althania
icon
التغطية الحية

"ذاكرة قطنا".. مبادرة لتخليد "الشهداء" في سجّل الثورة السورية

2025.02.15 | 05:18 دمشق

City
تلفزيون سوريا ـ سعيد اليوسف
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- أطلق شباب سوريون مبادرات لتخليد ذكرى الشهداء بعد سقوط النظام السوري، منها موقع "ذاكرة قطنا" الذي يوثق أسماء الشهداء والمعتقلين والمفقودين.
- صمم الموقع الصحفي عبد الناصر القادري بالتعاون مع "ArafasApps"، ويتيح إضافة قصص وصور الشهداء مع مراعاة دقة المعلومات، ويعمل بكفاءة رغم ضعف الإنترنت.
- يسعى الموقع لتعميم المبادرة في المدن السورية، ويضمن أمان المعلومات باستخدام تقنيات الأمن السيبراني، ويقدم خدماته مجاناً بشرط وجود لجنة ثورية لضمان دقة البيانات.

مع سقوط النظام السوري وهروب المخلوع بشار الأسد، عادت البسمة إلى وجوه السوريين وتنفّسوا الحرية وعاشوا لحظات الكرامة مع غصة في قلوبهم بسبب غياب مَن ضحّوا بأنفسهم لأجل هذه الأيام التاريخية من عمر سوريا.

وبهدف إحياء ذكرى من ضحّوا خلال السنوات الـ14 الماضية، ومن أجل تخليد أسمائهم في وجدان السوريين، أطلق شباب سوريون العديد من المبادرات.

مبادرة لتوثيق التضحيات

من بين تلك المبادرات موقع "ذاكرة قطنا/ qatana.info"، الذي يوثق أسماء "شهداء" المدينة الذين قُتلوا على يد قوات النظام وميليشيات "حزب الله" وإيران وروسيا، سواء بإطلاق الرصاص المباشر في المظاهرات أو في المعارك أو القصف العشوائي أو تحت التعذيب في المعتقلات والسجون.

قطنا هي مركز منطقة قطنا، إحدى أبرز المناطق في محافظة ريف دمشق، تقع في الريف الغربي على بُعد 23 كيلومتراً من العاصمة، انخرطت في الثورة السورية منذ بداياتها مطلع العام 2011، وشارك أبناؤها في العمل العسكري ضد النظام، كما نشط فيها العمل المدني من خلال المجلس المحلي، الذي تأسّس نهاية 2012، عبر مكاتبه المتنوعة: السياسي والعسكري والحقوقي والإغاثي والطبي والخدمي.

الصحفي عبد الناصر القادري -صاحب فكرة موقع "ذاكرة قطنا"- قال إنّ "توثيق أسماء الشهداء والمعتقلين والمفقودين قسرياً الذين لم يعودوا إلى أهلهم بعد التحرير هو واجب جماعي على السوريين، فقد بذل أولئك الكرام أغلى ما يملكون -دماؤهم- من أجل حرية بلدنا وكرامتنا".

وأضاف القادري لـ موقع تلفزيون سوريا، أن "الفكرة بدأت بعد سقوط النظام مباشرة، لكن تريثنا بالتنفيذ من أجل التأكّد من عودة أي شخص من المعتقلين في سجون النظام المخلوع وفروعه الأمنية الممتدة على طول البلاد وعرضها".

وأشار إلى أن "المكتب الحقوقي السابق في المجلس المحلي كان يوثّق بشكل دوري أسماء الشهداء والمعتقلين والمفقودين في المدينة، لكن بعد سياسة التهجير التي انتهجها النظام المخلوع بدعم روسي إيراني عام 2017، اضطر الثوار الذين كانوا يقيمون في مزارع مخيم خان الشيح القريب من قطنا، أن يغادروا إلى الشمال السوري، وهو ما عطّل عملية التوثيق للشهداء والمعتقلين، لذلك عملنا على توثيق أكبر قدر ممكن من الأسماء من خلال المجموعات المحلية".

وتابع: "لا يمكن توثيق "أسماء الشهداء" من دون أن يكون هناك لجنة من البلد تتأكّد من أسمائهم حتى لا يوضع أسماء أشخاص كانوا يقاتلون إلى جانب النظام المخلوع ضد الشعب السوري، لذلك نحاول توثيق كل اسم قبل نشره على الموقع".

وبيّن القادري أن شركة "ArafasApps" التي عمِلت على تصميم الموقع، أهدته إلى مدينة قطنا، وأنّها مستعدة للمساهمة في تقديم أي نسخة لأي مدينة أخرى تريد توثيق أسماء شهدائها.

ذاكرة قطنا

ووثّق الموقع 400 اسم لأشخاص قتلهم النظام السوري خلال المظاهرات أو بالقصف والمعارك أو تحت التعذيب، وقد أشار القادري إلى أن "الرقم المتوقع في قطنا يصل إلى قرابة 500 شخص وينتظر من الأهالي إضافة أسماء أبنائهم".

