icon
التغطية الحية

رغم الاختلافات الإيديولوجية.. التقارب الإيراني مع "طالبان" يثير مخاوف إسرائيل

2021.09.04 | 19:03 دمشق

2021-08-29t121345z_399579369_rc2zep920a79_rtrmadp_3_afghanistan-conflict-iran-border_1.jpg
رجل أفغاني يجلس عند معبر "دوقارون" الإيراني الحدودي، 29 آب/أغسطس 2021 (رويترز)
تلفزيون سوريا – خالد خليل
+A
حجم الخط
-A

تثير مؤشرات التقارب بين إيران وحركة طالبان خلال السنوات الأخيرة، مخاوف تل أبيب من تعزيز موقف طهران في المنطقة، على خلفية الانسحاب الأميركي، وترشح التقديرات الإسرائيلية زيادة طهران من نهجها البراغماتي لاستغلال الأوضاع الجديدة على حدودها الشرقية بعد خلوها من الأميركيين لتحقيق مكاسب أمنية واقتصادية، على الصعيدين الداخلي والإقليمي.  

نشر معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، التابع لجامعة تل أبيب، ورقة سياسية تسلط الضوء على موقف إيران من جارتها أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي وصعود حركة طالبان للحكم، وطبيعة العلاقة التي تربط طهران بمقاتلي الحركة متوقعة حدوث تقارب بين النظامين رغم الاختلافات الإيديولوجية بينهما.

وتقول الباحثة الإسرائيلية، بت حين فيلدمان، معدّة الدراسة، إن صعود طالبان يمثل تحولاً إيجابياً لصالح إيران، على الرغم من الاختلافات الإيديولوجية والدينية الكبيرة التي تفصل النظام الشيعي في طهران عن التنظيم السني الذي سيطر على أفغانستان.

وتضيف أن طهران تنظر بإيجابية لتغيير النظام في جارتها الشرقية، لأنها لن تكون محاطة بالولايات المتحدة من الشرق والغرب، على أمل أن تتم واشنطن سحب قواتها من العراق أيضاً.

في منتصف الشهر الماضي، سيطرت حركة طالبان على أفغانستان، منهيةً عقدين من الوجود العسكري الأميركي، من دون قتال أو إراقة الدماء، بعد السيطرة على القصر الرئاسي في كابل ومطار المدينة (مطار حامد كرازي)، وذلك إثر فرار قوات الأمن ومغادرة الرئيس أشرف غني إلى طاجيكستان.

على الرغم من أن إسرائيل ترى صعود طالبان إلى الحكم سيعزز من موقف حركة "حماس" و"حزب الله" اللبناني، إلا أن أكثر ما يثير قلقها هو الانسحاب الأميركي، لأنه يقوي خصوم واشنطن وتل أبيب في المنطقة.

وتصور التقديرات الإسرائيلية الانسحاب على أنه "فشل استراتيجي" للولايات المتحدة، وليس مجرد هزيمة عسكرية، وإنما تراجع نهائي عن نظرية "المحافظين الجدد" التي تدعو لوجوب تغيير للعالم ولو بالقوة العسكرية.

نهج إيران البراغماتي

يضع الانسحاب الأميركي من أفغانستان إيران أمام واقع جديد ومعقد، يحاول الإيرانيون استغلاله عبر انتهاج سياسة براغماتية للتعاون مع طالبان من أجل حماية مصالحهم، وتقوية مكانتهم إقليمياً.

وتشترك إيران وأفغانستان في حدود طويلة تمتد لأكثر من 900 كيلومتر، وغياب حكومة مستقرة في جارتها الشرقية سيكون له عواقب فورية على الاقتصاد والأمن بالنسبة لإيران، التي تحاول مد الجسور مع حكام كابل الجدد.

رغم الاختلافات المذهبية والطبيعة الدينية بين النظام الإيراني وحركة طالبان، واعتبار إيران نفسها المدافع عن الشيعة في العالم، إلا أنها قد تختار التغاضي عن مضايقات طالبان للشيعة في أفغانستان من أجل تأمين المزيد من المصالح، بحسب الدراسة الإسرائيلية.

وترجح دراسة معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، ألا يتغير نهج طهران البراغماتي تجاه طالبان نظراً لما تمثله أفغانستان من أهمية كبيرة لأمن إيران القومي وسياستها الإقليمية.

وتذهب الدراسة إلى أن طهران ستكثف من تعاونها مع طالبان، وذلك لتأمين المصالح الإيرانية، لا سيما على الصعيدين الأمني ​​والاقتصادي. 

