icon
التغطية الحية

"سوريا - الحرب السامة".. وثائقي بلجيكي يكشف خفايا جرائم الأسد الكيماوية 

2022.05.22 | 12:29 دمشق

kymawy_alghwtt_2013.jpg
ضحايا الهجوم الكيماوي في غوطة دمشق الشرقية 2013 ـ رويترز
هولندا - أحمد محمود
+A
حجم الخط
-A

يحقق الصحفيان البلجيكيان رودي فرانكس وإنجي فرانكين في واحدة من أعظم جرائم الحرب في العقود الأخيرة وهي "الاستخدام الممنهج" للأسلحة الكيماوية المحظورة من قبل نظام الأسد في سوريا، وذلك في فيلم وثائقي جديد حول سوريا بعنوان "سوريا - الحرب السامة".

وبحسب تقرير لمحطة البث العامة الوطنية البلجيكية "في آر تي" التي ستبث الوثائقي فإن "مدناً مثل الغوطة وحلب وخان شيخون ودوما تعرضت لندوب عميقة من جراء الهجمات بالأسلحة الكيماوية في السنوات الأخيرة"، وتضيف "لكن حتى الآن، لم تتم مقاضاة أي جانٍ أو إدانته".

ويتابع التقرير "تم جمع كثير من الأدلة على مر السنين، لكن السؤال هو: هل ستتحقق العدالة في يوم من الأيام. أم سينجو الجناة بجرائم الحرب وجرائمهم التي ارتكبوها ضد الإنسانية؟ ما هي الأسلحة الكيماوية؟ كيف وبوساطة من تم نشرهم في سوريا ولأي غرض؟ ما هو تأثير ذلك على السكان؟ كيف تم التحقيق في جرائم الحرب تلك؟ كيف تميز الحقيقة عن الباطل والدعاية ومن وراء حرب المعلومات؟ كيف نقبض على الجناة؟ كيف يتعامل العالم مع هذا ... وهل يمكن أن يحدث مرة أخرى؟".

يبحث رودي وإنجي عن إجابات لكل هذه الأسئلة حيث يتحدثون إلى عشرات الشهود والضحايا السوريين إضافة إلى المحققين الدوليين وكبار العلماء والدبلوماسيين والخبراء الذين شاركوا عن كثب في هذه الملفات، وسيتحدث بعضهم للمرة الأولى، ويعطون لمحة عما حدث وراء كواليس التحقيق أو يكشفون عن كيفية عملهم.

ويقول رودي فرانكس: "سوريا كانت من نواح كثيرة سيناريو للطريقة التي تشن بها روسيا الحرب في أوكرانيا اليوم. في سوريا، رسم العالم خطاً أحمر للأسلحة الكيماوية، لكن الكلمات وحدها لا تترك أي أثر يذكر على مجرمي الحرب".

بدورها، قالت إنجي فرانكن: "لم يحدث قط عمل أو رد فعل دولي حاد بعد الهجمات الكيماوية في سوريا، رغم أن هناك الكثير من الأدلة المطروحة على الطاولة لكن يبدو أنه لا توجد إرادة سياسية لذلك بالتزامن مع كلفة باهظة للضحايا".

الخط الأحمر في سوريا

وعرض موقع آر تي في بعض من مقتطفات الوثائقي حيث ستكون الحلقة الأولى بعنوان "الخط الأحمر" حرب كيماوية جديدة: ماذا يفعل العالم؟

ويقول خبير سويدي في الأسلحة الكيماوية آكي سيلستروم  "لم يشك أحد في وقوع هجوم كيماوي، ولا حتى السوريون والروس. كانت لدينا كل الأدلة على جريمة القتل الجماعي هذه وجرائم الحرب، لكن لم يُسمح لنا بالإشارة إلى الجاني".

وبحسب مقتطفات الحلقة الأولى فإن الانتفاضة في سوريا خلال الربيع العربي تحولت إلى حرب دموية وفقد رئيس النظام بشار الأسد السيطرة على البلاد ونظامه لديه ترسانة كبيرة من الأسلحة الكيماوية، لكن من الواضح أن هذا الرهان سيتجاوز الخط الأحمر ، كما حذر الرئيس الأميركي باراك أوباما!.

ومع ذلك، هذا ما سيفعله الأسد من دون أن يرف له جفن، ففي أغسطس 2013، انتشرت صور في العالم لهجوم كيماوي في الغوطة حيث قتل أكثر من ألف شخص، وشعر المجتمع الدولي بالصدمة والغضب، ولكنه منقسم أيضاً.

الأسد ينفي بشدة، في حين تهدد الولايات المتحدة بالتدخل عسكرياً، لكن في النهاية يتم التوصل إلى اتفاق دبلوماسي.

