althania
icon
التغطية الحية

سعر صرف الليرة السورية بعد سقوط الأسد.. عوامل مؤقتة أم بداية لتعافٍ اقتصادي؟

2025.02.06 | 06:13 دمشق

مصرف سوريا المركزي - تلفزيون سوريا
مصرف سوريا المركزي - تلفزيون سوريا
 تلفزيون سوريا ـ خاص
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- بعد سقوط نظام بشار الأسد، شهد الاقتصاد السوري تحديات كبيرة، حيث تأثرت الليرة السورية بانخفاض قيمتها بنسبة 40% بسبب عدم الاستقرار المالي وغياب سلطة نقدية مركزية.

- تسعى الحكومة الانتقالية لتحقيق الاستقرار النقدي عبر إعادة تشغيل المصارف وفرض قيود على المضاربة، لكن العقوبات الدولية تعرقل تدفق الدولار وتبقي الليرة في وضع هش.

- لتحقيق استقرار طويل الأمد، تحتاج الحكومة إلى إصلاحات جذرية في القطاع المصرفي وتعزيز القطاعات الإنتاجية، مع دعم دولي واستثمارات لضمان استقرار العملة.

دخل الاقتصاد السوري مرحلة جديدة تتسم بتحديات جسيمة بعد سقوط نظام بشار الأسد بتاريخ 8 كانون الأول 2024، وبرزت عدة قضايا رئيسية حول الاقتصاد مثل العقوبات المفروضة عليه والاستثمارات وغيره، وكان أحد أبرز معالم هذه المرحلة هو مصير الليرة السورية، التي شهدت تقلبات شديدة نتيجة للمتغيرات السياسية والاقتصادية التي رافقت انهيار النظام القديم وتشكيل الحكومة الانتقالية الجديدة.

ورغم التحسن الطفيف الذي طرأ على قيمة الليرة، لا يزال مستقبلها يثير تساؤلات لدى المواطنين السوريين حول إمكانية استقرارها وقدرتها على استعادة مكانتها كعملة وطنية ذات موثوقية تمتلك كامل شروط النقد مثل قابلية القياس، وسهولة الحمل والتنقل، والقدرة على التقسيم لفئات صغيرة، وعدم التلف بسهولة، وامتلاكها قيمة بحد ذاتها، والقدرة على الادخار بها.

تأثير الأحداث الأخيرة والعوامل الاقتصادية على الليرة السورية

مع سقوط النظام، شهدت الليرة السورية انخفاضاً حاداً في قيمتها، إذ فقدت أكثر من 40% من قيمتها خلال الساعات الأولى بعد الإعلان عن انهيارها؛ فقد بلغ سعر صرفها أمام الدولار نحو 22000 ليرة في حلب، و17000 في دمشق، قبل أن تتعافى تدريجياً إلى 13000 ليرة وفقاً لأسعار مصرف سوريا المركزي، لكن كان لسعر السوق السوداء وضع آخر؛ إذ بدأت بالارتفاع أمام الدولار حتى وصلت إلى ما يقارب 8000 ليرة للدولار الواحد تقريباً.

يرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل أساسية، مثل التخبط الذي سببه انهيار النظام المتسارع وحالة عدم الاستقرار المالي والنقدي خلال هذه الفترة، بجانب التفاوت في أسعار الصرف بشكل مؤقت بين المدن نتيجة لغياب سلطة نقدية مركزية تنظم عمل الأسواق المالية ومكاتب الصرافة والحوالات، والمضاربة على الليرة وغيره.

الليرة السورية، كغيرها من العملات، تخضع لقانون العرض والطلب، إذ يرتفع سعرها عندما يزداد الطلب عليها، وينخفض عند تراجع الطلب، كما أن التحسن خلال الأيام الأخيرة في قيمة الليرة مرتبط بعدة عوامل مؤقتة وبعضها خارجي أدت إلى زيادة الطلب عليها، وليس نتيجة لانتعاش اقتصادي حقيقي أو وتحسن في هيكلية الاقتصاد سواء عبر زيادة الإنتاج أو إصلاح النظام النقدي والمالي.

