althania
icon
التغطية الحية

راهبة الأسد أم مبشّرة المصالحة.. من هي آغنيس اللحام ولماذا أثار ظهورها الجدل؟

2025.03.24 | 14:11 دمشق

آخر تحديث: 24.03.2025 | 14:47 دمشق

432
الراهبة آغنيس ماري فاديا اللحام
دمشق ـ حنين عمران
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- أثار لقاء الراهبة آغنيس ماري فاديا اللحام مع وزير الصحة السوري جدلاً واسعاً بسبب دفاعها العلني عن نظام الأسد، مما أدى إلى حذف صور اللقاء بعد انتقادات من نقابتي الأطباء والممرضين في إدلب.
- وُلدت آغنيس في بيروت وانضمت إلى رهبنة الكرمليت، وبرزت خلال الثورة السورية كمدافعة عن النظام، حيث أنكرت المجازر واتهمت بالتورط في مؤامرة لقتل صحفي فرنسي.
- زعمت آغنيس في مقابلاتها أن الحكومة السورية الجديدة ستقصي المكونات غير السنية، وظهرت في وسائل الإعلام لتبرير مواقفها، مدعية أن دفاعها كان من أجل المصالحة.

أثار ظهور الراهبة آغنيس ماري فاديا اللحام في لقاء رسمي داخل وزارة الصحة السورية مع الوزير الدكتور ماهر الشرع، موجة جدل ورفض واسع بين السوريين، خصوصاً أن اللحام تُعرف بدفاعها العلني عن نظام الأسد الساقط، وتورطها بتبرير مجازره في المحافل الدولية، إذ أطلقت عليها وسائل إعلام غربية خلال الثورة السورية لقب "راهبة الأسد".

وعقب انتشار صور اللقاء على منصات الوزارة، وبدء تفاعل السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي وانتقاد اللقاء، سارعت وزارة الصحة إلى حذف الصور من دون أي توضيح رسمي.

وفي وقت لاحق، أصدرت كل من نقابة الأطباء السورية ونقابة الممرضين في إدلب بيانين منفصلين، أعلنا فيهما رفضهما القاطع لهذا اللقاء، مؤكدَين أنه لا يمكن القبول بإعادة تدوير شخصيات دعمت النظام المخلوع أو برّرت جرائمه.

من هي الراهبة آغنيس؟

وُلدت فاديا لحام عام 1952 في بيروت لعائلة فلسطينية-لبنانية. والدها فلسطيني من الناصرة هُجِّر عام 1948، ووالدتها لبنانية​ تلقت تعليمها في مدرسة للراهبات الفرنسيات. 

دخلت رهبنة الكرمليت الكاثوليكية عام 1971​، واتخذت اسم الأخت أغنيس مريم الصليب (Agnes Mariam de la Croix). انتقلت إلى سوريا بعد عام 1994 وأسست هناك دير مار يعقوب المقطع في بلدة قارة بريف دمشق، حيث أصبحت رئيسة للدير​.

خلال سنوات الثورة السورية، برزت الراهبة آغنيس ماري فاديا اللحام كمدافعة شرسة عن نظام الأسد. واشتهرت بإنكارها للمجازر التي ارتكبها النظام، بما في ذلك الهجمات الكيميائية على الغوطة الشرقية عام 2013، حيث زعمت في لقاءات تلفزيونية أن مقاطع الفيديو التي تظهر الضحايا مفبركة؛ الكلام الذي استند إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في محاولاته لتبرئة النظام في المحافل الدولية. 

كما اتهمت بالتورط في مؤامرة لقتل الصحفي الفرنسي جيل جاكييه في حمص عام 2012، عبر صلاتها الوثيقة بأجهزة الاستخبارات التابعة للنظام السوري.

قادت خلال سنوات الثورة حملة "تلميع وتبرئة" للأسد، وخاصة في السنوات الأولى وذاع صيتها عند دفاعها عن النظام بعد ضربات الكيماوي التي استهدفت غوطة دمشق في عام 2013، كما أنها كذبت وقوع مجزرة الحولة 2012 التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص بينهم أطفال، كما اتهمت فصائل المعارضة السورية بافتعال المجزرة.

وفي حملة دعمها لنظام الأسد بإنكار جريمة كيماوي الغوطة حينها، خرجت آغنيس على قناة الميادين لتصرّح بأن المقاطع المصورة لأطفال دوما بعد هجمات الكيماوي هي مقاطع "مفبركة" و"تمثيلية" كما وصفتها. 

وقالت آغنيس في ذلك الحوار: " نحن بصدد رفع دعوى دولية، وطلب مساعدة دول منها بريطانيا، لدى الجهات المختصة في (جنيف) أو (لاهاي) لنؤكد أن الأطفال في الغوطة مصيرهم غير محدد، ولا نعرف إذا كانوا ميتين حقاً".

