icon
التغطية الحية

ذي أتلانتيك: الضغط العلوي كان سبب استخدام النظام للكيماوي

2018.04.20 | 19:40 دمشق

بشار الأسد في زيارته لجنوده في الغوطة الشرقية (الأنترنت)
ذي أتلانتيك - ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

قالت مجلة "ذي أتلانتيك" الأمريكية إن السبب وراء استخدام النظام في سوريا للسلاح الكيماوي ضد مدينة دوما في الغوطة الشرقية كان نتيجة الضغط الذي مارسته الطائفة العلوية على النظام لإطلاق سراح آلاف الأسرى من أبنائهم لدى "جيش الإسلام".

وتحدث الكاتب "سام داغر" في مقاله بالمجلة عن سبب مخاطرة النظام في استعمال السلاح الكيماوي مجدداً، في الوقت الذي أعلن فيه النظام "انتصاره على الغوطة الشرقية"، أكبر معاقل الثوار قرب العاصمة دمشق، وذلك بالنظر إلى العواقب الكبيرة التي قد يواجهها الأسد وحلفاؤه.

وذكر الكاتب أنه تم تقديم العديد من النظريات لتفسير ذلك، منها حاجة النظام إلى المزيد من التصعيد لإخضاع الثوار والمدنيين بهدف دفعهم للاستسلام، أو رغبة النظام في إهانة الغرب العاجز.

إلا أن "داغر" يعزو الأمر إلى الضغط الكبير الذي تلقاه النظام من العلويين، الذين يعتقدون أن "جيش الإسلام" يحتجز ما يصل إلى 7500 أسير علوي في مدينة دوما، من بينهم ضباط وجنود ومدنيون.

ونوّه الكاتب إلى أن الديكتاتور يعلم جيداً مدى السرعة التي يمكن أن تنهار بها الأمور إذا ما انقلب العلويون عليه، ولذلك فإن أي خلخلة أو توتر قد يحدثه العلويون قد يكون مصدر قلق أكبر من أي تداعيات لاستخدامه للسلاح الكيماوي، وخاصة بالنظر إلى سجل الغرب غير المستقر في الرد على الهجمات السابقة، وتصميم حلفائه على حمايته وإفلاته  من العقاب.

وتقول المجلة إن الأسد عمل على امتصاص غضب العلويين حول موضوع الأسرى، وقال خلال اجتماع مع عائلات علوية في العاشر من الشهر الجاري "لن نتخلى عن أي شخص مفقود أو مختطف وسنفعل كل ما في وسعنا لإطلاق سراحه إذا كان ما يزال على قيد الحياة."

وأفاد الكاتب أنه تحدث مع الكثير من العلويين الذين ضحوا بكل شيء للحفاظ على ما يقرب من خمسة عقود من حكم عائلة الأسد، موضحاً أن كل بيت في المناطق العلوية في غرب سوريا قد تأثر بالحرب التي يعتقد العلويون أنها تتعلق بإنقاذ الأسد بقدر ما هو الحفاظ على وجودهم.

وأضاف الكاتب "مع انهيار صفوف جيش النظام سارع العلويون للانضمام إلى الميليشيات الطائفية التي أنشئت حديثاً، لكن يبدو أن الأسد كان دائماً مهتماً أكثر بالميليشيات الشيعية الإيرانية، بما في ذلك مقاتلي حزب الله ، الذين غمروا ساحة المعركة لإنقاذه."

ويبدو أن الهجوم الأخير في منطقة الغوطة الشرقية، الذي امتد لما يقرب من الشهرين من حملة الأرض المحروقة المدعومة من روسيا ضد الثوار، كان من المتوقع أن يغير ذلك، خاصة أن إيران وميليشياتها بدت وكأنها تتراجع، ودعا العلويون والكثيرون داخل نظام الأسد إلى إلحاق أقصى قدر من الألم بالمعارضة لضمان إطلاق سراح الأسرى.

وتحدث الكاتب أنه خلال شهر آذار الماضي، خرج عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين من الغوطة الشرقية نحو الشمال السوري، بعد اتفاق جرى بين الثوار وروسيا، في حين كان العلويون يراقبونهم يغادرون، وأصبحوا قلقين وغاضبين لأنهم لم يتلقوا الكثير من المعلومات عن مصير أسراهم المحتجزين لدى جيش الإسلام.