أحد العوامل الرئيسية في تحسن سعر الليرة هو عودة المغتربين إلى سوريا وضخ كميات كبيرة من العملة الصعبة وتحويلها إلى الليرة للاستخدام المحلي. بالإضافة إلى ذلك، تم تخفيف القيود على التعامل بالعملات الأجنبية، إذ لم يعد التعامل مقتصراً على النظام فحسب مثلما كان سابقاً، بل للمواطنين أيضاً، ما أسهم في توفير سيولة أكبر داخل الأسواق.

من جهة أخرى، الحكومة لديها توجه نحو اقتصاد السوق الحر وهذا النموذج تطبيقه كاملا يحتاج لوقت وهو بطبعه يتم ترك سعر العملة فيه للسوق من دون تدخل الحكومة إلا في الحالات الطارئة. كما أن زيادة نشاط الحركة التجارية وتعزيز النشاط التجاري يسهم في الطلب على العملة وبالتالي ارتقاع قيمتها.

ويوضح الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي في تصريح لموقع تلفزيون سوريا، "أن العوامل الاقتصادية التي تحدد قيمة الليرة السورية في المرحلة الحالية تشمل وجود احتياطي نقدي متنوع في المصرف المركزي، والعرض والطلب المتزايد على الليرة خاصة من قبل التجار الذين بدأوا يقبلون على الليرة مع ارتفاع قيمتها نتيجة التقدم في العملية السياسية".

وأشار أيضاً إلى أن التضخم يلعب دوراً رئيسياً، إذ إن ازدياد معدلاته يؤدي إلى تراجع قيمة العملة. كما أكد أن الميزان التجاري يؤثر بدوره على الليرة، إذ إن الاستيراد يزيد من الطلب على العملات الأجنبية، في حين غياب أسعار فائدة حقيقية يحد من دور الاستثمارات المباشرة في دعم قيمة الليرة".

محاولات الحكومة الانتقالية في العمل على الاستقرار النقدي

مع تشكيل الحكومة الانتقالية، كان لا بد من اتخاذ تدابير فعالة لكبح التدهور الحاد في قيمة الليرة السورية وإعادة بناء الثقة في العملة الوطنية السورية؛ فقد كان أول الإجراءات المتبعة هو إعادة تشغيل المصارف وتفعيل النظام المصرفي، حين تم العمل تدريجياً على إعادة تشغيل أجهزة الصراف الآلي وتنشيط خدمات الدفع الإلكتروني لتقليل الاعتماد على النقد الورقي، مما ساعد في الحد من حالة الفوضى النقدية.

إلى جانب ذلك، قام المصرف المركزي بفرض قيود صارمة على المضاربة بالليرة، متخذاً إجراءات مثل تحديد سقوف السحب النقدي اليومي ومنع التداول غير الرسمي للعملات الأجنبية، وذلك للحد من تلاعب الأسواق السوداء في سعر الصرف. ولتعزيز الاستقرار النقدي، سعت الحكومة إلى بدء المحادثات حول إبرام اتفاقيات اقتصادية مع دول داعمة مثل تركيا وقطر، بهدف ضخ استثمارات جديدة واستعادة تدفقات الدولار إلى الأسواق السورية مستقبلاً، مما منح الليرة نوعاً من الاستقرار النسبي، واتخاذ إجراءات أخرى مثل لجوء الحكومة السورية إلى استراتيجية تسمى بحبس السيولة كإجراء نقدي يهدف إلى تقليل كمية الأموال المتداولة، وذلك عبر تقييد السحب النقدي من البنوك، ورفع كلفة الحصول على السيولة، وتشديد الرقابة على التعاملات المالية. الفكرة الأساسية وراء هذه السياسة هي تقليل الطلب على الدولار، وبالتالي إبطاء تدهور سعر الصرف، إضافة إلى محاولة كبح التضخم من خلال الحد من الإنفاق والاستهلاك.

دور العامل النفسي في استقرار الليرة

من العوامل المؤثرة بشكل كبير في تحسن الليرة هو العامل النفسي، إذ إن التفاؤل بمستقبل اقتصادي مستقر، وبدء عمليات إعادة الإعمار، ورفع العقوبات الاقتصادية جزئياً، كلها عوامل عززت الثقة في العملة الوطنية.

كما أن زيارة الوفود الرسمية والقادة الدوليين، مثل أمير قطر، إلى سوريا عززت هذا التفاؤل، فقد اعتبرت مؤشراً على اقتراب المجتمع الدولي من الاعتراف بالحكومة الجديدة. وقد انعكس ذلك مباشرة على سعر الصرف، إذ ارتفعت قيمة الليرة بنسبة 10% بعد هذه الزيارة بشكل مباشر.

