icon
التغطية الحية

"سحر دمشقي".. مجلة فوربس تكتب عن مصمم أزياء من دير الزور

2021.02.25 | 20:50 دمشق

960x0.jpg
فوربس-ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

قام مصمم الأزياء السوري رامي العلي بإعداد تشكيلته لربيع وصيف عام 2021 والتي تشبه طبيعة النساء في بلاد الشام الواقعة على البحر المتوسط. ونلاحظ ضمن هذه التشكيلة مدى حنينه لتراث بلده، وينعكس ذلك في الجاذبية الآسرة لسهرة في مدينة دمشق القديمة، وحول مجموعته يعلق رامي فيقول: "ثمة علاقة حميمة وإحساس بالألفة والدفء. بالنسبة لي، تتألف الأمسية الدمشقية من نسيم عليل يعبق بأريج الياسمين، وهمسات هادئة خلف مشربيات صنعت من خشب الورد، يشوبها صوت نافورة مياه آت من أرض الديار وظلال يرسمها ضوء البدر ساعة اكتماله، ليتحول المكان برمته إلى محراب يسوده الهدوء والسكينة، مفعم بالعاطفة والسلام".

ولد رامي في مدينة دير الزور بالمنطقة الشرقية في سوريا، ولذلك اطلع على حضارة شعبه الغنية، بفضل والده الذي يعمل مهندساً معمارياً وأمه التي تعمل في مجال تأريخ الشرق الأوسط. وعن ذلك يخبرنا رامي فيقول: "كان من الضروري بالنسبة لي وجود تلك الجذور العميقة التي خلقت هذا الأساس المتين، مما جعلني أجمع بين الشرق والغرب. فنحن السوريين لدينا بنية اجتماعية معقدة، تتسم بكونها شخصية ودافئة، تماماً كالمهن اليدوية ومن يزاولها من الحرفيين. أما الحضارة والأناقة فقد توارثتها الأجيال فكرياً كابراً عن كابر على مدار مئات السنين من ذلك التاريخ العريق، ولهذا فإننا نتمتع بالكرم وحسن الضيافة بطبيعتنا، ناهيك عن النبل والتواضع".

وبما أن عالم الأزياء كان يبهره منذ الطفولة فقد جذبه بسحره إليه، حيث درس رامي في العاصمة دمشق وتخصص في التصميم الداخلي والغرافيك، وفي عام 2000 سافر إلى الإمارات ليطلق علامته التجارية التي تحمل اسمه، وليعرض مجموعته الأولى من الأزياء التي استهل فيها عمله وذلك في عام 2012.

ظلت بلده سوريا تخوض حرباً طوال السنوات العشر الماضية، ولكن بالرغم من جميع التحديات التي تعرضت لها بلاده، بقي رامي على حبه لها، إذ يقول: "أحتاج اليوم أكثر من ذي قبل للارتباط بجذوري والحفاظ على هويتي، حتى أروي القصة بشيء من الأمل والشغف. فسوريا كانت وستظل أبداً جزءاً من شخصيتي الإبداعية، بل إنها صوتي الحقيقي، والشيء الذي صنعني ويمنحني الإحساس بالاستقرار، ولهذا فهي مصدر إلهام دائم بالنسبة لي، من حيث فن العمارة والطبيعة والمهن اليدوية الموجودة فيها، فضلاً عن ناسها، وكل ذلك ظهر في العديد من عروض الأزياء التي مرت بتاريخ الدار، ولهذا أعتبرها ملهمتي الأبدية".

إذا سبق لك أن اطلعت على أحدث صيحات الأزياء التي يقدمها رامي العلي أو حضرت أي عرض أزياء قدمه لموسم الربيع في باريس، عندها ستكتشف بأنه يختار أرقى الفنادق لتلك العروض. وبالرغم من انحناء ظهره فإن رأسه ينتصب مرفوعاً، فيمشي بثقة وفخامة، مزهواً بمجموعات الأزياء التي يقدمها وهو يدقق في جميع التفاصيل التي تضمها تصميماته. ويكون رامي دوماً في الغرفة التي تعرض فيها العارضات تصاميمه الدقيقة التي تشع أنوثة عندما ترتديها تلك النسوة، إذ ينظر العلي إلى المرأة على النحو الآتي: "ثمة صفات معينة للمرأة التي تعتبر مصدر إلهام دائماً لهذه العلامة التجارية والتي طبعت مجموعات الأزياء التي أقدمها من موسم إلى موسم، إذ إنها تلك المرأة الواثقة من نفسها والأنيقة التي يحيط بها جو ساحر من البهجة، فتتحول إلى امرأة تجمع بين العصرية والسرمدية، فتنعكس ثقتها وقوتها على الصور الفنية التي تظهر الفن المعماري والتي تجدونها ضمن مجموعتي، إلى جانب عناصر أخرى تشمل الأعمال اليدوية الدقيقة التي تعكس السر الأنعم لأنوثتها... ثم إن هنالك مخرج أفلام داخل كل مصمم أزياء، إذ في كل مرة نبدأ فيها بعرض مجموعة من الأزياء، لا بد من كتابة نص، مع تنسيق التصميم والإضاءة، إذ عند اجتماعهما لا بد أن يخلقا جواً يناسب ذلك الموضوع".

