icon
التغطية الحية

زيارة الشيخ الحوت لتركيا وخطة روسيا لتكرار التجربة الشيشانية

2019.07.10 | 17:07 دمشق

الشيخ محمود الحوت
عقيل حسين - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

"المقصود من هذه الزوابع التي يثيرها هؤلاء، هو التصوف الحق الذي عليه أهل الشام بفطرتهم السليمة، والذي أفنى شيخنا ما مضى من عمره معلماً له..".

هذه هي خلاصة ما توصل إليه مريدو مدير المدرسة الكلتاوية في حلب، الشيخ محمود الحوت، الذي تعرض لهجمة شرسة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال زيارته الأخيرة لتركيا، والتي أعقبت زيارة سريعة قام بها إلى مدينة حلب نهاية شهر رمضان الفائت، الأمر الذي أدى إلى سيل من التحليلات والتقديرات، والاتهامات التي تربط بين هاتين الزيارتين وبين مشروع سياسي ديني مكلف به الشيخ من قبل النظام وحلفائه، لكن أتباع الحوت، نفوا كل ذلك، وبدؤوا حملة مضادة على وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً، كانت باكورتها مقال طويل منسوب لأحد التلاميذ المقربين للحوت.

لكن إذا ما أزلنا من هذا النص جمل التبجيل الطويلة والمكررة التي يحفل بها، تبجيل الحوت ومؤسس المدرسة الكلتاوية الشيخ محمد النبهان، وإذا ما تجاوزنا الأجزاء المتعلقة من هذا النص بالرد الشخصي على بعض المشايخ الذين تناولوا الحوت ضمن الحملة التي شنت عليه، فإن ما يتبقى من المقال من نقاط جديرة بالمناقشة لا يتعدى الثلاث، وفي مقدمتها زيارته إلى حلب، أسبابها ونتائجها.

فعندما زار الشيخ الحوت مدينة حلب قبل عيد الفطر السابق، لم يتم تسجيل أي ردود فعل مهمة على الحدث، رغم أهميته، إلا أن دخوله إلى تركيا ولقاءه بهذا العدد الكبير من محبيه وأتباعه في مدينة أضنة، أثار ردود فعل واسعة جداً من قبل خصوم الشيخ، الذين ذكروا أو ربطوا بين هذه الزيارة وزيارة مدينة حلب، مرشحين العديد من السيناريوهات بهذا الخصوص، وهي سيناريوهات تقديرية تقوم على الربط والتحليل لا أكثر، خاصة مع عدم وجود أي معلومات تؤكد أي منها.

ويأتي على رأس هذه السيناريوهات المتوقعة، وجود مشروع سياسي ديني روسي، يكرر التجربة الروسية في الشيشان، والتي أنهت، بفضل الاعتماد على الجماعات السنية الصوفية هناك، حربين طاحنتين للاستقلال عن موسكو، وكذلك مشروع سياسي مذهبي إيراني، ربطه أصحاب هذه النظرية بزيارة سابقة للشيخ محمود الحوت إلى العراق العام الماضي، خاصة أن الكثير من السلفيين يربطون بين التشيع والتصوف بشكل مطلق.

النص الدفاعي الذي نشر للمرة الأولى على صفحة الشيخ حمدي كنجو المخزومي، وهو من تلاميذ الحوت المقربين منه، نفى وبشدة كلا السناريوهين، وأكد أنهما مجرد ادعاءات، مؤكداً أن "الشيخ ليس له أي اهتمامات سياسية من قريب أو بعيد، وأنه لو كان جزءا من المشروع الروسي لما رفض الدعوة التي وجهت له من أجل حضور مؤتمر غروزني الشهير عام ٢٠١٧، بينما جاءت زيارته إلى العراق بدعوة من ديوان الوقف السني لحضور مؤتمر الإعجاز العلمي".

ورغم أن المقال لم يقدم تبريراً لزيارة الشيخ إلى حلب، سوى أنها "جاءت لتفقد المدرسة الكلتاوية"، إلا أن "تلفزيون سوريا" علم من مصادر خاصة "أن الحوت أجبر على السفر إلى مدينة حلب من أجل إطلاق سراح كادر وطلاب المدرسة، الذين اعتقلوا من قبل مخابرات النظام منتصف شهر رمضان".