  • منع تسرب المقاتلين إلى أراضيها، فإيران تخشى من وصول مقاتلي "داعش" إلى حدودها أو أراضيها، لا سيما بعد التقارير الأميركية التي حذرت من إمكانية أن يؤدي الانسحاب إلى تعزيز نفوذ "تنظيم الدولة" (داعش) في أفغانستان وزيادة العمليات ضد الطائفة الشيعية أو ضد الأهداف الإيرانية. وتشترك إيران وطالبان في موقفهما ضد "داعش"، مما يخلق فرصة للتعاون بينهما لمحاربة التنظيم.
  • منع تدفق اللاجئين، أي موجة كبيرة من اللاجئين الأفغان يمكن أن تجعل الوضع الداخلي في إيران أكثر صعوبة من الناحية الاقتصادية والأمنية. يشار إلى أن ثلاثة ملايين لاجئ أفغاني، يعيشون في إيران، أغلبهم غير مسجلين تستغل طهران ظروفهم لزجهم في صراعاتها الإقليمية، وشكلت منهم ميليشيا "فاطميون" في عام 2014 وأرسلتهم إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات الأسد.
  • اقتصادياً، تسعى إيران إلى تأمين مصالح اقتصادية في أفغانستان، للتخفيف من وطأة العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها. تعتبر أفغانستان من أكبر أسواق الصادرات الإيرانية غير النفطية، ويقدر إجمالي الصادرات بنحو ملياري دولار سنوياً. وفي نهاية العام الماضي، أنهت طهران الجزء الأول من مشروع الربط بين البلدين من خلال سكة الحديد، لتحسين التجارة بين البلدين، بتمويل إيراني.
  • تدفق المياه من أفغانستان. تعدّ قضية المياه نقطة خلاف بين البلدين، نتيجة تحكم أفغانستان بالسدود على نهر هلمند الذي يوفر المياه لنحو مليون شخص. في مطلع العام الحالي، توصلت طهران وكابل إلى اتفاقية لحل الخلاف، لكن عدم الاستقرار في أفغانستان قد يعيق تنفيذها.
Untitled.jpg
لاجئون أفغان على الحدود الإيرانية (رويترز)

عدو الأمس صديق اليوم

مرت العلاقة التي تربط إيران بحركة طالبان بمراحل متباينة، غيرت خلالها طهران موقفها من معاداة الحركة والتعاون مع واشنطن في الحرب على أفغانستان إلى التعاون العسكري مع طالبان واحتضان قادتها، وفقاً للتطورات التي تشهدها المنطقة.

  • خلال حكم طالبان الأول (1996-2001)، وقفت إيران ضد "طالبان"، ودعمت أعداء الحركة "تحالف الشمال" الذي يقوده أحمد شاه مسعود، المدعوم من روسيا والولايات المتحدة أيضاً.
  • عام 1998، بلغت التوترات بين إيران وطالبان ذروتها، بعد أن أعدمت طالبان 11 دبلوماسياً إيرانياً وأعضاء هيئة تدريسية، وهي خطوة كادت تؤدي إلى مواجهة عسكرية بين الطرفين.
  • عام 2001، العلاقات المتوترة بين إيران وطالبان دفعت إيران إلى التنسيق العسكري مع الولايات المتحدة في أثناء الغزو الأميركي لأفغانستان.
  • عام 2003، طهران توقف تعاونها مع واشنطن بعد خطاب للرئيس جورج بوش الابن، وصف فيه إيران وحلفاءها بأنهم "محور الشر".

في السنوات الأخيرة، شهدت العلاقات بين إيران وطالبان تغييراً، عزز التقارب بين الجانبين، في ظل وجود القوات الأميركية في أفغانستان، والضغوط الأميركية والإسرائيلية التي تواجهها طهران بسبب برنامجها النووي ونشاطاتها التوسعية في المنطقة.

ومن مظاهر تغيّر الموقف الإيراني تجاه الحركة:

  • توقف المرشد الأعلى، علي خامنئي، عن الانتقاد العلني لحركة طالبان.
  • التعاون العسكري بين طالبان والحرس الثوري، وشمل جوانب التدريب وتزويد طالبان بالسلاح.
  • احتضان قادة طالبان: تحدثت العديد من التقارير عن وجود غير رسمي لأعضاء حركة طالبان في إيران، ومن الأدلة البارزة على ذلك اغتيال أمير الحركة، الملا أختر محمد منصور في أيار/مايو 2016، على يد الولايات المتحدة، بعد عودته من إيران إلى باكستان.
  • عام 2018، استضافت طهران وفداً من طالبان لإجراء محادثات، مؤكدة أن زيارة الوفد كان بعلم من الحكومة الأفغانية المدعومة أميركياً.
  • آب/أغسطس 2021، لعبت طهران دور الوسيط بين الحكومة الأفغانية وطالبان واستضافت الوفود من الطرفين، ولكن من دون جدوى.