في هذا الإطار يقول الباحث الاقتصادي خالد تركاوي إن " العامل النفسي يلعب دورا بشكل كبير عبر زيادة الثقة بالليرة والعملة والاقتصاد وبإجراءات الحكومة، وهذا يشابه تأثر العملات الأجنبية بتصريحات المسؤولين الأجانب في بلدانهم".

العقوبات الدولية وتأثيرها على الليرة السورية

لا تزال العقوبات الدولية المفروضة على سوريا تُلقي بظلالها الثقيلة على الاقتصاد الوطني، خاصةً فيما يتعلق بمستقبل الليرة السورية واستقرارها. فمنذ سقوط النظام، لم يتم رفع العقوبات كلياً، بل تم تخفيفها جزئياً من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فقد سمحت وزارة الخزانة الأميركية بإجراء بعض التحويلات المالية والمعاملات التجارية ذات الطابع الإنساني، كما تم منح بعض الاستثناءات المحدودة لتسهيل عمليات إعادة الإعمار.

ومع ذلك، لم ينعكس هذا التخفيف بشكل جوهري على استقرار الليرة، إذ لا تزال هذه العقوبات تعرقل تدفق الدولار إلى السوق السورية، مما يؤدي إلى ضعف احتياطي النقد الأجنبي لدى المصرف المركزي، ويؤثر بشكل مباشر على قدرة الحكومة على التدخل في أسواق الصرف. كما أن استمرار القيود المفروضة على الاستثمارات الأجنبية يبقي الاقتصاد السوري في حالة من الركود، مما يقلل من الطلب على الليرة ويضعف قدرتها الشرائية.

وفي حديثه لموقع تلفزيون سوريا، أوضح الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي "أن تخفيف العقوبات قد يساعد في تحسين قيمة الليرة من خلال زيادة تدفق العملات الأجنبية، لكنه لا يكفي وحده لتحقيق استقرار دائم". وأشار إلى "أن تأثير هذه العقوبات على الاقتصاد السوري يتمثل في الحد من قدرة الحكومة على جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة الصادرات، مما يُبقي الليرة في وضع هش. وشدد على أن الحل الأمثل هو تنفيذ إصلاحات اقتصادية متوازنة تركز على تقليل الاعتماد على الواردات، وتشجيع الإنتاج المحلي، ودعم الصادرات، بالإضافة إلى تحسين السياسة النقدية لضمان تحكم أفضل في تدفق الأموال".

ويمكن أن يحقق رفع العقوبات بشكل كامل أو توسيع نطاق الاستثناءات تحسناً جوهرياً في قيمة الليرة، إذ من شأنه تسهيل تدفق رؤوس الأموال، واستقطاب المستثمرين، ورفع حجم التحويلات الخارجية التي يعتمد عليها السوريون كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي. وحتى ذلك الحين، ستظل الليرة السورية تحت ضغوط التقلبات، وسيظل استقرارها مرهوناً بمدى قدرة الحكومة على تحقيق تقدم في الملف السياسي والدبلوماسي لضمان تخفيف أكبر لهذه العقوبات.

خيارات الحكومة لضمان استقرار الليرة السورية

في ظل التحديات الراهنة، لا يمكن الاعتماد فقط على الإجراءات الطارئة لاستقرار الليرة. هناك حاجة إلى إصلاحات جذرية في النظام النقدي لضمان استقرار العملة على المدى الطويل. ويتطلب ذلك اتخاذ مجموعة من التدابير الشاملة التي تشمل:

أولاً، يحتاج القطاع المصرفي حالياً إلى إعادة هيكلة شاملة لاستعادة ثقة المواطنين والمستثمرين، وهو ما يتطلب تعزيز الحوكمة المالية، وتطبيق سياسات نقدية أكثر شفافية، وجذب ودائع جديدة للمصارف لضمان استقرار السيولة المالية.

ثانياً، لا يمكن أن تتحسن الليرة من دون دعم قوي للاقتصاد الحقيقي، ولذلك يجب إعطاء الأولوية لتعزيز القطاعات الإنتاجية مثل الزراعة والصناعة التحويلية، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الاستيراد، ورفع مستوى الصادرات التي تدر النقد الأجنبي.

