أطلقت الفصائل العسكرية السورية عملية "ردع العدوان" صباح الأربعاء الماضي، في رد عسكري غير مسبوق على تصعيد نظام الأسد والميليشيات الإيرانية ضد المدنيين في الشمال السوري. العملية، التي وُصفت بأنها الأكبر منذ سنوات، شملت استخدام طائرات مسيرة من طراز FPV وقصفاً مدفعياً مكثفاً، واستهدفت مواقع استراتيجية للنظام وحلفائه. وأكد العقيد حسن عبد الغني، المتحدث باسم غرفة عمليات الفتح المبين، أن هذه الضربة الاستباقية تهدف إلى كسر مخططات الميليشيات المدعومة من إيران وإعادة المهجرين إلى مناطقهم.
إيران تلتزم الصمت تجاه عملية "ردع العدوان"
تُعدُّ التغطية الإعلامية الإيرانية لعملية "ردع العدوان" ونقل أحداثها وتفاصيلها من بين الأكثر كثافة خلال السنوات الأخيرة. فقد سعت بعض المواقع الإيرانية، منذ الساعات الأولى، إلى تكثيف الاهتمام الإعلامي بالعملية، ما يعكس القلق المتزايد من تداعياتها، خصوصًا أنها نجحت في السيطرة على مواقع حساسة ومهمة بالقرب من مدينة حلب الاستراتيجية وقريتي نبل والزهراء.وفي الوقت ذاته، حاولت المواقع الإيرانية امتصاص الصدمة من خلال التقليل من تأثير العملية على مصير مدينة حلب. وأشار موقع "سورية بالفارسي" إلى أنه لا يوجد خطر حاليًا على المدينة، إذ أوضح أن الوصول إليها ليس بالأمر السهل ويتطلب وجود قوات كبيرة، وفق ما نشره على حسابه في موقع إكس.
واعتبر الموقع أن وقوع معركة "حلب الكبرى"، التي وُصفت سابقًا بـ"أم المعارك"، مستبعد، حيث يتطلب ذلك مزيدًا من القوى والصراع والاشتباكات، زاعمًا أن الثوار السوريين لم يحددوا هدفهم بمهاجمة حلب.
وفي محاولة واضحة للتقليل من أهمية الحدث وتبديد المخاوف المتوقعة، أضاف الموقع أن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها سوريا معركة مشابهة، معتبرًا أن العامل الجديد الوحيد في المعركة الحالية هو دخول عدد من القنوات ووسائل الإعلام الناطقة بالفارسية على خط التغطية، وفق زعمه.
كما أوضح "الموقع" أن المدن والمناطق التي سقطت تقع على خطوط التماس، ولا يقطنها سكان مدنيون، مشيرًا إلى أن الجيش السوري أصدر أمرًا بإخلاء بعض المناطق لتجنب خسائر بشرية كبيرة، بعد ساعات من هجوم المجموعات المسلحة.
وأفادت صفحات محلية سورية بأن عملية "ردع العدوان" أدت إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى والأسرى من قوات النظام، بينهم ضباط برتب متوسطة وعليا.
وبيّن موقع "سورية بالفارسي" أن نظام الأسد والميليشيات الإيرانية قد استعدوا لصد هذا الهجوم منذ أشهر، لافتًا إلى وصول تعزيزات عسكرية إلى جبهات حلب وإدلب، مع توقع تنفيذ هجوم معاكس خلال الساعات القليلة القادمة.
مواقع إيرانية: سوريا مقبلة على تحولات جديدة
اعترف موقع انتخاب الإيراني بسيطرة فصائل الثورة السورية على بعض القرى المحيطة بمدينة حلب بعد تكثيف تحركاتهم في المنطقة بالتزامن مع إعلان وقف إطلاق النار في لبنان. واعتبر الموقع أن هذه الأحداث تضع سوريا على عتبة تحولات جديدة.
وتضع الفصائل العسكرية المشاركة في عملية رد العدوان هدف طرد الميليشيات المدعومة من إيران من جبهات شمال سوريا كهدف استراتيجي مُعلن، خاصة بعد الهجمات المميتة التي شنتها هذه الميليشيات باستخدام طائرات مسيّرة انتحارية على المنطقة.
