سوريا في مهب التحولات من الدوحة إلى العقبة فالنقب

2022.03.31 | 06:34 دمشق

bshar.jpg
+A
حجم الخط
-A

هناك محاولة لجمع الصف العربي لمواكبة الاتفاق النووي وحرب أوكرانيا. وقد شكل منتدى الدوحة علامة فارقة في المسارات الاستراتيجية على صعيد المنطقة والعالم، إذ يضع لبنة جديدة لمرحلة مقبلة تقوم على مبدأ تعزيز الشراكات الاستراتيجية انطلاقاً من الاستثمار والتعاون الاقتصادي والطاقوي في مجالات النفط والغاز. وقد كان الأهم في ذلك هو استضافة الرئيس الأوكراني في المنتدى والذي تركز موقفه على نقطتين أساسيتين، النقطة الأولى دعوة دول الخليج إلى توفير طويل الأمد للنفط والغاز إلى أوروبا لأن المعركة طويلة. والنقطة الثانية استذكاره لما جرى في حلب ومقارنته بما جرى في ماريوبول وهذا سيكون له تبعات وانعكاسات كثيرة على الموقف العالمي من السياق العسكري الروسي في أوكرانيا.

كل هذه المؤشرات المعطوفة على قمة شرم الشيخ بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، لا تنفصل في سياقاتها، عن قمة العقبة التي عقدت بحضور مصري إماراتي أردني سعودي عراقي. وهي لا تنفصل عن القمة التي عقدت في تل أبيب بحضور وزير الخارجية الأميركي. تسعى هذه القوى الإقليمية إلى الضغط على الأميركيين لوضعهم أمام موقف واضح فهل يكونون إلى جانب حلفائهم التقليديين أم إلى جانب إيران. ولكن هذه القمم الثلاث تقدّم صورة واضحة حول التحول الكبير الذي يعيشه المشرق العربي. تحول لا يبدو بشار الأسد بعيداً عنه، ولكن وفق سياق مختلف يتعلق بالبحث عن دور أو عن استمرارية.

فحركة بشار الأسد باتجاه الإمارات تشير إلى أنه أصبح خارج اللعبة وتأثيراتها فيما هو يريد البحث عن استعادة لهذا الدور، في حين أن الموقف الأميركي لا يزال ثابتاً اتجاهه، ولذلك كان لا بد بالنسبة إليه من القيام بأي حركة بحثاً عن دور أو عن مكان، وذلك يؤشر إلى أنه خارج زوايا الاتفاق. كل المؤشرات تفيد بأن الأسد لا يمكن له أن يكون موجوداً مستقبلاً، فلا يمكن الذهاب إلى مرحلة جديدة في سوريا وهو موجود، لأنها ورقة محروقة غربياً ولا يمكن التعامل معها على الإطلاق بنتيجة ما جرى في سوريا طوال السنوات الماضية. هذا أيضاً سيكون معطوفاً على ضعف في الموقف الروسي بعد حرب أوكرانيا وتداعياتها والأزمات السياسية والديبلوماسية والعسكرية والاقتصادية التي تعانيها موسكو.

فحركة بشار الأسد باتجاه الإمارات تشير إلى أنه أصبح خارج اللعبة وتأثيراتها فيما هو يريد البحث عن استعادة لهذا الدور، في حين أن الموقف الأميركي لا يزال ثابتاً اتجاهه

وبالتالي بقاء الأسد يعني بقاء الأزمة وإطالة أمدها، أما عند بروز أي مؤشرات جدية على التغيير فستكون مرتبطة بخروجه كلياً من المشهد. أي حديث عن المرحلة الجديدة، فستكون المرحلة التي حسم فيها كل ما له علاقة بالوضع الداخلي، أو بالعلاقات العربية أو الإقليمية، ولا سيما العلاقة مع إسرائيل، لأنها ستكون مرحلة تتطلب أدوات جديدة. فهو لم يعد قابلاً للتسويق أو الاستمرار في مرحلة الحلّ.

في هذا الوقت يجري حديث في بعض الكواليس حول الانسحاب العسكري الإيراني من سوريا وانسحاب الميليشيات على صعيد المستوى العسكري المتعارف عليه، وهذا لا يعني خروج إيران ككل أو قضم نفوذها. وكذلك بالنسبة إلى حزب الله الذي يفترض به أن يخرج قواته العسكرية من هناك، يتزامن ذلك مع مباحثات عربية إقليمية حول إمكانية تشكيل قوات عربية وإدخالها إلى سوريا. وهنا لا بد من طرح سؤال حول مصير لبنان، خصوصاً في ظل الهجمة الإيرانية الواضحة باتجاه بيروت، وكأنها محاولة لتكريس الاستثمار والحضور كنوع من انتصار إيراني في لبنان، ولكن هذا غير محسوم حتى الآن، إنما استثمار إيراني بالقدرات لترسيخ الدور والنفوذ. خصوصاً أن أي حضور إيراني لا يمكن أن يكون مرتبطاً بتوافر قدرات مالية من شأنها تحقيق نهضة في المجال الاقتصادي والمالي اللبناني، لذلك فإن ملف لبنان غير محسوم، وهو خاضع للتطورات في المرحلة المقبلة. فالإطار العام للتفاوض الإقليمي، يرتبط بما سيتحقق على صعيد العلاقات السورية الإسرائيلية لاحقاً، والعلاقات السورية العربية، فيما لبنان يتنحى جانباً ويبقى متروكاً بانتظار ارتسام الصورة الكاملة التي ستتحدد وفق موازين القوى التي ستكون قائمة حينها.