رامي مخلوف.. العائلة الأسدية تأكل نفسها

2020.05.20 | 00:04 دمشق

download.jpg
+A
حجم الخط
-A

يتابع السوريون في الأيام الأخيرة من شهر رمضان الكريم أحدث مسلسلات عائلة النظام في سوريا، وهو مسلسل يعتمد على البطل الواحد في حيز مكاني متقشف بعيد عن الأضواء، ويتم عرضه على فيس بوك.

البطل هو رامي مخلوف ابن خال رأس النظام بشار الأسد. وحتى الآن لا أحد يعرف من أين يتحدث، وهذا أحد عناصر الغرابة في المشهد المونودرامي الذي يتناول خلافات مالية تتعلق بشركة الاتصالات الخليوية "سيرتيل". وعرض رامي في الحلقات الثلاث التي بثها حتى الآن ما يتعرض له من عملية ابتزاز كبيرة، هدفها اجباره على التنازل عن الشركة.

وبعد أن كانت مطالب هيئة الاتصالات في الحلقة الأولى تنحصر بتسديد ضرائب متأخرة، فإنها تطورت في الحلقة الثالثة إلى الطلب من مخلوف التنازل رسمياً عن رئاسة مجلس الإدارة في الشركة المساهمة، والتي يعود القسم الأكبر من ملكيتها له.

ويتابع الجمهور فصول هذه المسرحية بفضول شديد. وعلينا أن نعترف أنها أسعفت هواة الإثارة في زمن الكورونا والحجر المنزلي، وسدت ثغرة في الفراغ الكبير للموسم الرمضاني الفقير بالمسلسلات المسلية، وهذا أمر امتاز به الحصاد الدرامي لهذا العام، الذي خلا من المسلسلات المثيرة التي كانت تشد اهتمام الجمهور من المحيط إلى الخليج، وفشلت بعض القنوات في أبوظبي والرياض في تسخين الأجواء من خلال الانفتاح الدرامي على الصهاينة، بافتعال مسلسلات مثل "أم هارون" الذي مر باهتاً، ولم يلق سوى الشجب والاستنكار، بوصفه عملاً مشيناً يحابي الصهاينة، ويحرض على الشعب الفلسطيني.

في بداية المسلسل بدا لكثير من المتابعين أن المسرحية مفبركة، ولكن سرعان ما تبين أن رامي مخلوف يمثل، ويلعب دوراً مسرحياً على مسرح الواقع

ورغم أن رامي مخلوف لم يسبق له أن شارك في تمثيل أعمال درامية، فإنه بدا ممثلا يجيد الدور حتى الآن. وقد يكون رامي هو الذي اختار هذا الشكل التعبيري كي يوصل رسائله، أو أن قدراً شكسبيرياً أجبره على تقمصه. وبالتالي فهو يلعب حتى الآن لتحقيق أكبر قدر من الإثارة وكسب رأي عام.

وفي بداية المسلسل بدا لكثير من المتابعين أن المسرحية مفبركة، ولكن سرعان ما تبين أن رامي مخلوف يمثل، ويلعب دوراً مسرحياً على مسرح الواقع، محاولاً أن يخدع الجمهور وكاتب النص، الذي أراده أن يمثل دوراً مكتوباً، وفي ختام العمل يحكم على نفسه، كما في كل أفلام آل الأسد ذات النهاية الواحدة، والتي يكون ختامها اختفاء البطل عن الخشبة نهائياً، بطريقة ما.

في جميع الحالات ليست هناك نهاية سعيدة في اللعب مع آل الأسد، الذين أخذوا من والدهم حرفة تصفية الخصوم

وهناك أساليب مختلفة للاختفاء حسب الدور المناط بالممثل، ولكن في جميع الحالات ليست هناك نهاية سعيدة في اللعب مع آل الأسد، الذين أخذوا من والدهم حرفة تصفية الخصوم. وتبين منذ أن بدأ الأسد مشواره في العمل السياسي في نهاية الخمسينيات في اللجنة العسكرية أنه رجل يجيد على نحو متقن الركوب على ظهور الآخرين، ومن ثم التخلص منهم، وهذا ما حصل مع صلاح جديد ومحمد عمران ورفاق آخرين، وعلى منواله صفى نجله بشار بعض حرس والده مثل غازي كنعان، وأبعد عبد الحليم خدام وحكمت الشهابي وعلي دوبا.. الخ.

والآن جاء دور ابن خاله رامي مخلوف، وهذا يعني أن اللعبة وصلت إلى الدائرة الضيقة، والقريبة من خزائن الأسرار والأموال، لأن رامي ابن الخال محمد مخلوف الذي عمل إلى جانب الأسد الأب، والذي ترك له حرية بناء إمبراطورية مالية عهد بها إلى نجله رامي، الذي كان بمثابة وزير مالية العائلة حتى وقت قريب جداً. ولو لم يظهر رامي شخصياً كي يتحدث عن خلاف مالي مع بشار الأسد لما كان أحد يصدق أن العائلة يمكن أن تتعرض إلى شرخ كبير بهذا القدر. وهذا الشرخ يمكنه أن يودي بالمركب ويغرق بمن فيه. ولكنه في جميع الأحوال، مؤشر واضح على أن العائلة السعيدة تأكل نفسها.

 

كلمات مفتاحية