سؤال للحكومة الفرنسية

2020.09.23 | 00:02 دمشق

image.jpg
+A
حجم الخط
-A

كشف موقع "ميديا بارت" الفرنسي عما وصفه "ارتباطات خطيرة بين منظمة أنقذوا مسيحيي الشرق وميليشيا الأسد". وأفاد الموقع أن المنظمة المسجلة في فرنسا تحت اسم (SOS Chrétiens d’Orient) تدّعي تقديم المساعدات لمسيحيي سوريا دون التدخل في الحرب الداخلية هناك، لكنها في الواقع تدعم ميليشيا "الدفاع الوطني" (الشبيحة) التابعة لنظام الأسد في سوريا منذ عام 2013. والأمر الأخطر من ذلك هو أن وزارة الدفاع الفرنسية منحت منظمة "انقذوا مسيحيي الشرق"، لقب "مؤسسة شريكة في الدفاع الوطني"، في فبراير/ شباط 2017. وذلك في الوقت الذي تمتلك فيه المنظمة الفرنسية علاقات وثيقة مع ميليشيا "الدفاع الوطني" في محردة  (MNDF)، المتهمة بارتكاب جرائم حرب في سوريا، والناشطة في محافظة حماه وريفها، منذ 2013، وبحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإن ميليشيا الدفاع الوطني في محردة شاركت في هجمات النظام السوري على حماه وإدلب عام 2019، ونهبت الأدوات المنزلية في تلك المناطق وباعتها في سوق مدينة السقيلبية المسيحية القريبة من محردة. وذهب موقع ميديا بارت في فضح المنظمة ونشر صور ممثليها "ألكسندر جودارزي" و"بنيامين بلانشارد" وهما يحملان بنادق الكلاشينكوف في سوريا. وذكر التحقيق أن مقطعا مصوراً نُشر على موقع "يوتيوب" يظهر فيه قائد قوات الدفاع الوطني في محردة سيمون إبراهيم الوكيل، المتهم بارتكاب جرائم حرب مختلفة في سوريا، بالزي العسكري الخاص بالنظام، يقدم الشكر للمنظمة الفرنسية على دعمها لهم، نيابة عن رأس النظام بشار الأسد.

يعد هذا الكشف فضيحة سياسية من الطراز الرفيع لوزارة الدفاع الفرنسية التي تتعامل مع منظمة غير حكومية لديها مشروع طائفي في بلد آخر، وتدعم أطرافا متهمة بارتكاب جرائم حرب.

يعد هذا الكشف فضيحة سياسية من الطراز الرفيع لوزارة الدفاع الفرنسية التي تتعامل مع منظمة غير حكومية لديها مشروع طائفي في بلد آخر، وتدعم أطرافا متهمة بارتكاب جرائم حرب، وهذا مخالف قبل كل شيء لسياسات فرنسا ومواقفها منذ بداية الثورة السورية، فهي كانت سباقة إلى إدانة جرائم النظام السوري، وأوقفت كل العلاقات معه منذ عام 2012، ولعبت باريس خلال فترة الرئيس السابق فرانسوا هولاند دورا أساسيا في دعم الثورة السورية، واستضافت اجتماعات لأصدقاء سوريا، وكان الرئيس هولاند من أكثر زعماء العالم حماسا لتوجيه ضربة عسكرية للنظام السوري بعد مجزرة الكيماوي في الغوطة في آب عام 2013، وكانت الطائرات الحربية الفرنسية على أهبة الاستعداد للاقلاع، إلا أن الرئيس الأميركي باراك أوباما تراجع عن قرار الضربة ودخل في مساومة مع روسيا غيرت مسار المسألة السورية كليا.

حتى الآن، تتعارض سياسات فرنسا الرسمية مع سياسات النظام السوري، ومن هنا المفاجأة بشأن تصرف وزارة الدفاع الفرنسية المطالبة بتوضيح موقفها من الدخول في شراكة مع منظمة تدعم جرائم الحرب في سوريا. ويجب عليها إصدار توضيح رسمي لكل ما ورد في تحقيق "ميديا بارت"، وغير ذلك فإنها تعد متورطة في توفير غطاء لهذه المنظمة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن وزارة الدفاع الفرنسية تحتفظ بعدد محدود من الجنود الفرنسيين إلى جانب قوات التحالف الدولي لمحاربة داعش، وهؤلاء مثلهم مثل بقية قوات التحالف يعملون إلى جانب قسد من دون أي موقف واضح من مشروع الطرف الكردي الذي يقوم على اقتطاع منطقة الجزيرة من سوريا وإقامة إدارة ذاتية تحت قيادة حزب العمال الكردستاني، ومعروف أن أطراف هذا التحالف لا تأخذ الوضع على الأرض بعين الاعتبار، وهو أن هذا الطرف لا يشكل أكثرية في الجزيرة حتى يقرر مصيرها حسب مصالحه.

يستطيع الأهالي الذين تضرروا العام الماضي، وتم تهجيرهم من ريف حماة ونهب الشبيحة بيوتهم، رفع دعاوى أمام القضاء الفرنسي ضد المنظمة المذكورة من أجل تعويضهم عما فقدوه، وبوسع النشطاء السوريين في فرنسا، ومنظمات المجتمع المدني والائتلاف السوري رفع دعوات ضد هذه المنظمة التي تدعم جرائم الحرب في سوريا، ومساءلة الحكومة الفرنسية حول توفير الغطاء لها.