ويراعي الموقع وضع الإنترنت في سوريا، لذلك يمكن فتحه بأقل السرعات، كما يوثّق إلى جانب اسم "الشهيد" اسم الأب والأم والكنية وتاريخ الميلاد وتاريخ الوفاة وموقع الوفاة وموقع الدفن مع إمكانية إضافة صورة.

وأردف أن "ثوار قطنا انتشروا في العديد من المناطق والمدن وقاتلوا ضد النظام المخلوع في قطنا وخان الشيح ودروشا والدرخبية وقرى جبل الشيخ وفي القنيطرة ودرعا ودمشق وحلب وإدلب والرقة وغيرها من المحافظاتـ، لذلك هناك مواقع دفن مختلفة".

ولفت إلى أن "مدينة قطنا لم تتعرض لقصف مكثّف أسوة بمدينة داريا أو مدن وبلدات الغوطة الشرقية، حيث أن وضع قطنا العسكري الذي كان محاطاً بقوات الحرس الجمهوري والفرقة العاشرة والمساكن العسكرية صعّب البقاء داخلها رغم العمليات السريعة التي كان ينفذها الثوار ضد قوات النظام فيها، ولذلك نجد أن معظم الشهداء هم مِن الشباب وليس الأطفال والنساء".

ويتيح الموقع إضافة "قصص الشهداء" إلى الموقع لذكر مناقبهم وسماتهم ومعرفتهم بشكل أوسع، خصوصاً أنّ "سكّان المدينة كانوا لا يعرفونهم بسبب الوضع الأمني والملاحقات التي قد تلحق بذويهم بحال الإعلان عنهم"، وفق القادري.

"الأمل بتعميم (مبادرة قطنا) في جميع مدن سوريا"

شدّد صاحب المبادرة على أن "الشهداء أحياء في قلوبنا وفي حياتنا كما وعد الله في كتابه، وعلينا أن نفخر بهم وبآبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وبناتهم وزوجاتهم الذين صبروا على هذا الفقد الكبير".

ودعا القادري عبر موقع تلفزيون سوريا، كل أهالي قطنا الذين فقدوا أبناءهم وذويهم، إلى توثيق أسماء أبنائهم في حال عدم وجودها في الموقع، وتعديل المعلومات الخاطئة واستكمال الناقصة وإضافة الصور المتاحة لديهم، وكتابة قصة الشهيد لمن يريد.

ويرجو القائمون على الموقع تكرار المبادرة في كل مدينة سوريّة من خلال شبابها الثوريين الذين يعرفون "الشهداء والمغيبين" فيها، بهدف توثيق الأسماء الصحيحة ومساعدة الحكومة الجديدة في توثيق وتكريم كل ذويهم فيما بعد.

القائمون على الموقع، حصلوا على العديد من الطلبات للاستفادة منه وإعادة استنساخ التجربة في مدنٍ سوريّة أُخرى، من المتوقع الإعلان عنها قريباً.

هل الموقع آمن؟

من جانبه، قال المهندس محمد عرفة مؤسس شركة "ArafasApps" ومديرها التنفيذي، التي برمجت موقع (ذاكرة قطنا)، إنه تم العمل على إنجازه ضمن عدة مشاريع منفصلة كل منها يعمل على خوادم منفصلة قابلة للتمدد بحسب عدد المتصفحين.

وأضاف عرفة لـ موقع تلفزيون سوريا، أنّه أخذ بعين الاعتبار استخدام آخر ما توصّلت إليه التكنولوجيا في هذا المجال لضمان عدم الانقطاع والأداء الممتاز ليعكس تجربة تصفح سلسة تحت شروط الإنترنت السيء في البلاد.

وأشار المبرمج السوري إلى أن "فريق العمل سعى لتكون تجربة المستخدم بتصفح الموقع بسيطة وسهلة سواء عند إضافة شهداء أو طلب تعديل معين على شهيد".

وبخصوص أمن المعلومات أوضح المهندس عرفة أنه "تمت الاستفادة من طرق أمن سيبراني عديدة تعمل على جميع أجزاء المشروع، وهي طرق تتألف من طبقات حماية عديدة تضمن الحفاظ على المعلومات وعدم الانقطاع بالخدمة".

كذلك، بيّن أنه "من أحد الصعوبات التي يمكن مواجهتها في المستقبل القريب عند الانتشار تتعلق بمحدودية الفريق القائم على المشروع والحاجة الى توظيف طاقات أخرى".

اختتم محمد عرفة حديثه قائلاً: إنّ "الشركة مستعدة لتقديم الخدمة مجاناً لأي مدينة سوريّة تريد توثيق أسماء شهدائها بشرط أن تكون مكوّنة من لجنة ثورية ولديها تنسيق مع إدارة المدينة أو البلدية فيها لنضمن صحة الأسماء وعدم خلطها بأي اسم لم يقدم تضحية حقيقة لنصرة الشعب السوري".