icon
التغطية الحية

ربع عمال سوريا فوق الـ 50 عاماً.. مسنون ومتقاعدون يطاردون لقمة العيش بصعوبة

2022.10.19 | 07:40 دمشق

رجال ونساء يعملون في بلدية حلب (الإنترنت)
رجال ونساء يعملون في بلدية حلب (الإنترنت)
فتحي أبو سهيل - خاص
+A
حجم الخط
-A

بحسب إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء، التابع لحكومة النظام السوري، تبلغ نسبة العمال الذين تتجاوز أعمارهم الخمسين سنة 26.2% من القوى العاملة بين الذكور أي أكثر من الربع، في ظل هجرة الشباب.

وفقاً لأرقام "الإحصاء"، فإن 11.7% من القوى العاملة بين الذكور يتراوح عمرها ما بين 50 – 54 عاماً و7.3% ما بين 55 – 59 عاماً، و4.1% ما بين 60 – 64 عاماً، و3.1 من 65 عاماً وأكثر.

اللافت، أن نسبة العاملين بين 50 – 54 عاماً هي ثاني أكبر نسبة من العمالة بعد نسبة 13.1 للعاملين بين 40 – 44 عاماً، وأيضاً، هي تساوي تقريباً نسبة العاملين بين 35 - 39 عاماً.

كما أن نسبة عمالة الذكور بين 55 – 59 عاماً تقارب نسبة العاملين بين 25-29 عاماً التي بلغت 8.8% أي أن الفرق بينهما نحو 1% فقط.

يشار إلى أن هذه الأرقام التي أصدرها المكتب المركزي هذا العام ترصد واقع العمالة في عام 2020، ويؤكد خبراء أن النسبة ارتفعت أكثر خلال العامين 2021 – 2022 نتيجة ازدياد موجة الهجرة وتردي الوضع الاقتصادي الذي يجبر كبار السن على العمل.

بدء العمل بعد التقاعد

تشير الأرقام إلى اعتماد الاقتصاد في سوريا على شريحة كبار السن بنسبة لا يستهان بها. ومن المعروف أن تقاعد الموظفين الحكوميين يكون في بلوغهم سن الستين ووصول الخدمة المحسوبة إلى 15 عاماً، أو عبر نظام التقاعد المبكر الذي يمكن طلبه بعد بلوغ سنوات التوظيف 25 عاماً من دون التقيد بشرط السن.

لكن، قد تبدأ رحلة المتقاعد في البحث عن لقمة عيشه بعد تقاعده فوراً أو حتى قبل تقاعده بسنوات نتيجة عدم كفاية الراتب الأساسي أو الراتب التقاعدي، علماً أن هناك نسبة كبيرة من المسنين غير موظفين بالقطاع العام ولا يحصلون على رواتب ثابتة أو تقاعدية، وهم مضطرون للعمل طالما "هناك نفس"، على حد تعبير العديد منهم.

عمران (اسم مستعار) وهو أحد عمال النظافة في مساكن برزة بدمشق، تقاعد العام الماضي، وبدأ يعمل في تنظيف السيارات، إضافة إلى توصيل الطلبات للمنازل، وشطف أدراج الأبنية. يقول عمران، لو توقفت عن العمل سأموت من الجوع أنا وزوجتي وابنتي التي تدرس في السنة الأولى بجامعة دمشق قسم اللغة العربية.

خسر عمران اثنين من أبنائه في معارك جوبر على حد تعبيره، وهو الآن يعيش بضيق حال ويعاني العديد من الأمراض التي تتطلب منه إنفاق أكثر من 50 ألف ليرة شهرياً على الأدوية، إضافة إلى أجرة منزل 150 ألف ليرة.

أعمال شاقة

مجبرٌ أبو وسام بعمر الـ 65 على جر عربته الحديدية فجراً لينزل بها إلى الفرن، حاملاً معه البطاقات الذكية للأسر من أبناء حارته، يشتري لهم مخصصات الخبز ويجرها عائداً ليوزعها على أصحابها. يبيع أو وسام الربطة بـ 500 ليرة سورية، وكل ما يجنيه من هذه العملية بالكاد يعود إليه بـ 15 ألف ليرة.

