سوريا والانتخابات الأميركية..آمال معلقة

2020.10.18 | 07:04 دمشق

36286798_303.jpg
+A
حجم الخط
-A

يفصلنا عن الانتخابات الأميركية قرابة أسبوعين. ومثل بقية شعوب الأرض يتابع السوريون هذا الحدث الكبير، بل إن انشغالهم به يفوق باقي المهتمين الأجانب، نظرا للتأثيرات المرتقبة على المسألة السورية التي يبقى حلها رهن اتفاق واشنطن وموسكو قبل كل شيء. ولا عتب إذا بدأ السوريون يحسبون ويخمنون ويضعون السيناريوهات المحتملة في حال فوز أحد المرشحين، الرئيس الحالي دونالد ترامب ومنافسه جو بايدن نائب الرئيس السابق باراك أوباما. ومن دون شك لا يمكن بناء سيناريو صالح من دون أن يتم الأخذ بكل العناصر والمعطيات.

يبقى أهم ما في رصيد ترامب وصفه الشهير لبشار الأسد ب"الحيوان" بعد ارتكاب النظام مجزرة دوما في 7 إبريل/نيسان 2018، وقال الرئيس الأميركي في تغريدة إن "الرئيس الروسي، فلاديميربوتين، وروسيا وإيران يتحملون المسؤولية عن دعم الحيوان الأسد، والثمن سيكون باهظا". وفي تغريدة أخرى، هاجم ترامب سلفه باراك أوباما، وقال: لو أنه التزم بالخطوط الحمراء التي خطها على الرمال لانتهت الكارثة السورية منذ فترة طويلة.. الأسد الحيوان سيصبح شيئا من التاريخ". وتأتي ذروة مواقف ترامب في كتاب بوب وود ورد "خوف"، والذي يكشف أن ترامب طلب من وزير الدفاع السابق جيمس ماتيس اغتيال الأسد بعد الهجوم الكيمياوي على بلدة خان شيخون عام 2017. ونقل الكاتب عن ترامب مخاطبته لماتيس "دعنا نقتله، لنذهب إلى هناك ونقتله حيث هو، دعنا نقتل عددا كبيرا منهم"، فرد ماتيس على ترامب بالموافقة على طلبه، لكن بعد انتهاء المقابلة مع الرئيس أكد الوزير لأحد مساعديه أنه لن ينفذ شيئا مما طلبه ترامب.

أما في ما يخص بايدن فإن السوريين يحملون الكثير من الذكريات السيئة عن المرحلة التي كان فيها نائبا لأوباما الذي لا يختلف سوريان على أنه أحد الذين يتحملون قسطا كبيرا من مسؤولية المأساة التي حلت بالشعب السوري، والتي بدأت بخديعة أوباما وانتهت بالخيانة والتخلي. وتكمن الخديعة في إعطاء السوريين أملا زائفا في عامي 2011 و2012، فهو رفع السقف حين دعا لأول مرة الأسد للتنحي ومغادرة السلطة، كما أعلنت الإدارة الأميركية اتخاذ إجراءات عقابية جديدة ضد النظام، وكان ذلك في 18 آب 2011. واستمر الحال هكذا حتى تراجع أوباما عن الخط الأحمر حين ارتكب الأسد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية في 21 آب 2013.

هناك من يعول على ترامب بأن ينفذ قراره باغتيال الأسد قبل الانتخابات، وبذلك يحدث انقلابا كليا في المشهد، وينقل العملية الانتخابية إلى مستوى آخر.

 هناك من يعول على ترامب بأن ينفذ قراره باغتيال الأسد قبل الانتخابات، وبذلك يحدث انقلابا كليا في المشهد، وينقل العملية الانتخابية إلى مستوى آخر، وإذا لم يحصل ذلك في هذا الوقت، فإن احتمال حصول تغييرات أساسية في موقف ترامب مقارنة بموقفه الراهن لا يبدو كبيرا. ويرى خبراء السياسة الأميركية أن السقف الذي وضعه ترامب للتعامل مع النظام لن يتم التراجع عنه في حال فوزه بولاية ثانية، وخصوصا قانون قيصر الذي بدأ يفعل فعله في حصار النظام وداعميه.

 وفي ما يخص بايدن هناك من يأمل من السوريين أن يكون قد درس جيدا الآثار التي ترتبت على موقف أوباما من القضية السورية وانعكاساتها السلبية على العالم، وأن يكون مستعدا لإحداث تغيير جذري من منطلق أن ذلك يحسب له ويضعه في مصافّ الزعماء التاريخيين لأنه قدم حلا لواحدة من أعقد وأخطر أزمات العالم. ولكن هذا ليس أكثر من أماني وتخمينات بالنظر إلى الدرك المأساوي الذي بلغته المأساة السورية، والتي لا أفق لحلها من دون تحرك أميركي جاد يوفر ضغطا على روسيا بوصفها راعية نظام الأسد. وتناول خبراء أميركيون هذه النقطة في الأيام الأخيرة في معرض استشراف سياسات بايدن تجاه الشرق الأوسط، وسوريا تحديدا، وهناك شبه إجماع على عدم حصول تغيرات كبيرة على السياسات التي أرساها أوباما، مع الأخذ في عين الاعتبار بأن الشخصيات الأساسية في فريق بايدن ترى بأن الحل في سوريا يتطلب تعاونا مع روسيا لإخراج الأسد من السلطة، ولكن هذا يترتب عليه إشراك تركيا، في الوقت الذي يسود فيه الاعتقاد بأن العلاقة بين بايدن وأنقرة لن تكون على ما يرام. وفي جميع الأحوال لا يمكن تجاوز مسألة مهمة، سوف تبقى معلقة وهي مسألة إعادة الإعمار، ولا يتوقع الخبراء أن تقدما كبيرا في السياسة الأميركية سيحصل تجاهها بوجود الأسد سواء فاز أوباما أو بايدن.

والرهان الأكبر يبقى على مسألة حقوق الإنسان التي يوليها الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي اهتماما كبيرا، وثمة تسريبات في الصحافة الأميركية تتحدث بأن يقدم بايدن تنازلات في هذا الميدان، ولكن المسألة ستبقى مرهونة بالسيطرة على المؤسسة التشريعية. وفي حال مالت الكفة لصالح الديموقراطيين ستكون لبايدن حرية تصرف كبيرة، وخصوصا في ما يتعلق بالعلاقة مع إيران، ولكن ليس إلى حد العودة إلى العلاقات المتميزة في أثناء حكم أوباما، أي إن التفاوض على الاتفاق النووي سوف يكون مطروحا من جديد، بحيث يشمل التزام إيران باحترام الأمن الإقليمي بما في ذلك تدخلها في سوريا.