وفي مجموعته لربيع وصيف 2012 اعتمد رامي بشكل أساسي على الظلال، وذلك عبر "إلقاء الظلال ببراعة على الجسم من خلال أقمشة سميكة" إذ يعتمد رامي في دار الأزياء الخاصة به على الاستعانة بموهبته في مجال التصميم الغرافيكي، ولهذا تعزز تصاميمه الخطوط المعمارية. كما أن مجموعته مفعمة بألوان البني الفاتح الدافئة، إلى جانب اللون الخمري والأحمر، وظلال الأسود المختلفة. وبما أن دار رامي العلي لم تقدم أي عرض في باريس منذ كانون الثاني 2020 بعد تحول العالم الرقمي إلى وسيلة لعرض إبداعاته بالنسبة له، لذا فإن "هذه العروض الافتراضية الجديدة أظهرت هذه الموهبة بصورة عملية، فكانت تجربة جديدة قطعاً وقدمت عنصراً فريداً لم يسبق لهذه العلامة التجارية أن اختبرته من قبل. فقد زادت تلك العروض من وصولنا إلى الناس، حيث سمحت للمزيد من الأشخاص بخوض تجربة حضور عروض الأزياء الحصرية. وعندما أقول قولي هذا من دون أن أؤمن بأن هذا سيحل محل العروض الواقعية، وذلك لأن عروض الأزياء على وجه الخصوص تتصل بالحرفة التي تحتاج إلى إحساس.. لأن يتلمسها المرء ويراها بنفسه، فهي ليست بمسرحية أو إبداع يمكن أن يعرض بصورة رقمية، لأن هذا مجرد عنصر واحد من الموضوع".

عبر اللعب على أشكال الفساتين الضخمة والأثواب التي تصل إلى الأرض، لا بد لنا أن نكتشف كيف يحتفي رامي بجميع التفاصيل، إذ عبر دمج العديد من الأقمشة، أصبح الساتان والحرير جزءاً من هذه المجموعة. وقد أضاف وجود الربطات الكبيرة والكشكشات والقلنسوات طابعاً مميزاً لهذا التصميم. وبالطبع تسبب انتشار الجائحة بوقف عروض الأزياء الفخمة الخاصة بمجموعات أزياء رامي، إلا أن ذلك لم يمنعه هو وفريقه من إنتاج تصاميم لمجموعة ربيع وصيف 2021. وعن ذلك يقول رامي: "لقد تسببت هذه الجائحة لنا جميعاً بإبطاء وتيرة عملنا، لكنها سمحت لصناعة الأزياء بإعادة تقييم ما ننتجه، حيث بينت لنا ما يجب أن ندركه حول الطلب الحقيقي حتى نعمل على تلبيته بأفضل صورة ممكنة. فأصبحنا حالياً ننتج أقل مع التنويع فيما نقدمه".

إلا أن رامي وفريقه يواصلون العمل والإنتاج في خضم هذه الجائحة، وعن ذلك يخبرنا فيقول: "لقد اضطررنا في هذه السنة للحد من خططنا السابقة مع تعجيل بعض الخطط، ولهذا أطلقنا موقعاً للتجارة الإلكترونية خاصاً بنا، والذي يعتبر صلة وصل مباشرة ومذهلة مع زبائننا. كما أطلقنا خط وايت للأزياء الذي يقدم أزياء مخصصة لمناسبات فريدة وخاصة. وإننا نستعد حالياً لإطلاق مجموعة جديدة تضم أحدث صيحات الموضة إلى جانب مجموعة أزياء العرائس السنوية التي سنطلقها في وقت لاحق خلال هذا العام، فضلاً عن مشاريع أخرى قيد التنفيذ، لذا ما عليكم إلا أن تتابعونا!".

المصدر: فوربس