icon
التغطية الحية

روسيا تحصن نفوذها في سوريا.. مباحثات مع الأردن حول ملف الجنوب

2023.01.12 | 10:19 دمشق

الصفدي يلتقي أليكساندر لافرينتيف مبعوث الرئيس الروسي في الأردن
الصفدي يلتقي أليكساندر لافرينتيف مبعوث الرئيس الروسي
إسطنبول - خاص
+A
حجم الخط
-A

أجرى وفد روسي رفيع المستوى برئاسة مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتيف زيارة إلى العاصمة الأردنية عمان يوم الأربعاء 11 كانون الثاني/ يناير 2023، والتقى مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي.

وبحسب بيان أصدرته وزارة الخارجية الأردنية في أعقاب اللقاء، فقد بحث الجانبان الاستقرار في الجنوب السوري، ومواجهة تهريب المخدرات منه إلى المملكة.

مضمون المباحثات

أكد مصدر دبلوماسي أردني لتلفزيون سوريا، أن المباحثات بين الأردن وروسيا تركزت على ملف الجنوب السوري، وحجم التهديدات التي تعاني منها الأردن، نتيجة استمرار عصابات تهريب المخدرات، حيث أطلع الجانب الأردني الوفد الروسي على المعلومات التي يمتلكها عن علاقة الميليشيات المرتبطة بإيران بتصنيع وتهريب المخدرات وعلى رأسها الفرقة الرابعة وحزب الله اللبناني.

وبحسب المصادر فإن الوفد الروسي أبدى استعداده للعمل المشترك مع الأردن من أجل مواجهة عمليات التهريب، وعبّر عن اهتمامه البالغ بأمن الحدود الأردنية الشمالية المشتركة مع سوريا، ووعد باتخاذ إجراءات ميدانية في وقت قريب.

أيضاً، فقد ناقش الطرفان تعطل مسار الحل السياسي في سوريا، وانعكاسه السلبي على الاستقرار، كما أطلع الوفد الروسي الأردن على المباحثات التي تجريها كل من تركيا والإمارات مع النظام السوري، وإمكانية العمل على تشكيل مظلة دولية بمساهمة الأردن لدعم التوصل إلى حل سياسي في سوريا.

وأفرد الجانبان حيزاً من الوقت لمناقشة ما يمكن القيام به لإعطاء دفعة للأمام لتطوير العلاقات بين الأردن والنظام السوري، خاصة في مجال التبادل التجاري، إذ لم يتم إحراز تقدم في هذا الملف رغم إعادة العلاقات بين الطرفين قبل ثلاث سنوات.

تأمين النفوذ الروسي في سوريا

يبدو أن موسكو تسعى لتحصين نفوذها في سوريا وقطع الطريق على أي مساعٍ غربية لاستهدافه، في ظل تتالي المؤشرات على احتمال انتقال التوتر بين موسكو والولايات المتحدة الأميركية على خلفية الحرب الأوكرانية إلى الملف السوري، ولذلك اتجهت موسكو إلى الأردن بعد نجاحها في رعاية لقاء على مستوى رفيع بين تركيا والنظام السوري في شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

وأفاد الخبير العسكري الأردني اللواء الركن المتقاعد محمد الثلجي لموقع تلفزيون سوريا، بأن زيارات المسؤولين الروس الأخيرة إلى الأردن تركز على ضمان موقف أردني محايد من الصراع الغربي – الروسي المتصاعد بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا.

ورجح الثلجي أن تكون روسيا قلقة من قانون مكافحة المخدرات في سوريا، الذي أقرته الولايات المتحدة الأميركية ضمن الموازنة الدفاعية لعام 2023، لأنه قد يتطور إلى تعاون عسكري يهدف إلى ضمان سلامة الحدود الأردنية المشتركة مع سوريا، وهذا سيؤدي في نهاية المطاف إلى تعزيز النفوذ الأميركي على حساب روسيا.

 واتجهت عمان مؤخراً إلى الاعتماد بشكل أكبر على الدور الأميركي في تأمين حدودها عن طريق العمل المشترك مع القواعد العسكرية الأميركية في المملكة، وما توفره من تقنيات وتكنولوجيا متطورة لمراقبة الحدود، نتيجة خفض روسيا لالتزاماتها المتعلقة بالجنوب السوري منذ مطلع عام 2022.

مخاوف روسية من انهيار تسوية الجنوب

نتيجة حالة الفراغ في الجنوب السوري، الذي خلفه انشغال روسيا في الملف الأوكراني، زادَ الأردن من التنسيق مع مجموعات عسكرية مناهضة للنظام السوري منتشرة داخل محافظة درعا لاستهداف زعماء شبكات تهريب المخدرات إلى الأردن، كما أن العمليات الأمنية التي تستهدف استخبارات النظام السوري ازدادت في أواخر عام 2022، ومطلع عام 2023، وكل ما سبق يوحي بإمكانية انهيار تسوية الجنوب السوري.

وأكد مصدر أمني لموقع تلفزيون سوريا، أن تلك المجموعات المحلية المتعاونة مع الأردن والتحالف الدولي نفذت قرابة 50 عملية أمنية في الربع الأخير من العام 2022، نتج عنها تصفية تجار مخدرات مرتبطين بالفرقة الرابعة من أبرزهم محمود النزال، وورد الجاعوني، ومحمود أبو حصيني.

من جهة أخرى، فقد شهدت الأسابيع الماضية تصاعد وتيرة الهجمات ضد المراكز التابعة لفرع المخابرات الجوية في درعا الذي يرأسه العميد خردل ديب، المرتبط بشكل كبير بالنفوذ الإيراني، وكان أبرز تلك الهجمات استهداف دورية للمخابرات الجوية في داعل.

وبات الجنوب السوري بشكل عام مصدراً للقلق بالنسبة لروسيا، بسبب عودة حركة الاحتجاجات الشعبية المناهضة للنظام السوري، والتي لا تقتصر فقط على درعا وإنما امتدت لتشمل السويداء أيضاً.

 وفي 4 كانون الثاني/ يناير الجاري، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد بنيامين نتنياهو، أن بلاده ستتصرف بـ"حزم وقوة" لإجهاض التموضع الإيراني في سوريا، مما يبدو أنه أثار مخاوف موسكو من جنوح الدول الإقليمية المتضررة من النفوذ الإيراني في الجنوب السوري إلى العمل بشكل مشترك لمواجهة التهديدات الأمنية، مما قد يؤدي في نهاية المطاف إلى خروج الأوضاع عن السيطرة.

من الواضح أن روسيا ومن خلال خطواتها الأخيرة في سوريا، تريد التأكيد على احتفاظها بقدرتها على التأثير في الساحة الدولية، في مواجهة مساعي الولايات المتحدة الأميركية والأوروبيين الهادفة إلى عزل موسكو، ولذا فهي تبرز امتلاكها أوراقاً قوية تجعلها في موقع مهم بالنسبة لدول المنطقة، كما أنها من جهة أخرى تبذل كل ما بوسعها لقطع الطريق على احتمالات زيادة الضغط عليها من بوابة الملف السوري.