icon
التغطية الحية

سوء التغذية يهدد الأطفال شمال غربي سوريا |صور

2021.12.12 | 15:06 دمشق

55555-1.jpg
تلفزيون سوريا - ميس عبد الحميد
+A
حجم الخط
-A

تضاعفت حالات سوء التغذية، وفقر الدم لدى الأطفال، والنساء الحوامل، والمرضعات في سوريا، وخاصة في شمال غربي سوريا، في ظل تراجع مستوى المعيشة، والوضع الاقتصادي المتردي، وغلاء الأسعار، بسبب النزوح، ونقص المواد الغذائية الأساسية الضرورية للنمو، إذ إن العديد من العائلات لا تحصل على هذه الأغذية بشكل مستمر، الأمر الذي يهدد نمو الأطفال، وصحتهم الجسدية، والعقلية.

 

7214d0c3-d193-4699-8a12-1d077a50d470.jpg

 

الثلاثينية تيماء الحاج من قرية كنصفرة التابعة لريف إدلب الجنوبي، تروي لـ موقع تلفزيون سوريا عن تدهور وضعها الصحي في أثناء الحمل، موضحة أنه بعد الهجمات الأخيرة على ريف إدلب الجنوبي اضطرت للعيش مع أسرتها في مخيم للنازحين على الحدود السورية - التركية، وأضافت: منذ أكثر من سنتين كنت في الأشهر الأولى من حملي وبدأت حينئذ أشعر بتعب شديد، ودوار، ووهن عام في جسمي ترافق مع تناقص مستمر في وزني، واصفرار بلون بشرتي، وعند بلوغي الشهر السابع من الحمل لم أعد قادرة على الحركة، فاضطررت لزيارة أقرب مركز طبي في المنطقة، وأجريت بعض التحاليل، والصور اللازمة للاطمئنان على صحة جنيني. فأخبرتني الطبيبة أن حجم الجمجمة والأطراف صغير بعض الشيء بالنسبة لأشهر الحمل، وأضافت الاختصاصية أنني أحتاج لمتابعة أسبوعية لحالتي، وأعطتني بعض الفيتامينات وبعض المكملات الغذائية لتعويض نقص الغذاء في جسمي، وأضافت الحاج أكدت لي الطبيبة ضرورة التزامي بالعلاج، موضحة لي أن الأم بحاجة إلى غذاء متوازن لبناء جسد سليم لجنينها، وعند بلوغي الشهر التاسع، واقتراب موعد الولادة أخبرتني الطبيبة أن وضع الجنين أصبح جيداً، وأن خطر إصابته بسوء التغذية قد زال تقريباً ليصبح أقرب إلى الوضع الطبيعي.

 

 

من جهته أكد الطبيب العام تمام رقية لـ موقع تلفزيون سوريا أن سوء التغذية يؤثر بشكل مباشر على صحة الحامل والجنين بنفس الوقت في أثناء الولادة وبعدها، إذ إن سوء التغذية يعني عدم حصول الطفل أو الجنين على كميات كافية من المغذيات، مثل الفيتامينات والمعادن، كما أضاف رقية أن الأجنة التي تعاني من سوء التغذية تكون عندها فرصة الولادة المبكرة، وفقر الدم، والمضاعفات في أثناء الولادة، بالإضافة إلى الولادة بوزن منخفض أعلى بكثير عن غيرها من الولادات، وهذا يؤدي إلى احتمالية الإصابة بالأمراض بشكل أسرع.

حقوق مسلوبة 

تقوم المنظمات العاملة بالمنطقة بدور فعال بالتوعية الصحية، وبرامج التغذية لدى المراكز الصحية في إنقاذ العديد من الحالات قبل تفاقم المشكلة، إذ تقوم بمتابعة بعض الحالات، وإعطائها الأدوية، والفيتامينات اللازمة، والمتممات الغذائية، ولكن ازدياد الكثافة السكانية في تلك المنطقة، وقلة المراكز الطبية حال دون وصول جميع المرضى إلى هذه المراكز، وتلقي العلاج اللازم.

الطفل سعد من قرية تل عادة التابعة لريف حلب الغربي لم يتمكن من العلاج بسبب عدم توافر المواصلات، وبعد المراكز الصحية، إذ روت والدته لـ موقع تلفزيون سوريا أن ابنها البالغ من العمر ثلاثة أعوام بدأت تظهر عليه أعراض سوء التغذية، فقد أصبح لونه مائلا إلى الصفرة، وهزيل البدن قليل الحركة كما أنه لا يلعب كغيره من الأطفال فهو يشعر بالتعب لأقل مجهود كان يبذله، ويشعر بخمول دائم، وتابعت: "بدأت عظامه تبدو أصغر حجما بسبب البيئة غير الصحية التي كان يعيش فيها، وعدم تعرضه لأشعة الشمس، كما أنه لا يحصل على غذاء صحي متوازن، بسبب الغلاء الذي نعيشه، فغذاؤه خال من الحليب، والبيض اللذين هما أهم عنصرين يوجد فيهما الكالسيوم الضروري لبناء العظام".