وقالت المصادر: "إن مدير المدرسة بشار أحمد نبهان، الذي هو شقيق زوجة الشيخ محمود الحوت، وحفيد الشيخ محمد النبهان مؤسس الكلتاوية، مع كل الكادر الإداري للمدرسة، وعدد من طلابها البالغ عددهم حالياً مئتين، اعتقلوا جميعاً بشكل مفاجئ منتصف شهر رمضان الماضي من قبل سلطات النظام، وأن السلطات الأمنية اشترطت مقابل إطلاق سراحهم قدوم الشيخ الحوت إلى حلب بنفسه لاستلامهم، في حين بدا أنه بهدف الاستفادة إعلامياً من عودة الشيخ وتوظيفها من قبل النظام".

لكن المصادر رجحت أن يكون ما جرى جزءاً من خطة روسية بالفعل، الهدف منها جلب الحوت إلى حلب من أجل إقناعه، وعن طريق بعض التجار المعروفين بدعمهم للمدرسة الكلتاوية سابقاً، بالمشروع الروسي المتعلق بتكرار التجربة الشيشانية في حلب، خاصة بعد اقتناع هؤلاء التجار بهذا المشروع، تحت شعار مواجهة المد الإيراني وحملات التشيع التي تنشط في سوريا بدعم إيراني.

وحسب هذه المصادر، فإن الحوت لم يقدم أي التزامات بهذا الخصوص، خاصة أن العرض كان يشمل العمل على إقناع اللاجئين السوريين الذين يستطيع الشيخ وتياره بشكل عام التأثير عليهم من أجل العودة إلى سوريا، وأيضاً تحت شعار مواجهة عمليات التغيير الديموغرافي الذي تسعى إليه إيران.

وحول ما إذا كانت زيارته إلى تركيا مرتبطة بالفعل بهذا المشروع، أكدت المصادر أن زيارة الحوت هذه كان مرتباً لها قبل ذلك، وأنها جاءت بدعوة من اثنين من كبار مريديه، عبد الله الحافظ من مارع، وعبد الرزاق جنيد من قرية (دويرينة جبرين) وهما في الوقت نفسه من الثوار الأوائل، ولهما نشاط معروف في مساعدة اللاجئين السوريين في مدينة أضنة، بالتعاون مع رجال أعمال سوريين معارضين ومؤسسات صوفية تركية، خاصة المرتبطة بالطريقة النورسية، إلا أن هذين المريدين وفي الوقت نفسه ابتعدا عن النشاط الثوري منذ فترة غير قصيرة، بسبب خلاف فكري وسياسي مع التيارات المعارضة.

وعن طبيعة هذا الخلاف قالت المصادر: إن سببه الأول فكري يتعلق بالميول السلفية التي طغت على الكثير من الفصائل المسلحة بمرور الوقت، وما تعرض له أتباع الطرق الصوفية من الثوار على يد هذه الفصائل بشكل عام، والفصائل السلفية بشكل خاص، وأن هذا لا يتعلق فقط بالتخريب الذي تعرضت له المدرسة الكلتاوية عام ٢٠١٥ على يد كتائب سلفية، بل وقبل ذلك التضييق على طلاب المدرستين (الكلتاوية والشعبانية) الذين حملوا السلاح ضد النظام، وكذلك منعهم من الخطابة وملاحقتهم واضطهادهم، وهي أشكال من التضييق مارسته الفصائل السلفية وسكتت عنه فصائل الجيش الحر والفصائل المحلية، ما ترك أثراً سلبياً كبيراً في نفوس اتباع التيار الصوفي، وأكد مخاوف الكثير من رموزه.

ورغم أنها قد أكدت أن الشيخ محمود الحوت لم يتحدث بشكل علني حتى الآن في أي لقاء أو تجمع عن مستقبل اللاجئين أو مشروع عودتهم إلى سوريا، إلا أن مصادر "تلفزيون سوريا" رجحت أن يكون الحوت ممن يفضلون هذا الخيار حالياً بالفعل، وهو على الأرجح قد زود بتطمينات من قبل الروس ورجالاتهم خلال زيارته إلى حلب بضمان سلامة كل من يعود إلى سوريا من المعارضين عن طريق الحوت أو أتباعه، خاصة وأن المدرسة الكلتاوية مثلها مثل العديد من التيارات الصوفية والسلفية، تتبنى المذاهب الفقهية التي تحرم الخروج على الحاكم مهما كان ظالماً، وترى فيما حصل في سوريا وليبيا واليمن تأكيداً على صحة هذا الفقه.

كلمات مفتاحية