رفع العقوبات عن إيران والنظام السوري

2021.12.05 | 06:02 دمشق

5c8648d8d437505b4e8b45d7_1.jpg
+A
حجم الخط
-A

رفع العقوبات الأميركية والأوروبية، هو البند الرئيسي بالنسبة لإيران في مفاوضات فيينا. وتطالب طهران واشنطن بالإفراج عن 10 مليارات دولار في القريب العاجل كتعبير عن حسن النوايا، باتجاه تطبيع العلاقات وتسهيل عمليات التفتيش على منشآتها النووية. ولا تزال الإدارة الأميركية رافضة للمطالب الإيرانية، ولكن من غير المستبعد أن تلين، وتتنازل أمام إيران، وهناك معلومات إيرانية تتحدث عن خطوات من هذا القبيل.

وقال مدير وكالة أنباء "إرنا" الإيرانية، علي نادرين، في تغريدة منذ نحو أسبوعين، إن إحدى الدول أفرجت عن 3.5 مليارات دولار من الموارد المالية الإيرانية المجمّدة. ولم يكشف عن هذه الدولة التي لا يمكن أن تقوم بذلك بلا موافقة أميركية.

تحدث مسؤولون في الإدارة السابقة عن أن جزءا من الأموال التي تم الإفراج عنها من قبل إدارة باراك أوباما ذهبت إلى تمويل الإرهاب الإيراني في سوريا

رفع العقوبات والإفراج عن الأموال تنعكسان مباشرة على الوضع في سوريا، لأن بعض العقوبات على طهران على صلة مباشرة بدعم النظام السوري، ومن ذلك شركات تعمل في سوريا، أو تقدم الدعم المباشر للنظام أو تشارك تجاريا معه، وهناك عقوبات مفروضة على الدولة الإيرانية بسبب دعم النظام، ومثال ذلك الشركات التي تقوم بالصناعات العسكرية، والتي فرضت عليها أميركا آخر سلسلة عقوبات مطلع العام الحالي، وجاء في بيان الخارجية الأميركية، أن "انتشار الأسلحة التقليدية الإيرانية يشكل تهديدًا مستمرًا للأمن الإقليمي والدولي، كما يتضح من استمرار الدعم العسكري الإيراني وعمليات نقل الأسلحة المؤكدة التي تغذي الصراع المستمر في سوريا ولبنان والعراق واليمن وأماكن أخرى".

وتحدث مسؤولون في الإدارة السابقة عن أن جزءا من الأموال التي تم الإفراج عنها من قبل إدارة باراك أوباما ذهبت إلى تمويل الإرهاب الإيراني في سوريا. ولا يقتصر الأمر على الحرب ضد الشعب السوري، بل لتمويل بنية اقتصادية تربط سوريا بإيران.

ومن المعروف أن العلاقات بين النظام السوري وحليفه الإيراني شهدت توقيع اتفاقيات تجارية واستثمارية واسعة خلال العقد الأخير، وفي هذا المسار افتتح يوم الإثنين الماضي وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني، سيد رضا فاطمي أمين، المركز التجاري الإيراني في المنطقة الحرة بمدينة دمشق، بعد أكثر من سنتين على إعلان إنشائه. وتعول طهران على أن يرفع المركز سقف التبادل التجاري بين النظام السوري وإيران، والتي تصل حاليًا إلى ثلاثة مليارات دولار أميركي، حسب الأرقام الإيرانية.

ورافقت افتتاح المركز زيارة اقتصادية قام بها وفد إيراني إلى دمشق، في إطار عقد اتفاقيات تضم عدة مشروعات اقتصادية، وجرت اجتماعات ما يسمّى بـ"الملتقى الاستثماري التأسيسي السوري – الإيراني"، وذلك من قبيل التحضير لرفع العقوبات عن إيران، وهناك مشروعات أخرى تنتظر دعما كبيرا، منها منطقتان حرتان مشتركتان بين النظام وإيران في حمص واللاذقية.

هناك عمليات استملاك واسعة للعقارات والأراضي في محافظات دمشق، حلب، الرقة، دير الزور. وكل هذا يجري بسرعة في وقت يرفض النظام فكّ العلاقة الاستراتيجية التي تربطه مع الجانب الإيراني

والرابح الأساسي من هذه المشاريع هي طهران. صحيح أنها تثبّت دعائم النظام اقتصاديا وسياسيا، إلا أن هناك فوائد اقتصادية تجنيها، مستفيدة من انخفاض أجور اليد العاملة السورية، كما أنها تتمتع بامتيازات الاستثمار في المناطق الحرة، مثل إلغاء الرسوم الجمركية على منتجاتها. وتتركز معظم الاستثمارات على الصناعات المتعلقة بإعادة الإعمار، مثل مواد البناء. وفي حال بدأت عملية إعادة الإعمار، ستكون المواد التي أنتجتها المصانع الإيرانية، متاحة وقريبة من سوق التصريف، وذات كلفة منخفضة. وبالتالي، سيغرق السوق السوري بالبضائع الإيرانية، لتنافس تلك البضائع مثيلاتها السورية، وخاصة أن البضائع المنتجة في المناطق الحرة السورية، أو المستوردة وفق اتفاقية التجارة الحرة مع إيران، تتمع بإعفاء جمركي يصل في بعض الأحيان إلى 100%.، كما ستنافس المنتجات الإيرانية مثيلاتها من المنتجات المستوردة مثل الصينية، وستكون فرص دخول الشركات الأجنبية الأخرى أو المحلية في المناطق الحرة محدودة بشكل كبير.

وهناك بعض العمليات المؤجلة بسبب العقوبات، وإذا تم إفساح المجال لتدفق المال والنفط والغاز الإيراني بحرية، فإن سوريا مهددة بالابتلاع في ظل الهجوم الإيراني الذي ازداد شراهة في الأعوام الأخيرة، فهناك عمليات استملاك واسعة للعقارات والأراضي في محافظات دمشق، حلب، الرقة، دير الزور. وكل هذا يجري بسرعة في وقت يرفض النظام فكّ العلاقة الاستراتيجية التي تربطه مع الجانب الإيراني، وهو من جملة الشروط التي تضعها بعض الدول، قبل اتخاذ خطوات تطبيعية معه، بل على العكس يعزز علاقاته الاقتصادية مع إيران.