icon
التغطية الحية

رغم خطورة الإصابة بأمراض.. النفايات مصدر قوت الفقراء في إدلب

2021.02.03 | 05:16 دمشق

imageonline-co-logoadded_7.jpg
إدلب - هاديا منصور
+A
حجم الخط
-A

تقصد الثلاثينية صفاء حبيش مكب النفايات القريب من المخيم الذي تقطنه بالقرب من بلدة باريشا كل يوم مع ولديها أحمد وعمر باحثين عما يمكن بيعه والاستفادة منه، أو ما يمكن حرقه داخل مدفأتهم مساءً لينعموا ببعض الدفء وسط البرد القارس وموجة الصقيع التي تمر بها المنطقة.

الحبيش فقدت زوجها بالقصف على مدينتها خان شيخون تاركاً لها خمسة أولاد أكبرهم في الرابعة عشر من عمره، وهي لا تملك أي شهادة أو مهنة تستطيع من خلالها مواجهة الحياة القاسية التي تعيشها مع أبنائها في مخيمات إدلب الشمالية وسط فقر وغلاء وانعدام المعيل، وهو ما دفعها لقصد المكب القريب مع الكثيرين من قاطني المخيم رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخ باحثين من خلال النفايات عن لقمة عيشهم.

 

 

10 ليرات تركية.. حصيلة يوم من التنقيب

تقول صفاء لتلفزيون سوريا أنها اعتادت هذا العمل الذي بات ملاذها الوحيد للحصول على دخل يومي يمكنها على الأقل من شراء الخبز لأبنائها، وأن ما تجمعه من معادن وبلاستيك ونحاس وألمنيوم تقوم ببيعه لتجني ما يقارب العشر ليرات تركية كحد وسطي وهي لا تكفي لشراء كل المستلزمات وإنما القسم اليسير والأكثر إلحاحاً على حد تعبيرها.

حين تأتي شاحنة نقل القمامة إلى مكب النفايات يتدافع سكان المخيم ويهرعون باتجاه ما قامت بتفريغه، يحاول كل منهم أن يستبق الآخر ويجمع الحصة الأكبر ويغطي السواد والأوساخ وجوههم وأيديهم وثيابهم البالية، في مشهد مأساوي يصعب تصوره بما آل إليه حال السوريون.

 

 

"أموت ولا أشحد"

" أموت ولا أشحد" عبارة أطلقها طفل سوري يعمل في جمع النفايات وهو يعكس من خلال عبارته تلك معاناة أطفال تجرعوا مرارة الحياة بنعومة أظفارهم بعدما ولدوا وسط قتل وتهجير من قبل نظام مجرم على امتداد عشر سنوات.

ويعتبر الأطفال هم أكثر الفئات التي تعمل في هذه المهنة ومنهم وسام الأطرش البالغ من العمر 12 عاماً، والذي يقصد مكب القمامة منذ ساعات الصباح الأولى حاملاً معه عصا خشبية يقلب بها أكياس القمامة باحثاً عما يمكن بيعه أو حرقه.

 

imageonline-co-logoadded (6).jpg

 

يقضي الطفل وسام معظم ساعات يومه في عملية البحث ليعود نهاية اليوم بأكياس ممتلئة بقطع المعادن والبلاستيك والخرداوات، يقول وسام "لا أحب هذا العمل فهو مرهق ومقرف ولكنني اعتدت عليه مرغماً" مشيراً إلى أنه أكبر إخوته سناً ووالده عامل مياومة وقلما يجد عملاً، بينما تجهد أمه بالعناية بإخوته الصغار والترتيب وإعداد الطعام والغسيل طيلة اليوم وهو يعمل لمساعدة أهله في تغطية بعض النفقات اليومية.

يعمل في جمع النفايات أطفال من مختلف الأعمار معظمهم تركوا مقاعد الدراسة بعد أن دمرت الحرب مدارسهم واضطر الأهالي للاعتماد على عمل أبنائهم لمواجهة الغلاء الكبير الناتج عن تراجع العملة غير آبهين بما يمكن أن تسبب لهم عملية البحث من أضرار جسيمة على صحتهم.

 

 

مخاطر الإصابة بأمراض كثيرة

يشكو الطفل علي حداد البالغ من العمر عشر سنوات من التهاب جلدي يتسبب له بحكة وألم شديد إضافة لالتهاب قصبات متكرر جراء عملية التنقيب ومع ذلك فهو مستمر بعمله، ويقول "والدي متوفى وأمي تعمل في ورشات زراعية بشكل متقطع إن لم أساعدها في المصروف سيكون الأمر لاشك مزرياً، ولن يكون هناك من يتفقد أحوالنا ويلبي احتياجاتنا، نحن بزمن صعب وإن لم تعمل فلن تأكل".

من جهته حذر الطبيب أحمد الشيخ من أضرار مهنة التنقيب في النفايات لما لها من آثار تدميرية ومخاطر جمة على صحة الإنسان وأوضح لموقع تلفزيون سوريا أن النفايات تحوي مواد سامة عديدة ومنها بقايا الطعام، فضلات الحيوانات، أثاث تالف، ركام ناجم عن انهيار وهدم المباني، فضلات طبية مثل المحاقن، الإبر، المباضع، شفرات إضافة لمواد كيماوية مستعملة في الطب مثل المواد المطهرة وغيرها.

 

 

وأشار إلى أن الاقتراب من هذه المواد أو ملامستها ممكن أن يؤدي لمخاطر عديدة يذكر منها التهاب الجلد، والتعرض لبكتيريا الكزاز، والهباء الحيوي، وهي كائنات دقيقة تتحرك في الهواء وترتبط عادة بوجود النفايات حيث تتكاثر بشكل كبير مسببة حساسية لمن يستنشقها، كما أن التعرض للجراثيم الموجودة في النفايات يؤدي إلى التهاب الأمعاء والتهاب الكبد، داء المقوسات، اليرقان، التهاب السحايا وحدوث تلف في الكلى.

وهو بدوره يدعو الجهات المعنية والحكومات القائمة للنظر بأهمية مساعدة هؤلاء مادياً وإبعادهم عن مكبات النفايات بما يحمي صحتهم من مخاطر "لا تحمد عقباها وخاصة بالنسبة للأطفال نظراً لقلة مناعتهم وضعف أجسامهم" وفق تعبيره.

وكان برنامج الأغذية العالمية التابع للأمم المتحدة حذر أواخر شهر حزيران الماضي 2020 من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 ملايين شخص إلى الغذاء الكافي، في ظل تفشي كورونا، وأن عدد الأشخاص الذين يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون خلال النصف الأول من العام ذاته.

كلمات مفتاحية