كما أنكرت آغنيس في عدة مقابلات إجرام الأسد سواءً بالقصف أو استخدام الأسلحة المحرمة دولياً، وقد استند وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى تقريرها الذي أنكرت فيه هجمات الكيمياوي في الغوطة، في عام 2013، من أجل تبرئة النظام عالمياً من جرائمه.

 آغنيس داخل قاعدة حميميم

وبعد سقوط نظام الأسد، ظهرت الراهبة آغنيس داخل قاعدة حميميم، وتحديداً بعد أحداث الساحل السوري الأخيرة، التي هاجم فيها فلول النظام نقاطاً عسكرية تابعة للأمن العام وقاموا بالتنكيل بعناصر هذه النقاط، ما استدعى حملةً أمنية لملاحقة المعتدين ومصادرة السلاح الذي رفض عدد كبير من ضباط النظام المخلوع تسليمه.

آغنيس، ظهرت في فيديو من داخل القاعدة العسكرية الروسية التي التجأ إليها ضباط النظام البائد مع عائلاتهم وتحصنوا فيها.

إلى جانب آغنيس، وقف أحد الأشخاص يطالب بالحماية الدولية في حين تهزّ الراهبة برأسها مؤيدةً، وهي تلقنه ما يقوله. وهو ما اعتبره السوريون تحريضاً وترسيخاً للفتنة وتبريراً لتدخل أجنبي إلى الأراضي السورية، بوصاية روسية.

الترويج لمزاعم إقصاء

وفي مقابلة على قناة BBC بعد سقوط نظام الأسد، وفي حوار تحت عنوان "ما الذي يطلبه المسيحيون من السلطة الجديدة في سوريا"، زعمت الراهبة أن الحكومة الحالية ستقصي كل من يختلف عنها في الفكر الديني، بقولها: "المكون غير السني سيكون مهمشاً ومنبوذاً"، على الرغم من أن الحكومة الجديدة نفسها دعت جميع الأطياف في مختلف المناسبات للمشاركة والحوار.

جزء من آلة الأسد

من جانبه، أكّد أمين رابطة المحافظين الشرق أوسطيين، الدكتور وائل العجي، أن الراهبة آغنيس، كانت "جزءاً من آلة الأسد للعلاقات العامة في المحافل الدولية، وما تفعله اليوم هو محاولة لتبييض صورتها باستمالة المسيحيين والأقليات إلى طرفها ولا سيما بعد دفاعها المستميت عن النظام المتوحش".

يقول العجي في حديثه لموقع تلفزيون سوريا : "لا يمكن لأي شخص أو جهة أن تقدم نفسها كمتحدث باسم المسيحيين السوريين، المسيحيين السوريين ليسوا متجانسين سياسياً و هناك تنوع كبير من الناحية السياسية لدى المكون المسيحي؛ مثلهم مثل أي مكون سوري آخر".

وبالحديث عن حملة التحريض التي قادتها آغنيس تحت مسمى "الخوف من التشدد الإسلامي"، أشار الدكتور العجي إلى أن تبديد هذه المخاوف يقع على كاهل الدولة السورية؛ وهو ما بدأت به حقاً مع مختلف المكونات السورية، مؤكدا رفضه لما يروج  بشأن التدخل الأجنبي في سوريا بذريعة حماية المسيحيين.

وأشار العجي بأنه "لا يحتاج المسيحيون السوريون لأي جهة داخلية أو خارجية تدافع عنهم؛ هم جزء أصيل ومسؤولية الدفاع عن المسيحيين وغيرهم، تقع على عاتق الدولة وهي الأقدر على القيام بهذه المهمة"، معبراً عن ثقته بأن "الدولة قادرة على القيام بهذه المسؤولية تجاه كل السوريين".

وضمن محاولاتها لتبرير مواقفها الداعمة للنظام، ظهرت الراهبة آغنيس مؤخرا في مداخلة على قناة المشهد وأحضرت معها شاهدين، أحدهما (عبد الناصر الهنيدي) الذي عرف عن نفسه بأنه أمين عام الجمعية السورية من أجل الحرية – منصة باريس، وشاب آخر يرتدي بدلة عسكرية، عرّف عن نفسه بأنه أحد عناصر "العمشات".

فأما الأول فقد شهد لها بالمساعدة في إدخال "مصل مضاد للكيماوي" في عام 2013، أي في نفس الحادثة التي أنكرتها جملةً وتفصيلاً، وبرأت نظام الأسد منها، بل وأنجزت تقريراً مؤلفاً من 50 صفحة لإنكارها. 

والثاني شهد لها بالتواصل مع فصائل المعارضة والمساهمة في إدخال مساعدات إنسانية إلى الشمال عقب كارثة زلزال شباط 2023.

وزعمت الراهبة في المقابلة أن دفاعها عن النظام كان "من أجل المصالحة"؛ وهو ما يتطلب بالضرورة التواصل مع "كل الأطياف المعتدلة من المعارضة السورية"، وكون النظام كان يشدد قبضته الأمنية على كل من يعمل مع المعارضة، اضطرت إلى عدم اتخاذ موقف واضح ضده.

كلمات مفتاحية