icon
التغطية الحية

هل حصل "ريان الكلداني" حقاً على سبحة البابا؟.. من هم الكلدانيون؟

2021.03.07 | 05:47 دمشق

ghfaghf.png
إسطنبول- أحمد طلب الناصر
+A
حجم الخط
-A

في اليوم الأول من زيارته التاريخية الأولى للعراق، قدم بابا الفاتيكان، رئيس الكنيسة المسيحية الأكبر في العالم، الكاثوليكية، ومرجعيتها الأولى؛ سبحته الخاصة لـ "ريان الكلداني"، بحسب ما نشر تلفزيون "العالم" الإيراني والعديد من وسائل الإعلام المقربة والمدعومة من إيران. 

و"ريان الكلداني" هذا، زعيم ميليشيا "الحركة المسيحية في العراق" (بابليون) المنضوية تحت إمرة ميليشيا "الحشد الشعبي" والمُدرج اسمه في قائمة العقوبات الأميركية منذ منتصف تموز 2017 لارتكابه جرائم ضد الإنسانية.

اقرأ أيضاً: البابا والسيستاني يبحثان "تحديات الإنسانية" ومعاناة الفلسطينيين

 

161497079909089900.jpg
البابا أثناء إهدائه سبحته للكلداني (بحسب قناة العالم الإيرانية)

 

البابا فرنسيس، الذي لم يصدر منه حتى اللحظة ما يؤكّد أو ينفي خبر إهدائه السبحة لزعيم الميليشيا، كان قد وصل العراق أول أمس الجمعة، لم يرغب بإهداء ذلك الرمز (المقدّس)، الذي أكّدت حدوثه القناة الإيرانية، لأيّ من رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، الذي استقبله في مطار بغداد لحظة وصوله أرض العراق، ولا للرئيس برهم صالح الذي التقاه في نفس اليوم، ولا بالمرجع الشيعي الأكبر والأقوى سيطرة في العراق، علي السيستاني، الذي التقاه في اليوم التالي. وآثر أن يهديه لـ الكلداني، بصرف النظر إن كان قاتلاً وطائفياً وقاطِع أذن أحد سجنائه.

سيرة قائد ميليشيا في الحشد الشعبي

ولد "ريان سالم صادق" الملقّب بـ "ريان الكلداني" أو "ريان الكليدار"، لأسرة عراقية من الطائفة الكلدانية، في مطلع ثمانينيات القرن المنصرم، ببلدة "ألقوش" التابعة لمحافظة نينوى العراقية، وتعتبر معقلًا للمسيحيين الكلدان التابعين للكنيسة الكاثوليكية.

كان والده موظفًا بسيطاً في محكمة محافظة كركوك، قبل أن ينتقل في وقت لاحق إلى العاصمة العراقية بغداد واستقر فيها. ولريان أخوان هما سرمد وأسامة وأخت اسمها أسماء.

 

155202448_288115052730818_1370668629916950395_n.jpg

 

وبدأ يبرز طموحه في زعامة الطائفة الكلدانية مع ظهور تنظيم الدولة وسيطرته على عدد من المدن العراقية، وأهمها الموصل، مركز محافظة نينوى ومعقل الكلدان التاريخي، حيث أعلن في صيف عام 2014، عن تأسيس ميليشيا "الحركة المسيحية في العراق" (بابليون) لمحاربة التنظيم.

وعلى الرغم من انتمائه إلى المسيحيين الكلدان فإنه استجاب لدعوات المرجعية الشيعية للانضواء تحت إمرة ميليشيا "الحشد الشعبي" بقيادة "أبو مهدي المهندس" آنذاك، حيث بدأت الميليشيا المسيحية بنحو 50 عنصراً جرى تدريبهم في قاعدة عسكرية تابعة للقوات العراقية بالقرب من مطار بغداد، وبإشراف من قيادات "الحشد الشعبي".