بالإضافة إلى الأطباء السوريين وشهود العيان على الهجمات الكيماوية، تحدث إنجي ورودي في هذه الحلقة مع بن رودس مستشار باراك أوباما الذي سيحضر للرد العسكري الانتقامي إضافة إلى أوكي سيلستروم، خبير الأسلحة الكيماوية السويدي الذي يقود تحقيق الأمم المتحدة في الهجوم على الغوطة ودومينيك أنيلي خبير الأسلحة الفرنسي المسؤول عن كشف وتدمير الأسلحة الكيماوية السورية على الأرض والهولندية سيجريد كاغ التي كانت تقود المهمة كمفاوض لنزع السلاح الكيماوي السوري.

"البصمة الكيماوية"

أما الحلقة الثانية فكانت بعنوان "البصمة الكيماوية.. جرائم حرب غير مرئية ببصمة الجاني"، ويقول الدبلوماسي وأحد المحققين في الهجوم الكيماوي خان شيخون إدمون موليت في تلك الحلقة "الروس كانوا مهتمين جداً بتحقيقنا.. في أول يوم لي، كان لدي دبلوماسي روسي في مكتبي. قال لي: لا تأخذ هذا على محمل شخصي، لكننا سندمركم".

في نهاية عام 2014، تم تدمير ترسانة سوريا المعلنة من الأسلحة الكيماوية، لكن هذا لا يمنع النظام السوري من استخدام منتج منزلي مثل الكلور كسلاح كيماوي.

لم تثبت عملية تدمير الترسانة الكيماوية السورية نجاحاً حيث عاد النظام وهاجم مرة أخرى بغاز الأعصاب المحظور سارين وقام بنفي ذلك.

ويتحدث إنجي ورودي مع شهود عيان وخبراء وباحثين مثل توبياس شنايدر، المحلل والباحث في استراتيجية الأسد الحربية وستيفان موغل الكيماوي السويسري ورئيس آلية التحقيق المشتركة بين منظمة حظر الأسلحة الكيماوية والأمم المتحدة الذي قدم خلال الوثائقي أدلة علمية لا يمكن دحضها.

كما تحدثا مع كريستيان تريبيرت وهو باحث استقصائي في المصادر المفتوحة في موقع "Bellingcat" البحثي الاستقصائي إضافة إلى إدمون موليت دبلوماسي تم تكليفه بمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية / الأمم المتحدة لتحديد هوية مرتكب الهجوم الكيماوي في خان شيخون.

حرب الدعاية والطريق إلى العدالة

وفي الحلقة الثالثة وهي بعنوان "حرب الدعاية والطريق إلى العدالة" تقول المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة "يجب أن تمهد الدعاوى القضائية الوطنية الطريق أمام محكمة دولية كانت لدينا قائمة بالجناة، لكن كان لا بد من إبقائها سرية، ولم يتم فعل أي شيء حيال ذلك بسبب الافتقار إلى الإرادة السياسية".

وستتحدث الحلقة الثالثة عن الهجمات الكيماوية التي لم تتوقف وبأن الجاني الرئيسي معروف، لكن روسيا تؤجل ذلك فآلة الدعاية الروسية لها هدف واحد واضح: تقويض صدقية المعارضين من خلال زرع الشك إضافة إلى الفيتو الروسي الذي يحبط أي محاولة للبحث عن الحقيقة.

وبالرغم من فشل المجتمع الدولي في تحقيق العدالة من خلال المحاكم الخاصة، فإن وراء الكواليس يعمل الشهود والمحامون والخبراء على جمع مزيد من الأدلة وفي الدعاوى القضائية لمعاقبة مجرمي الحرب لأنه طالما لم يحدث ذلك فإن الضحايا وذويهم سيعيشون على الرغم من كل الأدلة "دون إنصاف".

وتحدث رودي وإنجي مع شهود عيان سوريين وعمال إنقاذ من أبرزهم رائد الصالح رئيس منظمة "الخوذ البيضاء"، وهو نفسه هدف لآلة الدعاية الروسية، كما تحدثوا مع البروفيسورة كيت ستاربيرد وهي باحثة في الدعاية والمعلومات المضللة، فيليب دي كريمر، المستشار الأمني البلجيكي السابق لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، ستيف كوستاس، محامي ضحايا هجوم كيماوي، كاثرين مارشي أويل، قاضية الأمم المتحدة في جنيف تحضر لتهم ارتكاب جرائم حرب في سوريا، وكارلا ديل بونتي، المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة التي تريد أيضًا محكمة دولية لسوريا.

وسيعرض "سوريا - الحرب السامة" ابتداء من يوم الثلاثاء 24 مايو على قناتي "كانفاس" و "في آر تي" البلجيكيتين.