icon
التغطية الحية

سكان الساحل السوري يعودون للتدفئة على "التمز" والمنقل

2021.12.21 | 07:28 دمشق

132966775_110702680919727_369206946441285280_n.jpg
استخدام بقايا الزيتون في التدفئة (فيسبوك)
أنطاكيا - حسام جبلاوي
+A
حجم الخط
-A

قبل سنوات طويلة مضت اعتمد أهالي الساحل السوري على طرق تدفئة بدائية كمنقل التمز (العرجوم) وهي عجو الزيتون المكسر الذي يوضع في منقل ويتم إحراقه مستفيدين من الحرارة الكبيرة التي يعطيها رغم الدخان المنبعث منه، واليوم ومع عودة الحياة للوراء في الساحل عاد العرجوم بعد أن اختفت الكهرباء وارتفع ثمن المازوت فوق قدرة الأهالي، وغاب الحطب.

توضب أم محمد وهي امرأة خمسينية من مدينة جبلة مؤونتها من العرجوم هذا العام في حديقة منزلها، لا تخفي سعادتها وتقول في حديث لموقع "تلفزيون سوريا": "هذا المنقل يذكرني بسنوات طويلة خلت كنا نجتمع في غرفة واحدة مع أخواتي وأمي وأبي نشعل المنقل مع بداية المساء ونتسامر الحديث لم يكن هناك تلفاز أو هاتف منذ أن تزوجت لم نعد نستعمل العرجوم لكننا اليوم نعود له بعد أن عجزنا عن تأمين غيره".

255368374_292614616061865_5708212215267993887_n.jpg
بقايا الزيتون (التمز)

 

القليل من الأجيال الشابة تعرف التمز، لكن هذا العام بات اليوم وسيلة التدفئة الأساسية لسكان الساحل السوري نظرا لسعره المناسب مقارنة بوسائل التدفئة الأخرى.

ويصل سعر كيلو التمز الواحد في اللاذقية إلى 2000 ليرة وتحتاج العائلة إلى ما يقل عن 2 كيلو للتدفئة خلال يوم واحد بحسب الاستخدام وفق ما تؤكده أم محمد إلا أن مشكلته الوحيدة هي الدخان المنبعث منه ورائحته في بداية تشغيله وتضيف على قول المثل الشعبي: "دخان يعمي ولا برد يضني".

وتحتاج كل وجبة تمز إلى بعض أصابع الفحم (البص) أو الفحم الناعم المسمى (الدق) لإشعالها.

كيف يصنع تمز الزيتون؟

وسط حي الدريبة الشعبي في مدينة جبلة (جنوبي اللاذقية) عادت تجارة أبو يحيى الرجل الستيني إلى أوجها بعد أن كان محله ملتقى لاجتماع عجائز الحي.

يبيع أبو يحيى منذ سنوات فحم التدفئة وتمز الزيتون ولم يغير تلك المهنة رغم كساد تجارته طوال السنوات السابقة بفعل ظهور وسائل تدفئة أكثر حداثة.

نشطت تجارة أبو يحيى هذا العام بشكل لافت وبدل عدة "شوالات" من الفحم والتمز كانت بمحله القديم المتواضع بات اليوم موزعا رئيسيا لتجار المدينة.

وعن كيفية صنع التمز قال رضوان وهو عامل في ورشة صغيرة لتصنيع التمز بريف جبلة لموقع تلفزيون سوريا: "في البدء نجلب عجوة الزيتون من المعاصر. حيث تطحن عجوة الزيتون حتى تصبح ناعمةً جداً، ونضيف إليها الماء الساخن ليدخل بأسطوانات تشبه محمصة القهوة. وبعد ذلك تدور الأسطوانات وتظلّ عجوة الزيتون المطحونة في قاع الأسطوانة".

وأضاف: "نقوم بعدئذ بجلب هذه العجوة إلى الورشة ونضعها على الفور في المحمصة كي تجفّ ثمّ نضيف إليها مادة "الكورسيم" حيث تتحول إلى مادة قابلة للاشتعال".

الوسيلة الأرخص:

وحول أسباب عودة أهالي الساحل للعرجوم قال الناشط الإعلامي أبو يوسف جبلاوي لـ "تلفزيون سوريا" إن سعر مدافئ المازوت في اللاذقية وصل أخيرا إلى 300 ألف ليرة بينما الكبيرة يضاهي سعرها مليون ليرة، في حين أن سعر مدافئ الحطب يصل إلى 100 ألف ليرة، ومدفأة الغاز من النوع العادي بـ375 ألف ليرة، والمدفأة الكهربائية (ثلاث شمعات) 160 ألف ليرة.

وأضاف: "هذه الأسعار دفعت الأهالي للبحث عن البديل لا سيما الفقيرة منها، والمتوافر حاليا هو التمز (العرجوم)، فكل ما تحتاج إليه العائلة هو منقل لا تتجاوز كلفته 20 ألف ليرة، كما أن العرجوم يعتبر من أرخص وسائل التدفئة المتوافرة حاليا".

5555555555555555555.jpg

 

حنين الذكريات

يستذكر أبو سعيد (47) عاما كثيرا من فوائد العرجوم إذ "كانت العائلة تجتمع بكاملها حول المنقل وتقوم بوضع ثمار الكستناء والبطاطا الحلوة لشوائها وحتى القهوة والشاي نقوم بوضعها فوق ناره حتى تجهز ببطء.. منقل العرجوم كان يؤمن حالة اجتماعية فريدة من نوعها نفتقدها الآن".

ويضيف: "منقل صغير من العرجوم كفيل بتدفئة صالون بيت كامل ومنظره يبعث على الدفء كما أنه سهل الاستخدام وبالإمكان إشعاله مرة واحدة ثم زيادة كمية العرجوم حتى آخر السهرة".

لكن في الوقت ذاته لاستخدام التمز بعض المخاطر كما يؤكد أبو سعيد وهو غير مناسب للعائلات التي لديها أطفال صغار، كما أن الدخان المنبعث في بداية تشغيله يسبب بعض الأمراض التنفسية.

على وسائل التواصل الاجتماعي بات كثير من أهالي الساحل يتناقلون صورهم هذه الأيام أمام مناقل التمز مرفقين تلك الصور بتعليقات ساخرة يشكون من خلالها حرمانهم من الكهرباء والغاز والمازوت، وعودتهم إلى مناقل التمز متحسرين على أيام العز بوجود الكهرباء والغاز والمازوت.