روسيا أيضاً.. ثلاثية المؤامرة والنصر والتجانس

2022.09.30 | 14:01 دمشق

روسيا أيضاً.. ثلاثية المؤامرة والنصر والتجانس
+A
حجم الخط
-A

بعد ثمانية أشهر من الحرب الروسية على أوكرانيا استنفدت موسكو أحجياتها التي ساقتها لخوض حرب كبرى بعد أن كانت مجرد عملية خاصة، وهذا ما أدخلها في ورطة تقديم مبررات جديدة تقدمها للروس أولاً حيث إنهم من سيدفعون فاتورة الاقتصاد والموت والعزلة، وثانياَ للحلفاء والعالم الذي ينظر إليها على أنها ليست سوى دولة مارقة يقودها رجل مخابرات تحول إلى رجل عصابات لغة وفعلاً.

يروج أبواق روسيا في العالم العربي للخطوات الأخيرة التي أقرها بوتين على أنها ليست سوى بداية لإجهاض المؤامرة التي تحيكها الإمبريالية العالمية وقوى الظلام ضد روسيا العظمى، ومن هذه الخطوات الدعوة إلى التعبئة الجزئية وجلب آلاف المرتزقة وبينهم سوريون  ومقاتلون من الشيشان إضافة إلى عصابة فاغنر مع وعود بمنح الجنسية الروسية لمن يدافع عن روسيا لأكثر من عام.. ألا يذكركم هذا بقرارات مماثلة في سوريا عندما تم منح عشرات الآلاف من مرتزقة الميليشيات الجنسية السورية وتم إسكانهم في بيوت السوريين المهجرين، مقابل هؤلاء يتم تصنيف الهاربين من التعبئة - والرافضين للحرب ولزجّ أبنائهم وأرواحهم في حرب مجنونة لا نهاية لها في الأفق- من الروس إلى دول الجوار على أنهم خونة ستتم معاقبتهم بالسجن لعشر سنوات، وهذا أيضاً يحيلنا إلى مقولات رأس النظام السوري ورموزه عن السوري الوطني والسوري الخائن حيث إن الجنسية ليست شرطاً للوطنية، وإن السوري هو من يدافع عن وطنه(النظام)، وهو بالتالي يخلق بهذه المقولة حسب زعمه مجتمعاً متجانساً يؤمن بالوطن فقط أما كل من هربوا من القتل والقصف والطرد فهم ليسوا سوى خونة يحتاجون إلى قرارات ومراسيم عفو، وعليهم أن يدفعوا ثمن تخليهم عن النظام في لحظة جنوحه وجنونه.

المعارك الأخيرة قد كشفت هشاشة النصر المزعوم بعد تحقيق الجيش الأوكراني سلسلة انتصارت أوصلت قواته إلى الحدود الدولية

في مفهومه للنصر يصل بوتين بعد سلسلة الإخفاقات العسكرية إلى التهديد باستخدام السلاح النووي فهو كما يقول شبيحته وإعلامه لا يحارب أوكرانيا الضعيفة بل حلف الناتو الذي يسعى إلى تدمير روسيا أسوة بما حصل مع الاتحاد السوفييتي، بينما واقع الحال يشي بحقيقة فاضحة عن فساد القيادة العسكرية وجهلها بالجبهة الأخرى وإلا لماذا سلسلة الاغتيالات والتبدلات التي تطرأ على قمة هرم القيادة العسكرية، والمعارك الأخيرة قد كشفت هشاشة النصر المزعوم بعد تحقيق الجيش الأوكراني سلسلة انتصارت أوصلت قواته إلى الحدود الدولية وهو ما برره الروس بإعادة الانتشار، وفي سوريا أيام اشتداد المعارك كان يسمى بالانسحاب التكتيكي.

مكملات النصر الكبير هي أن تترك خلف الانسحاب التكتيكي الأثر الذي يدل على أنك كنت هنا، وهذا بالفعل ما حصل حيث اكتشفت المقابر الجماعية التي ارتكبت بحق الجنود الأوكرانيين والمدنيين الذي أجبرتهم الظروف على البقاء، وبالتالي هي نفس الاستراتيجية التي انتهجت في أرياف المدن السورية من داريا إلى دوما وحماة وإدلب، وكلفتها ليست سوى النفي وإلقاء التهمة على العصابات والمرتزقة فهي ليست عقيدة جيوش الممانعة والعلمانية.

تسيطر على قادة إيران وأبواقها من (رئيسي) وحتى أصغر محلل سياسي سوري لغة المؤامرة واليد الأميركية والتخريب والمرتزقة

طرف مقاوم آخر وأحد أهم رعاة الممانعة وتحرير فلسطين يعاني أيضاً لإيجاد مبررات القتل والقمع، ولا يخرج عن نهج طالما برر به وجوده في سوريا والعراق واليمن، ولذلك تسيطر على قادة إيران وأبواقها من (رئيسي) وحتى أصغر محلل سياسي سوري لغة المؤامرة واليد الأميركية والتخريب والمرتزقة الذي يريدون تدمير إيران وإفشال نهجهها المقاوم، إضافة إلى إسرائيل التي تعبث بمفاوضات النووي الإيراني مع أميركا والعالم، ومن أجل هذا لا بد من الإصرار على الحلول الأمنية والضرب بيد من حديد.

إذا كان كبار الحلف الممانع يرددون نفس السيمفونية السافلة فهل سيخرج صغيرهم عن جوقة المرددين؟