50 ربطة خبز تتكتل فوق العربة بوزن 50 كيلوغرام يجرها مسافة أكثر من 2 كيلومتر إلى منطقة التضامن، وبعد الانتهاء من التوزيع يضع في عربته وعاء ماء وإسفنجة ومساحة وبعض المنظفات ليبدأ بتنظيف السيارات. يعمل على تنظيف 20 سيارة قسمها إلى مجموعتين كل يوم مجموعة من 10 سيارات يتقاضى منهم شهرياً 10 آلاف، أي أنه يجني 200 ألف ليرة من هذا العمل المرهق شهرياً.

أبو وسام يؤكد أن ما يحصل عليه شهرياً لا يكفيه لكنه لم يفصح لنا عن كيفية قدرته على مواجهة باقي متطلبات الحياة قائلاً "الله ما بينسى حدا".

لا يعمل كبار السن في مهن تناسب أعمارهم، وغالباً ما تراهم يعملون في سوق الهال أو في الأبنية التجارية كمستخدمين، ويمكن أن يراهم المار في شوارع دمشق يعملون في البسطات المتواضعة وخاصة ضمن الأسواق، أو سائقين على سيارات الأجرة والسرافيس أو حراساً للأبنية وغيرها من مهن تتطلب صبراً وساعات طويلة من العمل لا تتناسب وأعمارهم.

يعاني كبار السن في أعمالهم بحسب المقابلات التي أجراها موقع "تلفزيون سوريا" من قبول تشغيلهم في أي عمل، إضافة إلى تهديدهم بالطرد في أي لحظة وعدم استقرارهم المادي، واضطرارهم لتقبل العمل تحت أي ظرف ومن دون عطل وبلا امتعاض وتجنب المشكلات أو الشجارات.

ولا يقتصر العمل على الذكور من كبار السن والمتقاعدين، فحتى النساء مجبرات على العمل في المنازل أو شطف أدراج الأبنية وتجهيز الخضراوات في المنازل وغيرها من مهن.

اضطر كبار السن للعمل نتيجة سفر أبنائهم للخارج، أو فقدانهم أو سجنهم أو التحاقهم بالخدمة العسكرية، وسط تضخم هائل يضرب البلاد وتدني قيمة العملة المحلية وارتفاع أسعار الأغذية.

عدد المسنين مرشح للزيادة

أوضحت مصادر مطلعة في "وزارة الشؤون الاجتماعية" لصحيفة "الوطن" الموالية للنظام عام 2013، أن عدد المسنين في سوريا، تجاوز 2 مليون مسن، مشيرة إلى أن الوزارة لا تملك إحصائية دقيقة عن عدد المسنين ونسبتهم في سوريا.

وبحسب المصادر، فإن المسنين الذين تحتضنهم دور الرعاية نحو 1% فقط من العدد الإجمالي 80% منهم دخلوا دور الرعاية بعد تخلي أولادهم عنهم نتيجة الظروف المادية.

مديرة الخدمات الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ميساء ميداني قالت في تصريح لـ سانا عام 2018، إن "فئة المسنين ليست بالفئة الكبيرة من حيث عدد السكان في سوريا لكن بسبب ظروف الحرب تضاعفت احتياجاتهم نتيجة هجرة الشباب وغياب المعيل ونزوح الأسر".

وبدوره، قال رئيس الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان أكرم القش في 2018، إن الدراسات تقدر نسبة كبار السن ممن تجاوز عمرهم الـ 60 عاماً بأكثر من 6% من تعداد السكان في سوريا ومن المتوقع ارتفاع هذه النسبة إلى 10% في عام 2025.

وركّز 95% من المسنين المشاركين في دراسة أجرتها "الهيئة السورية لشؤون الأسرة والسكان" منذ سنوات، حول "تقييم احتياجات الحماية للمسنين"، على ضرورة البحث عن بديل في حال عدم وجود معيل أو مساعد من الأسرة للمسن.