icon
التغطية الحية

ريف دمشق.. الأهالي أمام تحدي إكمال تعليم أبنائهم أو لقمة عيشهم

2021.09.21 | 10:38 دمشق

976ef01d-0000-4dec-a0eb-14a583ab7cb9.jpg
ريف دمشق - سيلا عبد الحق
+A
حجم الخط
-A

مع تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تزايدت وتيرتها خلال الأشهر الأخيرة، والتي تنعكس بشكل مباشر على المواطن من دون أن تطول المسؤولين في حكومة النظام تزداد الأوضاع المعيشية سوءاً على كل الأصعدة، فالمواطن الذي يعجز عن تأمين لقمة العيش يجد نفسه أمام تحديات أخرى لا مفر منها، ولا سيما مع افتتاح المدارس إذ يكاد يستحيل على الطبقة المتوسطة والمحدودة الدخل أن تؤمن متطلبات أبنائها بالحدود الدنيا التي تؤهلهم لإتمام تحصيلهم الدراسي، فهل سيصبح التعليم رفاهية صعبة المنال؟ وهل سيعود حكراً على الفئة الغنية؟.

تأمين المستلزمات المدرسية

لطالما تغنت حكومة النظام بتقديم خدمات التعليم المجاني في مرحلة التعليم الأساسي التي تستمر حتى الصف التاسع، والذي كان أحد مبررات محدودية الدخل للمواطن السوري انطلاقاً من مبادئ الاشتراكية التي تبناها حزب البعث على مدى العقود الماضية، إلا أنه وفي الآونة الأخيرة ومع تزايد التضخم الاقتصادي إثر انهيار الليرة السورية التي سجلت مؤخراً 3500 ليرة مقابل الدولار الواحد، والإجراءات التي فرضتها حكومة النظام لمنع التداول بغير الليرة السورية، وفرض حد أعلى للدخل لا يتجاوز 25 دولاراً شهرياً لحملة البكالوريوس في القطاع العام، و50 دولاراً شهرياً في القطاع الخاص، فضلاً عن احتساب قيمة السلع المحلية منها والمستوردة على حد سواء بما يتناسب مع ارتفاع الدولار.

 

آباء يحرمون أبناءهم من العودة إلى المدرسة

كل ما سبق أدى إلى تزايد الفجوة بين القدرة الشرائية للفرد من جهة وبين قيمة السلع من جهة أخرى ما يعني أن إمكانية تأمين المستلزمات المدرسية ستكون خارج قدرة ما يقارب 70% من الأسر، ذلك أن كلفة الحقيبة المدرسية مع ما يلزم من القرطاسية ضمن الحد المتوسط تصل إلى 75 ألف ليرة، أما اللباس المدرسي فيصل سعره إلى نحو 60 ألف ليرة، وقد يعاقب الطالب حال عدم التزامه به منذ اليوم الأول من السنة.

 

جائحة كورونا تزيد الفجوة

فضلاً عن تكاليف المستلزمات الدراسيّة يحتاج الطالب مواد التعقيم والكمامات بشكل يومي بسبب جائحة كورونا إذ أكدت وزارة الصحة في حكومة النظام انتشار الموجة الثالثة بشكل سريع بالتزامن مع افتتاح المدارس. هذا ما دفع بعض الآباء إلى حرمان أبنائهم من العودة إلى المدارس، يقول أحد الآباء وينحدر من محافظة ريف دمشق في حديث لـ موقع تلفزيون سوريا: "أقنعت أولادي بعدم العودة إلى المدرسة بسبب انتشار الفيروس، ولكني في الحقيقة فعلت ذلك تخلصاً من عبء تكاليف المدرسة لهم، إضافة إلى أن عليهم أن يعملوا ليعينوني في إعالة أسرتي".

 

خصخصة التعليم وسوء حالة المدارس الحكومية

إن المطّلع على حال القطاع التعليمي وما آل إليه في السنوات الثلاث الأخيرة سيجيب بـ "لا"، إذ تتجه الأمور نحو خصخصة التعليم بتراجع القطاع الحكومي لصالح القطاع الخاص في المرحلتين المدرسية والجامعية معاً.

حيث تعاني المدارس التابعة لحكومة النظام من نقص كبير في الكوادر التعليمية بسبب تفضيل الكثيرين منهم للعمل في القطاع الخاص على حساب المدارس الحكومية نظراً لتدني الرواتب فيها، فمرتب المدرس الوكيل لا يتجاوز 36 ألف ليرة سورية شهرياً رغم الصعوبات التي يتحملها، حيث يتراوح عدد الطلاب في كل صف في المرحلة الابتدائية بين 60 و75 طالباً بمعدل أربعة طلاب في كل مقعد ويضطر قرابة خمسة منهم إلى الوقوف طيلة اليوم لعدم توفر مقاعد كافية، فضلاً عن عدم توفر الكتب المدرسية بصورة كافية، فقد يتأخر تسليم الكتب مدة شهر تقريباً أو قد يتم توزيع الكتب المستعملة في أكثر الأحيان، ما يعني أن على الأهل تحمل كلفة شراء كتب من جهة، وعلى المدرسين تحمل أعباء نسخ الدرس على دفاتر الطلاب خلال هذه المدة.  

أما البنى التحتية فليست أفضل حالاً، فلا مياه الشرب متوفرة ولا المرافق العامة إضافة إلى انعدام الكهرباء ونقص مواد التدفئة الذي لا يسد احتياجات الكادر الإداري.  

 

الهرب من العمل في مدارس حكومة النظام

كل هذه الظروف دفعت بالكوادر التعليمية إلى النأي عن العمل في القطاع العام وبالتالي حدوث فجوة كبيرة في العملية التعليمية والتربوية على حد سواء، فوجود فراغ مدة ساعة أو ساعتين يومياً في المدرسة تساهم وبشكل واضح في انتشار التدخين وربما المخدرات لدى طلاب الثانوية.

ففي إحدى المدارس بريف دمشق، حدث شجار بين عدد من الطلاب وصل إلى استخدام أحدهم للآلات الحادة (الشفرة) وتسبب بموت طالب وجرح آخر بجروح بليغة أدخلته العناية المشددة.

أمام هذه التحديات لا يجد الأهل خيارات كثيرة لتفادي هذا النقص ولردم الفجوة، فإما أن يتم تعويض الفاقد التعليمي من خلال الجلسات الخاصة مع الإبقاء على دوام الطالب في مدرسته حرصاً على تسلسله الدراسي وهذا يكلف وسطياً ألفي ليرة سورية للساعة الواحدة للمرحلة الابتدائية تصل إلى ثمانية آلاف ليرة في المرحلة الثانوية، أو أن يتم التخلي كلياً عن المدرسة واستبدالها بالمعاهد والمدارس الخاصة والتي لن تكون أقل كلفة.

فكلفة الشهادتين الإعدادية والثانوية في المعاهد الخاصة تتراوح بين 500 ألف إلى 700 ألف سنوياً في العاصمة دمشق وريفها بينما تبلغ كلفة المدارس الخاصة لطلاب المراحل الانتقالية ثلاثة ملايين ليرة سنوياً وسطياً.