وفي هذا السياق، أفاد موقع سورية بالفارسية بأن طائرة مسيّرة إيرانية تابعة للحرس الثوري الإيراني أقلعت من مطار التيفور قرب مدينة تدمر للعمل على محور حلب.
وأعلنت مواقع إيرانية عن وقوع أحد من وصفته بـ"مقاتلي المقاومة" أسيرًا بيد المجموعات المهاجمة التابعة لفصائل الثورة السورية في معارك ريف حلب .
وفي الوقت ذاته، أعلنت القيادة المركزية للقوات الأميركية (سنتكوم) الثلاثاء عبر معرفاتها الرسمية عن عمليات قصف استهدفت مواقع ومستودعات تابعة للميليشيات الإيرانية شرقي سوريا. وأوضحت القيادة المركزية أن القصف جاء بهدف تقليل قدرة الميليشيات المدعومة من إيران على التخطيط وتنفيذ الهجمات.
تسارع الأحداث وخطورتها، بحسب ما تراه طهران، يهدد ما تعتبره إنجازات عسكرية حققتها شمال سوريا خلال الأعوام القليلة الماضية. وقد دفع ذلك موقع كيهان الناطق بلسان خامنئي إلى متابعة التطورات، حيث زعم الموقع المتشدد أن عمليات "رد العدوان" تدق ناقوس خطر "فتنة جديدة" في سوريا بالتزامن مع إعلان وقف إطلاق النار في لبنان.
وادعت وكالة أنباء تسنيم أن مقاتلي عمليات "رد العدوان" هاجموا بلدتي نبل والزهراء في محافظة حلب.
وفي هذا الإطار، ادعى موقع "تجارت نيوز" الإيراني أن فصائل المعارضة السورية تحاول استغلال الظروف الإقليمية والدولية، بما في ذلك الهجمات الإسرائيلية الأخيرة على مواقع سورية وحلفائها في سوريا ولبنان، في أعقاب تكثيف هجمات جيش النظام بالمدفعية والصواريخ والطائرات بدون طيار ضد محافظة إدلب.
من جهة أخرى، ذكرت وكالة "تسنيم" الإيرانية أن مسلحي هيئة تحرير الشام قرروا بدء عملياتهم في شمال سوريا بالتزامن مع وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان ووقف الهجمات على جنوب لبنان، لتحقيق تنسيق مع إسرائيل ضد محور المقاومة، وفق زعمها.
مقتل كبير مستشاري القوات الاستشارية الإيرانية في حلب
بعد أكثر من 24 ساعة على بدء العمليات العسكرية لعملية "ردع العدوان" والإنجازات الميدانية التي حققتها في ريف حلب الغربي وشرق محافظة إدلب، لم يصدر أي بيان رسمي حتى الآن من المسؤولين الإيرانيين بشأن التطورات الكبيرة شمال شرقي سوريا.
وأعلنت اليوم مواقع إيرانية مقتل العميد في الحرس الثوري الإيراني، كيومرث بورهاشمي، في الاشتباكات العسكرية التي وقعت اليوم على محور مدينتي حلب وسراقب.
وأفادت المواقع الإيرانية بأن العميد كيومرث كان يتولى قيادة القوات الاستشارية الإيرانية في مدينة حلب، مما يعكس اتساع نطاق العمليات العسكرية التي شنتها فصائل الثورة السورية وخطورتها، خصوصًا ضد الوجود الإيراني المثير للقلق في المنطقة.
ولم تُفصح المواقع الإيرانية عن تفاصيل إضافية حول مكان أو توقيت مقتل العميد كيومرث.
وذكر موقع "قاب فردا" الإيراني أن العميد كيومرث، الذي ينحدر من مدينة كرمانشاه الإيرانية، كان مستشارًا عسكريًا مقيمًا في سوريا منذ سنوات.
كما نشر الموقع صورة قديمة للعميد كيومرث في سوريا، يظهر فيها واقفًا في منطقة مرتفعة تتشابه تضاريسها مع المنطقة الوسطى من سوريا، بالقرب من ريف حمص الشمالي أو جبل زين العابدين على الأرجح، مما يشير إلى فترة خدمته العسكرية الطويلة والممتدة لسنوات.