 

e3b397623-4669.jpg
الكلداني مع أبو مهدي المهندس (فيس بوك)

 

وخاضت ميليشيا بابليون مع بقية مجموعات ميليشيا الحشد عدداً من المعارك العسكرية ضد تنظيم الدولة، في تكريت وبيجي، إلا أن أبرز معاركها كانت معركة "دير مار بهنام" بجانب ميليشيات عراقية أخرى مدعومة من إيران.

وبعد استعادته من التنظيم، سمحت الحكومة العراقية لـ الكلداني بتسليم الدير إلى القيادات الكنسّية العراقية في محافظة نينوى.

في مطلع عام 2016، ظهر الكلداني في تسجيل مصوّر أعلن فيه عن استعداد عناصر ميليشيا (بابليون) للمشاركة في الحرب داخل سوريا، وفي اليمن أيضاً. وشارك جزء من الميليشيا بالفعل في القتال تحت قيادة "فيلق القدس" الإيراني في معارك حلب، حيث تأكّد مقتل عنصرين من عناصر (بابليون) هناك.

 

 

 

مع قاسم سليماني

خلال تلك الفترة، راح الكلداني يظهر في العديد من المناسبات، تارة مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وتارة مع رئيس الوزراء العراقي السابق ونائب الرئيس العراقي، نوري المالكي، ثم مع رئيس الوزراء العراقي اللاحق، حيدر العبادي. إلا أن العلاقة الأقوى كانت مع قائد "فيلق القدس" الإيراني، قاسم سليماني، الذي كان يُشرف على ميليشيا "الحشد الشعبي" عبر أبو مهدي المهندس، خلال معاركها مع تنظيم الدولة وارتكابها الانتهاكات بحق المدنيين وممتلكاتهم بذريعة محاربة التنظيم.

ونظراً لارتباطه بميليشيا "الحشد الشعبي" وسليماني، ولارتكاب قواته انتهاكات وجرائم ضد الإنسانية، فرضت وزارة الخزانة الأميركية في منتصف تموز 2017 عقوبات على 4 عراقيين؛ هم بالإضافة للكلداني: "وعد القدو" قائد لواء 30 بالحشد الشعبي، ومحافظ نينوى السابق "نوفل العاكوب"، ومحافظ صلاح الدين السابق "أحمد الجبوري". وقالت الوزارة إنهم "متورطون في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أو فساد".

ثم تبعتها الخارجية الأميركية بعد ذلك بنحو عامين، بقرار وضعت فيه الكلداني على قوائم الإرهاب، بعد انتشار تسجيل مصوّر يُظهر قائد الميليشيا وهو يقطع أذن شخص مأسور لدى قواته.

 

 

البطريركية الكلدانية تتبرأ

بدورها، أعلنت بطريركية المسيحيين الكلدان، منذ تموز 2017، تبرّؤها من "ريان الكلداني"، معتبرةً أنه لا يمثل مسيحيي العراق، ولا يتحدث باسمهم.

وبحسب ما نقلته الأناضول عن مراسلها في نينوى، أصدرت الكنيسة الكلدانية في العراق، بياناً أكدت فيه رفضها القاطع تشكيل فصائل مسلحة في البلاد من أبناء المكون المسيحي. وذلك بعد نحو أسبوع من فرض الخزانة الأميركية العقوبات ضد الكلداني.

ووقع البيان الكاردينال "لويس روفائيل ساكو" بطريرك بابل للكلدان، وقال إن الكنيسة ترفض رفضاً قاطعاً تشكيل أي ميليشيا باسم المسيحيين، بل على العكس "نشجع أبناءنا للانخراط في الأجهزة الأمنية الرسمية في الجيش العراقي والشرطة الاتحادية، ومن هم في إقليم كردستان العراق في قوات البيشمركة في إقليم كردستان العراق".

وتابع البيان: "نحترم قرار الأفراد الشخصي في الانتماء إلى الحشد الشعبي أو العمل السياسي، ولكن ليس تشكيل فصيل مسيحي"، في إشارة إلى "بابليون"، مشدداً على أن "الفصائل المسلحة باسم المسيحية تتعارض مع روحانية الدين المسيحي الذي يدعو إلى المحبة والتسامح والغفران والسلام".