ومع انهيار المفاوضات في منتصفها تبين أن الأسد قرر القيام بعمل متطرف، واستأنف النظام قصفه الشامل لمدينة دوما، وأصدر إنذاراً نهائياً للثوار بأنه سيقوم بأمر غير مسبوق ما لم يتم الإفراج عن جميع الأسرى العلويين.

ثم جاء الهجوم بالسلاح الكيماوي على مدينة دوما، ليعود "جيش الإسلام" إلى طاولة المفاوضات لمناقشة تهجير المدينة وإخلائها، وتم التطرق إلى مصير الأسرى والمفقودين العلويين، ما يوفر ارتياحاً مؤقتاً لعائلاتهم.

وهرعت الأمهات العلويات إلى العاصمة دمشق من بلداتهم وقراهم في غرب سوريا، للالتقاء بأبنائهم الذين سيفرج عنهم "جيش الإسلام" لكن سرعان ما تبين لهم خروج نحو 200 أسير علوي فقط.

وفي مشهد نادر ومدهش ، نظم مئات من العلويين الغاضبين احتجاجاً وسط دمشق، للمطالبة بإطلاق سراح أبنائهم، وسمح النظام لهم في التظاهر والتعبير عن رأيهم، وبحلول الليل تم إقناع العائلات العلوية بمغادرة الشوارع بعد أن أوقفت حركة المرور.

وقال الكاتب "سمعت مثل هذه المشاعر من العلويين مرات عديدة خلال رحلة استغرقت أسبوعين عبر ريف حماه والمناطق الغربية الساحلية في اللاذقية وطرطوس في صيف عام 2014، وأخبرتني الأمهات أنهن يعلمن أن أبناءهن محتجزون في دوما، وأردن من الأسد أن يفعل المزيد لإخراجهم."

وقال محمد جابر، وهو أحد قادة الميليشيات المقرب من "ماهر الأسد" شقيق بشار، في مطلع عام 2013 لـ "داغر" أن الأسد لم يكن حاسماً مثل والده، الذي حكم سوريا على مدى ثلاثة عقود وواجه تمرداً مشابهاً في الثمانينيات، حيث قال "جابر" يجب على الأسد أن "يبيد" المتمردين وأسرهم - خاصة أولئك حول دمشق، وكان هذا الحديث قبل أشهر من أول هجوم كبير بالأسلحة الكيماوية على الغوطة في صيف عام 2013 والذي أودى بحياة حوالي 1400 شخص، وألقت الولايات المتحدة وحلفاؤها باللائمة فيه على النظام.

وختم الكاتب بقوله إنه على الرغم من أن النظام قد استرد الكثير من الأراضي التي خسرها سابقاً، إلا أن الحرب لم تنته، وبمرور الوقت، يطالب قادة المليشيات العلويون وأمراء الحرب بمزيد من العنف من قبل الأسد، في حين أن النظام بحاجة إلى هؤلاء الناس، ويعلم أن أي صدع كبير داخل مجتمعه العلوي قد يكلفه السلطة في أجزاء البلد الذي يسيطر عليه، حتى مع الدعم الكامل من إيران وروسيا.

ومع ذلك، فالأسد مهووس بتصدير نفسه كزعيم غير طائفي لجميع السوريين، حيث قال في زيارته لجنوده في الغوطة الشرقية "المعركة أكبر من سوريا، مع كل رصاصة تطلقها، أنت تغير ميزان القوى العالمي وكل سائق دبابة يتقدم لمترٍ يغير خريطة العالم الجيوسياسية."

ويتساءل الكاتب ماذا يعني توازن القوى والخرائط الجيوسياسية للعائلات العلوية التي أعطت أبناءها لإبقاء الأسد في السلطة؟

وينهي الكاتب بأنه من السخرية أنه بعد حرب دامت سبع سنوات أودت بحياة أكثر من نصف مليون شخص، وشردت الملايين وشهدت صعود وإزاحة تنظيم الدولة وتدخل قوى أجنبية وإقليمية، أن يأتي التهديد الأكبر لسلطة الأسد من مجتمعه العلوي.