ثالثاً، تنويع مصادر النقد الأجنبي هو عنصر أساسي لاستقرار سعر الصرف. ويتطلب ذلك تطوير قطاع السياحة، وزيادة حجم الصادرات السورية، وتحفيز المغتربين السوريين على تحويل أموالهم إلى الداخل من خلال توفير حوافز مصرفية وضمانات مالية جاذبة.

رابعاً، قد يكون إصدار عملة سورية جديدة بعد استقرار الأوضاع خطوة حتمية على المدى البعيد، إذ تتيح هذه الخطوة تحديد قيمة عادلة ومستقرة لليرة الجديدة، مما يخلق نوعاً من التوازن بين متطلبات الاستيراد والتصدير، ويعيد الثقة إلى الأسواق المالية.

وفي هذا الإطار أشار الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي إلى أن " الاستثمارات الأجنبية المباشرة يمكن أن تلعب دوراً مهماً في استقرار الليرة، إذ إنها تعزز من تدفق العملات الأجنبية وتقلل من الاعتماد على القروض الخارجية". كما أضاف أن "تعزيز الاستثمارات المحلية من شأنه أن يقلل الحاجة إلى الاقتراض ويخلق فرص عمل جديدة، مما يسهم في زيادة الطلب على الليرة ورفع قيمتها تدريجياً". ومع ذلك، أوضح أن "الحاجة لا تزال قائمة لاستيراد الآلات والتكنولوجيا الحديثة لدعم القطاع الصناعي، وهو ما قد يشكل ضغطاً على الليرة في المدى القريب، قبل أن تؤتي هذه الاستثمارات ثمارها على المدى الطويل".

وفي نفس الإطار قال الباحث الاقتصادي خالد تركاوي في تصريحه لموقع تلفزيون سوريا أنه "يمكن للحكومة مبدئياً الاعتماد على العملات الأجنبية للقادمين من الخارج وتصريفهم لها وطلبهم الليرة السورية حيث أن هذه العملية تؤثر على تحسن سعر الليرة، كما أن الإقناع الأدبي أو تعزيز عامل الثقة بالاقتصاد والليرة يفيد في تحسن سعر الصرف، لكن لا يتوقع استخدام سعر الفائدة على المدى القريب".

هل يمكن الاعتماد على الليرة كعملة للادخار؟

على الرغم من التحسن النسبي الذي شهدته الليرة السورية خلال الفترة الأخيرة، فإن هذا التحسن لا يزال هشاً بسبب التقلبات المستمرة في قيمتها وعدم استقرار الاقتصاد المحلي. لذا، فإن اتخاذ الليرة كعملة رئيسية للادخار لا يعتبر خياراً آمناً في ظل الوضع الحالي، إذ إن استمرار العقوبات الدولية، والتحديات الاقتصادية، وعدم وجود احتياطيات قوية من النقد الأجنبي يجعلها عرضة لتغيرات سريعة في سعر الصرف.

وعند التفكير في طرق أكثر أماناً لحفظ المدخرات، من الأفضل اعتماد استراتيجية تنويع الأصول بدلاً من التركيز على الليرة وحدها. فالاحتفاظ بجزء من المدخرات بالدولار الأميركي يُعد خياراً مناسباً لمن يبحث عن استقرار على المدى القصير، خاصة لمن يخطط لاستخدام أمواله خلال الأشهر القادمة، إذ يتمتع الدولار باستقرار نسبي في الأسواق العالمية ويظل أقل عرضة للتذبذب مقارنة بالليرة.

أما بالنسبة للمدخرات طويلة الأجل، فإن الذهب يبقى الخيار الأكثر أماناً، نظراً لقيمته المستقرة على المدى البعيد وكونه ملاذاً آمناً في فترات عدم اليقين الاقتصادي. كما أن ارتفاع الطلب العالمي عليه يجعله أصلاً مناسباً لحفظ القيمة بشكل أكثر موثوقية.

ورغم ذلك، يمكن الاحتفاظ بجزء بسيط من المدخرات بالليرة السورية في حال وجود مؤشرات على تحسن الاقتصاد المحلي، مما قد يتيح فرصة للاستفادة من أي تحسن مستقبلي في قيمتها، غير أن ذلك يجب أن يكون جزءاً من استراتيجية مالية متوازنة تهدف إلى تقليل المخاطر وضمان الحفاظ على القوة الشرائية للمدخرات في ظل الظروف الاقتصادية غير المستقرة.

