icon
التغطية الحية

ستيفن سبيلبرغ يعيد تدوين شغفه سينمائياً

2022.12.30 | 14:35 دمشق

سبيلبرغ
سبيلبرغ يحضر العرض العالمي الأول للفيلم في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي – رويترز
+A
حجم الخط
-A

تحظى أفلام السير الذاتية باهتمام شعبي بشكل عام، وخاص لدى نقاد السينما، ولا سيما أن شخصياتها تستند إلى أحداث وشخصيات حقيقية واجهت صعوبات الحياة واستطاعت بناء مجدها على المستوى الشخصي والعام، مع بعض المنكهات الدرامية والخيالية لإضافةٍ تخدم المشهد البصري والتوليفة العامة للفيلم.

تحفل شاشة السينما بكمّ متنوع وعريض من هذه الأعمال، ومن بينها فيلم "تشي" الذي قدم مرتين، الأولى في عام 1969 وأدّى عمر الشريف (1932-2015) دور المناضل إرنيستو تشي غيفارا (1928-1967)، والآخر بنفس العنوان قدم على جزأين عام 2008، وجسد الممثل البورتوريكي بينيشيو ديل تورو (55 عاماً) دور غيفارا، للمخرج ستيفن سوديربيرغ.

والزعيم الروحي الهندي غاندي (1869-1948) ظهر بفيلم يحمل اسمه عام 1982، للمخرج البريطاني ريتشارد أتنبورو (1923-2014)، وجسد دوره الممثل الإنكليزي بين كنغسلي (78 عاماً)، والممثل دانيال دي لويس (65 عاماً) جسد دور أبراهام لينكولن بفيلم "لينكولن" عام 2012، للمخرج ستيفن سبيلبرغ (75 عاماً). وغيرهم من الأسماء اللامعة أيضاً مثل ستيف جوبز، ومارك زوكربيرغ، ونابليون بونابرت.. والقائمة لا تنتهي.

فيلم سبيلبرغ الأخير "عائلة فابلمان"، الذي افتتح الدورة الـ44 لمهرجان القاهرة السينمائي في تشرين الثاني الماضي، ومهرجان تورنتو السينمائي أيلول الماضي، يدون من خلاله سبيلبرغ تاريخ عائلته اليهودية الأرثوذكسية، ويؤرخ لحياته من سن السادسة إلى السادسة عشرة، ومشكلات الأسرة، وشغفه في صناعة الأفلام بشكل خاص، ليؤكد من خلال الفيلم فكرته التي يبثها مراراً وتكراراً في أفلامه، وهي قدرة الأفلام على توجيهنا إلى الحقيقة.

يلعب غابرييل لابيل (20 عاماً) الدور الرئيسي لسامي فابيلمان، وهو صانع أفلام طموح يبلغ من العمر 16 عاماً، إلى جانب ميشيل ويليامز (42 عاماً) بدور والدة سامي، وبول دانو (38 عاماً) والد سامي، وسيث روجن (40 عاماً) وهو صديق العائلة.

وخلال عرض الفيلم بمهرجان تورنتو السينمائي، رد سبيلبرغ على الشائعات التي قالت إن فيلمه الجديد عن سيرته الذاتية سيكون الأخير له، ليؤكد للجمهور أن "أغنية البجعة الخاصة به ويقصد الفيلم، ليست نهاية المشوار، ومازال هناك الكثير لتقديمه". وأضاف في حديثه إلى أن فكرة الفيلم تعود إلى عام 2012، عندما أخرج فيلم "لينكولن"، بمشاركة الكاتب توني كوشنر (66 عاماً)، وأضاف: "عندما بدأت الدول بالإغلاق بسبب جائحة كورونا بداية عام 2020، كان لدينا الكثير من الوقت والكثير من الخوف أنا وكوشنر، حول حالة الفن وحالة الحياة، وهنا شعرت أن مراهقتي هي الشيء الذي أحتاج حقاً إلى حله وتفكيكه". 

الفيلم يبدأ بلقطة لأب وزوجه والطفل سامي، وهم يقفون في طابور عرض الافتتاح لفيلم "أكبر عرض على وجه الأرض" The Greatest Show on Earth والذي أخرجه سيسيل بي ديميل (1881-1959)، عام 1952، وهو الفيلم الأول الذي رآه سبيلبرغ في الواقع، واندهش من تسلسل حطام القطار، الأمر الذي أكد عليه سبيلبرغ خلال دقائق الفيلم الأولى وأعاد تصويره بدقة متناهية وإمتاع بصري، حتى إن النقاد اختاروا لقطة سامي وهو يستخدم يديه كشاشة مؤقتة، موجهاً جهاز العرض إلى راحتيه المفتوحة، على أنها الأكثر شهرة في الفيلم. 