 

ffa8ee34-a077-4374-ad94-dcbd5d2b8b1c.jpg

صعوبة الوصول إلى المراكز الصحية

وأضافت "نجد صعوبة بالوصول إلى المراكز الصحية في المناطق المجاورة، لأنها تحتاج إلى الذهاب باكراً، وقد لا نستطيع حجز دور بسبب الازدحام، كما أن وضعنا المادي، وضيق الحال لا يسمح لنا بعرضه على طبيب مختص، وها هو حاله يتراجع ونقف عاجزين عن علاجه".

بدوره أشار الطبيب رقية أن سوء التغذية من الممكن أن يؤثر على القدرات العقلية للطفل لاحقاً، موضحاً أن الأطفال المصابين بسوء التغذية هم أكثر عرضة للإصابة بالعدوى، ولمدة أطول من باقي الأطفال، هذا عدا تأخرهم الدراسي، وضعف الجهاز المناعي لديهم كما أضاف رقية أن سوء التغذية قد يسبب ضغطا، ومرض السكري مع العمر، وأنه قد لا يسبب تشوهات في العظام أو الجمجمة ولكنه يسبب ضعفا فيها. 

انعكاسات نفسية 

ربيع الحسن البالغ من العمر ستة أعوام من قرية التمانعة التابعة لريف إدلب الجنوبي، الذي تم اكتشاف إصابته بسوء التغذية، والتقزم في وقت متأخر، يروي والده في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا أنه بعد العملية العسكرية على مدن وقرى جنوبي إدلب، أُجبرنا على النزوح إلى أماكن متعددة منذ أكثر من تسعة أعوام، إلى أن آل بنا الحال إلى مخيمات الشمال لم نكن نكترث بالعديد من الأمراض والاحتياجات الضرورية لأبنائنا، كغيرهم من الأطفال، بل نكتفي بتأمين مكان آمن لهم، وتابع: لاحظت والدة ربيع أن ابنها كان انطوائياً، ولا يحب الاختلاط مع الأطفال، وعند ذهابها لتسجيله في إحدى المدارس، أدركت أنه قصير القامة بالنسبة للأطفال ممن هم بعمره، وأن هناك فرقا كبيرا في بنيته عن أقرانه، إذ كان يصغرهم حجما مما زاد إصرارها على ضرورة الذهاب إلى الطبيب، واستشارته، وأوضح والد ربيع أنه بعد إجرائه الفحوصات الطبية والصور والتحاليل اللازمة لابنه، تبين أنه كان يعاني من سوء تغذية حاد أدى به إلى التقزم، وقد أكد له الطبيب أن عظامه غير مكتملة النمو وأن جذعه أطول من أطرافه وهذا ما يسمى التقزم غير المتناسب.

 

 

وأضاف والد الطفل أخبرنا الطبيب أن هذه الحالة لها عدة أسباب منها: اضطرابات هرمونية، أو أوجه قصور أخرى، أو سوء التغذية، وأكد لنا ضرورة خضوعه لبرنامج غذائي متكامل قد يحد من تزايد وقف نموه، وأضاف والد ربيع أن سوء الأوضاع المعيشية أدى بنا إلى الاعتماد على محتويات السلة الغذائية فقط، ولم نكن نستطيع تأمين غذاء متكامل لأطفالنا، فهي تحتوي على المواد الأساسية التي لا تكفي للوصول للأمن الغذائي المتكامل الذي يحتاج إليه نمو الطفل بشكل سليم.

إحصائيات غير رسمية

وتعقيبا على حالة الطفل ربيع أكد الطبيب "رقية" أن سوء التغذية قد يؤدي إلى قصر القامة والتقزم، بالأخص إذا كانت شديدة لأنها تؤدي إلى ضعف العظام، وأشار أنه يعاني 52 مليون طفل في العالم دون سن الخامسة من الهزال، و17مليون طفل من الهزال الوخيم، و155 مليون طفل من التقزم، في حين يعاني 41 مليون طفل من فرط الوزن أو السمنة، موضحاً أن علاج سوء التغذية  يكون عن طريق إعطاء الطعام والمغذيات العالية بالطاقة، والمواد اللازمة مثل الفيتامينات، والمعادن بالنسب المناسبة للطفل وعمره، بالإضافة إلى المكملات الغذائية، مع علاج الأمراض المسببة لسوء التغذية إذا كانت موجودة، وأضاف أن هناك عددا من الحالات في الشمال السوري تم علاجها، ولكن هناك حالات لم يتم علاجها بالشكل المناسب.

وتتمثل الأمراض الناتجة عن سوء التغذية بعدة أشكال منها: الهزال (نقص الوزن بالنسبة للطول )، ونقص الوزن (انخفاض الوزن بالنسبة للعمر)، فرط الوزن (السمنة) التقزم (قصر القامة)، الأمر الذي قد لا يلاحظ إلا بعد فوات الأوان

ووثقت منظمة الأمم المتحدة (اليونيسيف) أن حالات سوء التغذية لدى الأطفال، والحوامل، والمرضعات قد ازدادت خلال سنوات الحرب، وخاصة في السنوات الأخيرة تضاعفت ضعفين، وأن ثلثي هذه الحالات يعانون من فقر في الدم بسبب الجوع المستمر ونقص المواد الغذائية. وأضافت أن 34 في المئة من أطفال شمال سوريا أصيبوا بالتقزم بسبب سوء التغذية.