icon
التغطية الحية

روسيا تكشف أوراقها في شمال شرقي سوريا: دوريات جوية وبرية تعيد رسم المشهد

2025.09.17 | 06:03 دمشق

، نفّذت القوات الروسية دوريات برية وجوية متزامنة على امتداد مدن محافظة الحسكة الشمالية والحدودية مع تركيا
نفّذت القوات الروسية دوريات برية وجوية متزامنة على الحدود مع تركيا
تلفزيون سوريا - سامر العاني
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- عززت روسيا وجودها العسكري في شمال شرق سوريا، خاصة في مطار القامشلي، عبر زيادة الجنود والمروحيات والرادارات ومنظومات الدفاع الجوي، مما يعكس رغبتها في تثبيت نفسها كفاعل رئيسي في المنطقة.
- تهدف التحركات الروسية إلى إرسال رسائل سياسية إقليمية ودولية، وتثبيت موقعها كضامن للتوازنات المحلية، في ظل محاولات إحياء اتفاق سوتشي مع تركيا لنشر قوات سورية ونقاط مراقبة روسية.
- تشير التحركات إلى إعادة تفعيل الاتفاقات الروسية التركية بشأن الدوريات العسكرية، مما قد يسهم في تهدئة الأوضاع في شمالي وشرقي سوريا، مع تساؤلات حول مدى استدامة هذه التحركات.

تستمر التحركات الروسية في شمال شرق سوريا، إذ أكّدت مصادر محلية في مدينة القامشلي لموقع "تلفزيون سوريا" أن هذه التحرّكات لم تقتصر على دوريات عسكريّة فحسب، بل شملت تغييرات واسعة داخل القاعدة الروسية في مطار القامشلي، ومنها معدات جديدة، وتوسيع مقار وأماكن إقامة الجنود.

وترافقت الدوريات مع تحليق مروحيات روسية في أجواء المنطقة، ما اعتُبر إشارة واضحة إلى تعزيز موسكو لحضورها العسكري في شمال شرقي سوريا.

إعادة تموضع أم عودة دائمة؟

وقال مصدر ميداني مطّلع على ما يجري في مطار القامشلي، لموقع "تلفزيون سوريا" إنّ الروس لم يكتفوا بزيادة عدد جنودهم داخل القاعدة، بل أعادوا توزيع المروحيات والرادارات ونصبوا منظومات دفاع جوي، مضيفاً أن "طائرات شحن عسكرية وصلت من قاعدة حميميم بشكل متكرر في الأيام الأخيرة لتأمين الذخيرة والإمدادات".

وتابع المصدر "هذا ليس مجرد انتشار اعتيادي، بل إعادة تموضع عسكري كامل، يعكس رغبة موسكو في تثبيت نفسها مجدداً كفاعل رئيسي في شمال شرقي سوريا".

رسائل إلى أنقرة وواشنطن

التحركات الروسية حملت رسائل متعددة، لا سيما أنّ المنطقة تخضع لتوازن حساس بين القوات الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) من جهة، والدولة السوريّة وحلفائها من جهة أخرى.

يقول الباحث والمستشار السياسي الدكتور باسل الحاج جاسم، لموقع تلفزيون سوريا، إنّ لهذه الدوريات دلالات متعددة، تتجاوز الجانب الأمني الميداني، لتعكس رسائل سياسية إقليمية ودولية في آن معاً.

ويضيف أنّه في سياق التأكيد الروسي على الحضور الفعال في واحدة من أكثر المناطق حساسية في المشهد السوري، حيث تتقاطع مصالح قوى كبرى، على رأسها الولايات المتحدة وتركيا، فالمنطقة الواقعة شرق الفرات، والتي تحتلها ميليشيا قسد بدعم أميركي، تعد مجالاً تتقاطع فيه حسابات الأمن القومي التركي مع الأطماع الانفصالية، ومصالح واشنطن مع طموحات موسكو الجيوسياسية.

مشيرا إلى أنّ موسكو تسعى من خلال هذه الدوريات إلى تثبيت موقعها كضامن للتوازنات المحلية، ورسالة ميدانية بأنها طرف قادر على ملء أي فراغ محتمل قد ينجم عن تقليص الوجود الأميركي، أو تغير التموضع التركي.

من جانبه يرى الباحث محمّد سليمان، لموقع "تلفزيون سوريا" شكل هذا التحرك أول خطوة فعلية منذ سقوط النظام البائد في شمال شرقي سوريا والذي كان قد تسبب سابقاً في تعطيل تنفيذ اتفاقية سوتشي الموقعة عام 2019 والتي نصّت على تسيير دوريات روسية منفردة ومشتركة مع الجانب التركي على طول الشريط الحدودي.

ويربط سليمان هذه التحرّكات بمحاولة إحياء اتفاق سوتشي بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، الذي نصّ على نشر قوات سورية إلى جانب نقاط مراقبة روسية على الحدود السورية – التركية، وتسيير دوريات مشتركة لمنع التصعيد.

ويشير إلى أن إعادة الدوريات الروسية بهذا الشكل المنسّق قد تكون مقدمة لمرحلة تفاوضية جديدة بين موسكو وأنقرة حول مستقبل الحدود ومصير قوات قسد.

توقعات محليّة ودوليّة

في القامشلي، رصدت تحركات غير معتادة للجنود الروس، إذ يؤكّد عدد من أبناء الحسكة أنّهم رأوا جنودا من الروس يتجولون علناً، وهذا لم يحدث منذ فترة طويلة "يبدو أنهم يهيئون أنفسهم للبقاء هنا فترة أطول".

يؤكّد الدكتور باسل الحاج جاسم أنّه لا يمكن فصل هذا التحرك الروسي الميداني عن السياق الدولي الأوسع، خاصة مع تصاعد التوترات بين موسكو وواشنطن على خلفية الحرب في أوكرانيا، وبالتالي، فإن هذه التحركات تحمل أيضاً بُعداً استعراضياً، لتأكيد قدرة روسيا على المناورة في أكثر من مسرح، وامتلاك أدوات التأثير في ملفات إقليمية معقدة.

من جانبه يرى الباحث محمّد سليمان أنّ هذه الدوريات تشير إلى إعادة تفعيل الاتفاقات الروسية التركية بشأن الدوريات العسكرية، واستئناف التفاهمات الثنائية في الشمال السوري، كما أنها تأتي ضمن حزمة أوسع من الاتفاقات الأمنية والاقتصادية، تشمل استمرار الوجود العسكري الروسي في الساحل من خلال قاعدتي حميميم وطرطوس وتوسيع التعاون في ملف الطاقة، لا سيما في مجال توليد النفط.

ويتوقّع أن تنعكس هذه التفاهمات الإقليمية إيجاباً على تنفيذ اتفاق 10 مارس وتدفع باتجاه تهدئة الأوضاع في شمالي وشرقي سوريا نسبياً وتقييد الدور الإسرائيلي من خلال استغلال الأزمات وتقلص نفوذ قسد، مما يفتح الباب أمام مرحلة أكثر استقراراً سياسياً وأمنياً.

ويختم سليمان بالقول، إنّ الروس عادوا بقوة إلى المشهد، لكن السؤال: هل لديهم خطة طويلة الأمد، أم أن ما نراه مجرد تحركات تكتيكية مؤقتة؟