ستيفن سبيلبرغ المولود عام 1946 بمدينة سينسيناتي بولاية أوهايو الأميركية، يحمل في رصيده إخراجياً نحو 56 فيلماً، وثلاث جوائز أوسكار، ونحو 200 جائزة مختلفة من مهرجانات حول العالم

وحتى يضيف سبيلبرغ لمسة واقعية على أفلامه، عمل مع صديقه المصور السينمائي يانوش كامينسكي لضمان إعادة تصوير أفلامه بأكبر قدر ممكن من الدقة، مع تحسينات في زوايا الكاميرا، وخاصة فيلم "الهروب إلى اللامكان" عام 1961، والذي صوره في الفيلم، وفي الحقيقة هو فيلم بمدة 40 دقيقة، وقدمه سبيلبرغ مع زملائه في الكشافة للحصول على شارة استحقاق التصوير الفوتوغرافي. وكامينسكي ملازم لأغلب أعمال سبيلبرغ الهامة، من لينكولن، وقائمة شيندلر، وجسر الجواسيس، وميونيخ، وإنقاذ الجندي ريان، وغيرها.

معظم الشخصيات في الفيلم كانت نسخاً خيالية لأشخاص حقيقيين في حياة سبيلبرغ، مع وجود استثنائين وهما جون فورد (1894-1973)، وبوريس عم سبيلبرغ، وخلال جلسة الأسئلة والأجوبة في العرض المؤهل لجائزة الأوسكار للفيلم، في 7 تشرين الثاني 2022، كشف سبيلبرغ أن الأمر استغرق ثلاثة أسابيع لإقناع المخرج ديفيد لينش (76 عاماً)، بأن يكون جزءاً من الفيلم، ويؤدي دور جون فورد وهو يشرح لسام فابيلمان على التكوين البصري من خلال توجيه انتباهه إلى اللوحات المعلقة في مكتبه. وكان دور لينش لا يتجاوز 3 دقائق مع عبارات وجمل بسيطة ومقتضبة، ولكنها أضافت إلى المشهد العام ما أراد سبيلبرغ إخبارنا به، وما نعرفه عن تكوين المشاهد بصرياً. حتى أن المجوهرات التي ارتدتها ميشيل ويليامز، هي في الواقع مجوهرات والدة سبيلبرغ الحقيقة ليا أدلر، التي توفت عام 2017 في لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا.

فيلم
النقاد اختاروا لقطة سامي وهو يستخدم يديه كشاشة مؤقتة على أنها الأكثر شهرة في الفيلم - إنترنت

ولضمان واقعية أكبر، شارك سبيلبرغ مع فريق العمل جزءاً من ماضي عائلته من خلال الصور والأفلام القصيرة والمجموعات الخاصة، وأشار بول دانو، خلال عرض الفيلم بمهرجان تورنتو، إلى أن التصوير كان مرهقاً وعباءة ثقيلة، خاصة أنهم أمام شخص يمتلك تجربة مثيرة وكبيرة، وقال: "كان يعيد النظر إلى هذه الذكريات، ونعيد نحن صياغة جزء من حياته". من جانبه قال سيث روجن: "كان سبيلبرغ يبكي كثيراً في أثناء التصوير، فهو يعتمد على حياته وكل ما حدث في الفيلم إلى حد كبير أمور حدثت له بالفعل، كنا نقول له هل حدث هذا الأمر في الواقع فيجيب نعم مئة في المئة".

أفلام مميزة بتوقيع سبيلبرغ

ستيفن سبيلبرغ المولود عام 1946 بمدينة سينسيناتي بولاية أوهايو الأميركية، يحمل في رصيده إخراجياً نحو 56 فيلماً، وثلاث جوائز أوسكار، ونحو 200 جائزة مختلفة من مهرجانات حول العالم، ومن أبرز أفلامه إخراجياً:

أميستاد 1997: فيلم مقتبس عن قصة حقيقية تتناول قضية استرقاق الزنوج في أميركا الشمالية، وتحديداً التمرد الذي حصل على ظهر السفينة الإسبانية "أميستاد" عام 1839، والمحاكمات التي تلت الحادثة، والعمل من بطولة مورغان فريمان وأنطوني هوبكنز.  

قائمة شندلر 1993: يروي الفيلم قصة أوسكار شندلر، وهو صناعي ألماني مسيحي أنقذ نحو ألف ومئة يهودي بولندي من المحرقة، بحجة أنهم موظفون بمصانعه، إبان الحرب العالمية الثانية، وحاز الفيلم على سبع جوائز أوسكار، كما احتل المرتبة التاسعة ضمن قائمة المعهد السينمائي الأميركي لأفضل 100 فيلم. والعمل من بطولة رالف فاينس وبين كينغسلي وليام نيسون.

إنقاذ الجندي رايان 1998: يروي الفيلم عملية خاصة لإنقاذ أحد المُجنّدين خلال الحرب العالمية الثانية، والعمل من بطولة توم هانكس، وشارك في تصوير الفيلم أكثر من ألف جندي، وأربعين برميلا من الدم المزيف، وحاز 5 جوائز أوسكار، من بينها أفضل مخرج لسبيلبرغ.

لينكولن 2012: يتناول الفيلم الفترة الأخيرة في حياة الحرب الأهلية الأميركية والقضاء على العبودية، وهي من أعقد وأهم مرحلة في التاريخ الأميركي، إلى جانب حياة الرئيس أبراهام لينكولن الرئيس السادس عشر لأميركا خلال في الفترة (1861-1865). الذي ارتبط اسمه بالحرب الأهلية الأميركية وإلغاء الرق في البلاد عام 1863. والفيلم من بطولة دانيال دي لويس.