؟ وما رأيهم بسياسات حكومتهم الخارجية؟ وما مدى اطلاعهم واهتمامهم بأهم ملفاتها -ومنها الملف السوري؟

أجاب عن هذه التساؤلات استبيان قام به فريق "الدراسات التركية" في جامعة "قادر هاس" -إحدى الجامعات التركية البحثية العريقة في حزيران 2021، تحت عنوان "الرأي العام اتجاه السياسات الخارجية التركية".

أجرى القائمون على الدراسة مقابلات مع ألف شخص نصفهم من الذكور ونصفهم من الإناث، وجميعهم فوق الـ 18 عاماً ويعيشون في 26 ولاية، 28% منهم في ولاية إسطنبول التي تضم العدد الأكبر من السوريين مقارنة بباقي الولايات.

انقسام الانتماء بين الشرق والغرب

يرى غالبية الشعب التركي، أن الاتحاد الأوروبي الجهة الأكثر ملائمة لانتماء تركيا، وذلك بنسبة 40.6% من مجيبي الاستبيان. مقابل 19.9% يعتبرون تركيا بلدا ذا مزايا خاصة مستقلة عن أي تكتل، بينما اعتبر 17% من الأتراك أن تركيا تنتمي للشرق الأوسط.

وفي هذا الصدد، تبلغ نسبة الأتراك المؤيدين لعضوية الاتحاد الأوروبي المحتملة -حسب التقرير نفسه- الـ 59.3%، إلا أن نسبة المؤمنين بقدرة تركيا على الحصول على هذه العضوية تنخفض لنسبة 44.7%.

رغم ذلك تؤيد الأغلبية استمرار مفاوضات الانضمام بنسبة 55.2%، لأسباب اقتصادية. وحين الحديث عن بديل لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، فالخيار الأكثر شعبية بين الأتراك هو التعاون الاستراتيجي مع روسيا، بنسبة 28.6%.

الإلمام بالملفات الخارجية وتأييد السياسة الخارجية

طرح الاستبيان سؤالاً على العينة الممثلة للشعب التركي عن معرفتهم بكلمات مفتاحية لأبرز ملفات الخارجية التركية، مثل "إدلب" التي أجاب 31.8% منهم أنها مدينة سورية، بينما قال 59% منهم أنهم لم يسمعوا بها.

 

يلايب.jpg

 

أما بالنسبة لـ "حزب الاتحاد الديمقراطي - PYD" إذ لم يسمع به 59.2% من المجيبين. ولا يختلف الوضع بالنسبة لطائرات "F-35" الأميركية، وصواريخ "S-400" الروسية - ذوات الرمزية العالية في علاقات تركيا مع القوتين العظميين - إذ صرح أكثر من 60% من المجيبين أنهم لم يسمعوا بهما من قبل.

رغم ذلك لا يتحفّظ الأتراك على سياسات حكومتهم، إذ تؤيد الغالبية العظمى سياسات رئاسة الجمهورية التركية الخارجية بنسبة عالية -مقارنة بالتأييد للسياسات الداخلية- إذ بلغت في عام 2021 الـ 44.7% حسب الاستبيان. أما نسبة المعارضة فلم تتجاوز الـ 19%، أما البقية فلم يجدوها لا ناجحة ولا فاشلة.

الأصدقاء والأعداء

حين سأل الاستبيان المجيبين عن الدول الصديقة لتركيا، تصدرت أذربيجان قائمة الدول الصديقة، تليها "قبرص الشمالية التركية"، وثالثا الدولة الجارة جورجيا، وحل في المرتبة الرابعة دولة أوزبكستان في وسط آسيا -ذات الأصول التركية، ثم جاء بعدها باكستان خامسا -إذ تمتد العلاقات التاريخية بين البلدين للدولة العثمانية، وفي المرتبة السادسة جاءت روسيا.

أما عربياً، فقد احتلت قطر المركز الأعلى في القائمة، بترتيبها العاشر. وكان ترتيب سوريا الـ 14 ضمن قائمة الأصدقاء.

 

sdfgsdgsd.png
قائمة الدول الصديقة

 

 

أما في قائمة الدول التي تشكل تهديدا لتركيا، من منظور الشعب التركي، فجاءت الولايات المتحدة الأميركية على رأس القائمة، يليها في الترتيب: إسرائيل، أرمينيا، اليونان، فرنسا، بريطانيا، ثم العراق وإيران.

وحلت سوريا في المرتبة الـ 10 في القائمة نفسها.

 

Picture2.png
قائمة الدول العدوة

 

 

انخفاض نسبة المعارضين لوجود السوريين في تركيا

أما في الملف السوري، والذي يعتبر الأهم لتأثيره الكبير والمباشر على تركيا، فاعتبر 35% من المجيبين أن سياسات بلدهم ناجحة، و28% اعتبرها فاشلة، بينما لم يعتبرها 37% ناجحةً أو فاشلة.

وفي هذا الصدد، يرى 43.6% أن على حكومتهم أن تلتزم الحياد وتتبع سياسة النأي بالنفس في الشأن السوري، في حين يطالب 20% بمقاطعة ومعاقبة النظام السوري أسوة بالمجتمع الدولي.

وفي خصوص التواصل الرسمي مع النظام السوري لتباحث مستقبل سوريا، فيعارض 37.3% ذلك، ويؤيده 27.7 % منهم، أما الـ 35% فلم يكن عندهم فكرة عن الموضوع.

 

fgsdfgs.jpg

 

وفي الجزئية الأهم في الملف السوري بالنسبة للأتراك، ألا وهي اللاجئون، الذين يتجاوز عددهم 3.5 ملايين شخص، فنسبة غير الممنونين من وجودهم في تركيا تبلغ 46.8%، مقابل 22.6% ممنونين من وجود اللاجئين السوريين، وما يقارب الـ 30% محايدة في هذا الشأن.

 

بلايب.jpg

 

ومن الجدير بالذكر أن نسبة غير الممنونين من وجود السوريين انخفضت بشكل ملحوظ بعد أن كانت 67.7% في عام 2019.

ويتصدر أسباب عدم الامتنان تجاه السوريين، "منافستهم على سوق العمل باليد العاملة الرخيصة"، تليها "الاختلافات الثقافية".

رغم ذلك يظن معظم الأتراك أن السوريين باقون في تركيا إذ لن يعودوا لبلادهم، ولن يتم إرسالهم أيضا، وذلك بنسبة تجاوزت الـ 65%.

الشرق الأوسط

يعتبر الصراع العربي-الإسرائيلي ملف الشرق الأوسط الأقدم والأهم من منظور السياسات الدولية.

ويرى الجزء الأكبر (39.1%) أنه على تركيا أن تكون وسيطاً محايداً في هذا الصراع، أما من منظور 27.6% منهم فيجب على تركيا ألا تكون جزءاً من المشكلة. وبينما يدعم 18.6% تأييد تركيا للعرب، يدعم 14.7% تأييد تركيا لإسرائيل.

ويعارض 34.4% تطبيع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل في حين يؤيدها 26.6%.

أخيرا، وبالنسبة لتطبيع العلاقات مع الدول العربية التي احتد الخلاف بينها وبين تركيا في السنوات الأخيرة: (مصر والسعودية والإمارات)، فنسب الأتراك تتشابه باختلافات طفيفة، لكن على العموم يؤيد ما يقارب ثلثهم التطبيع، ويعارض ثلثهم التطبيع، ولا فكرة للثلث الأخير.