الكلداني: سليماني سلّح ودرّب مسيحيي العراق

وفي لقاء أجراه مع قناة "الميادين" المقربة من إيران، في الـ9 من كانون الثاني الماضي، قال الكلداني: إن قاسم سليماني "وقف مع المسيحيين حين تخلّت الإدارة الأميركية في حينها عن المسيحيين"، حيث لم يلبوا الطلب بوقف تقدّم تنظيم "داعش" في سهل نينوى.

وأضاف: "وحين اتّصل قادة إقليم كردستان بـ سليماني، أتى خلال 12 ساعة، وذهب إلى أربيل مع الإخوة من الحرس وبعض من الإخوان اللبنانيين"، بينما رفضت الولايات المتحدة الاستجابة.

 

 

وأشار الكلداني إلى أن سليماني والمهندس ساهما في تسليح وتدريب مسيحيي العراق "للدفاع عن أراضيهم ومنازلهم" بحسب قوله، مضيفاً أن سليماني "قدّم نفسه لكل العراق وقدّم للواء 50 في الحشد الشعبي أكثر مما قدّمه للشيعة، وأكثر مما قدّم للمسلمين، وقدّم للسنة أكثر مما قدّم للشيعة" على حدّ زعمه.

اقرأ أيضاً: بابا الفاتيكان يناشد لتوفير المساعدة للاجئين السوريين قبل عودتهم

الكلدانيون.. جذر تاريخي من جذور بلاد ما بين النهرين

ظهر الكلدانيون في عهد الإمبراطورية البابلية الحديثة، وهي إمبراطورية أسسها (نبو بولاسر) الكلداني في العراق القديم، سنة 627 ق.م، واستمر حكمها حتى سنة 539 ق م. تحرروا في البداية من حكم الآشوريين بعد ان سيطر نبو بولاسر على إقليم بابل الذي كان تابعًا لحكم الآشوريين فتمكن في البداية من إعلان الاستقلال عن حكم الآشوريين وثم سيطر على كامل اقليم بابل والمناطق الجنوبية من بابل وتمكن من توحيد القبائل الكلدانية، فلم يتمكن الاشوريين من إسقاط حكم الكلدانيين هذه المرة كما فعلوا في عدة مرات سابقة، فتمكن نبو بولاسر وبالتعاون مع الميديين من إسقاط مدينة نينوى عاصمة الآشوريين سنة 612 ق. م، وأسس إمبراطورية كبيرة.

وتميزت الإمبراطورية الكلدانية بالعمران والفنون والعلوم. وكان حكام بابل استعادوا تراث بلاد ما بين النهرين القديم، حيث أحيوا التراث السومري- الأكادي. ومن أبرز حكام الكلدانيين كان الملك الشهير (نبوخذ نصر) ابن مؤسس الإمبراطورية نبو بولاسر.

بعد انتشار المسيحية، دخل الكلدان في الديانة المسيحية وأصبحوا يتبعون الكنيسة الكاثوليكية (الغربية)، وحافظوا على لغتهم الكلدانية التي يتحدث بها الكهنة أثناء القداديس ضمن الكنيسة حتى وقتنا الحاضر.

التمسك بالهوية رغم الاضطهاد

وكغيرهم من الأقليات الدينية والقومية غير المسلمة، تعرّض الكلدان لاضطهاد وانتهاكات وتهجير بسبب التنظيمات المتشددة كـ "القاعدة" و"تنظيم الدولة" مما اضطر غالبيتهم للفرار.

وفي ظل غياب الإحصاءات الرسمية حول عدد الكلدانيين المقيمين في العراق حالياً، يقدر "مار لويس ساكو"، بطريرك الكلدان في العراق والعالم، إن عددهم يبلغ ما بين 300-350 ألف شخص بعد أن كان عددهم قبل عام 2003 يتراوح بين 700 ألف إلى مليون شخص، وهم يشكلون 70 في المئة من مسيحيي العراق.