ما هو مستقبل الليرة السورية؟

إن مستقبل الليرة السورية يعتمد بشكل أساسي على مدى قدرة الحكومة الجديدة على تنفيذ إصلاحات اقتصادية جذرية، واستعادة ثقة المستثمرين، وتحقيق الاستقرار السياسي، وهي عوامل تشكل الركائز الأساسية لاستعادة مكانة الليرة كعملة مستقرة يمكن الاعتماد عليها في المعاملات اليومية والتجارية. كما أن أي تأخير في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة قد يؤدي إلى مزيد من التذبذب في قيمة الليرة، مما يعيق جهود التعافي الاقتصادي.

على المدى القريب، من المتوقع استمرار التقلبات في سعر الصرف بسبب عدم اتضاح الصورة الكاملة للسياسات الاقتصادية التي ستتبناها الحكومة الانتقالية، إضافة إلى استمرار تأثير العقوبات الدولية المفروضة على البلاد. لكن مع تحسن المؤشرات الاقتصادية تدريجيًا، وتزايد الدعم الدولي، يمكن أن تستعيد الليرة جزءًا من قيمتها، لا سيما إذا نجحت الحكومة في جذب الاستثمارات الخارجية وضمان تدفق مستدام للعملة الصعبة. كما أن تسريع عمليات إعادة الإعمار وضمان استقرار البيئة التشريعية والمالية سيكون له دور حاسم في تحسين وضع الليرة ودعم الثقة بها على المستويين المحلي والدولي.

أما على المدى البعيد، فقد يكون إصدار عملة جديدة هو الحل الأمثل لضمان استقرار النظام النقدي، خصوصًا إذا ترافق ذلك مع إصلاحات اقتصادية حقيقية تشمل تعزيز الإنتاج المحلي وزيادة الصادرات. إن إصدار عملة جديدة سيتيح للحكومة فرصة لإعادة هيكلة السياسة النقدية بما يتلاءم مع متطلبات الاستقرار المالي، لكنه يحتاج إلى خطة دقيقة لضمان نجاحه ومنع أي آثار سلبية على الاقتصاد الوطني. كذلك، فإن تحقيق نمو اقتصادي متوازن، وإيجاد مصادر مستدامة للنقد الأجنبي، وخلق بيئة استثمارية جاذبة، كلها أمور حاسمة لضمان استقرار الليرة في المستقبل وتحويلها إلى عملة ذات قوة شرائية مستقرة وموثوقة.

ويؤكد الباحث أدهم قضيماتي أن "البنك المركزي السوري يواجه تحديات كبيرة بسبب عدم امتلاكه احتياطي نقدي كافٍ للتدخل في الأسواق لدعم العملة، إضافة إلى العجز في الميزان التجاري الذي تتجاوز فيه الواردات الصادرات بفارق كبير". وأشار إلى أن "الحل يكمن في تنفيذ خطة استراتيجية طويلة الأمد تشمل جذب الاستثمارات الأجنبية، ودعم الصادرات، وإعادة هيكلة النظام النقدي لضمان إدارة أكثر كفاءة للاحتياطات النقدية. كما شدد على ضرورة إصلاح القطاع المالي وتعزيز قدرة المصارف على تقديم قروض استثمارية لدعم المشاريع الإنتاجية، مما سيساعد في تحفيز الاقتصاد وتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية بالتالي تعزيز قيمة الليرة السورية واستعادة قوتها تدريجياً".

عموماً، تواجه الليرة السورية مرحلة دقيقة بعد سقوط نظام الأسد، وتتراوح التوقعات بين استمرار التذبذب وتحقيق تحسن مستدام. الحل لا يكمن فقط في الإجراءات النقدية، بل في إصلاح شامل للاقتصاد الوطني والنظام المالي والنقدي، وهذا يتطلب خططاً واضحة ودعماً دولياً واستثمارات طويلة الأمد، وحتى يتحقق ذلك، تبقى الليرة تحت ضغط التقلبات، مما يجعل قرارات الادخار والاستثمار بها بحاجة إلى تخطيط دقيق لتجنب أي مخاطر.