ديمستورا و"اللجنة الدستورية"

2018.12.19 | 00:12 دمشق

+A
حجم الخط
-A

استمعت إلى خطاب السيد ديمستورا المبعوث الأممي إلى سوريا في منتدى الدوحة بالعاصمة القطرية في السادس عشر من الشهر الحالي، لقد أقر ديمستورا أن تشكيل اللجنة الدستورية لا ينسجم مع قرار مجلس الأمن الدولي 2254 الصادر في عام 2015 والذي أقر ديمستورا أن وظيفته تنحصر في تطبيق هذا القرار والذي نص صراحة على أن دعمه لبيان جنيف المؤرخ في 30 حزيران 2012 والذي ينص على بيان جنيف كأساس لانتقال سياسي بقيادة سوريا إنما يتم في ظل عملية يمتلك السوريون زمامها، من أجل إنهاء النزاع وحدد قرار مجلس الأمن المذكور العملية السياسية بوصفها عبارة عن ثلاث مراحل رئيسية يجب أن تتم في فترة مدتها ستة أشهر حددها كالتالي:

-حكم ذو مصداقية يشمل الجميع ولا يقوم على الطائفية.

-حدد جدولا زمنيا وعملية لصياغة دستور جديد.

-انتخابات حرة ونزيهة تجرى، عملا بالدستور الجديد، في غضون 18 شهرا تحت إشراف الأمم المتحدة، بما يستجيب لمتطلبات الحوكمة وأعلى المعايير الدولية من حيث الشفافية والمساءلة، وتشمل جميع السوريين الذين تحق لهم المشاركة، بمن فيهم أولئك الذين يعيشون في المهجر، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015.

نسي السيد ديمستورا أن السوريين عولوا على الأمم المتحدة لكنهم وجدوا أن مطالبهم تتقلص يوما بعد يوم

فالسيد ديمستورا أقر أن تشكيل اللجنة الدستورية لا تنسجم مع روح قرار مجلس الأمن ونصه الذي عبر بوضوح أن تشكيل هيئة حكم انتقالية يعتبر نقطة البداية لتشكيل دستور جديد ومن ثم إجراء انتخابات انتقالية، لكنه وبحكم إدراكه أن روسيا هي الممسكة بزمام الأمور في سوريا مع الانسحاب الأمريكي الكامل من الملف اللهم إلا من بضعة بيانات تدعم فيها حلفاءها في قوات الحماية الكردية إلا أنه ما عدا ذلك ليس هناك ضغوط سياسية جدية من أجل البدء بعملية انتقالية في سوريا.

ديمستورا أقر أيضا بأنه وخلال عمله كمبعوث أممي على مدى 47 عاماً لم يشهد مستوى العنف الذي شهده في الحرب السورية وخاصة من قبل نظام الأسد عبر استخدامه للبراميل المتفجرة وحصار المدن، ولذلك يبدو السؤال مشروعا إذا كان ديمستورا سيرحل مع نهاية العام أي بعد أيام قليلة والجدية الروسية والإيرانية في الحل السياسي معدومة مطلقا فما المعنى إذا في إطلاق هذه اللجنة الدستورية التي ليس لها أية مصداقية في عيون السوريين.

أجاب ديمستورا ولكن بشكل شخصي أنها الطريقة الوحيدة التي يمكن تحقيقها اليوم، صحيح أنها لا تحقق شيئاً من قرار مجلس الأمن وينظر لها السوريون بعين الريبة لكن الموافقة النهائية لها إنما تمر عبر الشرعية الأممية وإذا لم توافق الأمم المتحدة على شمولية وجدية هذه اللجنة فإنها لن يكون لها الشرعية.

نسي السيد ديمستورا أن السوريين عولوا على الأمم المتحدة لكنهم وجدوا أن مطالبهم تتقلص يوما بعد يوم، فمن بيان جنيف وقرار مجلس الأمن 2254 الذي ربط بين وقف إطلاق النار وانطلاق عملية سياسية موازية، عملا ببيان جنيف لعام 2012، وبضرورة التعجيل بالدفع قدما بكلتا المبادرتين، وأعرب عن تأييده لوقف إطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، وهو ما التزم الفريق الدولي بدعمه والمساعدة على تنفيذه، على أن يدخل حيز النفاذ بمجرد أن يخطو ممثلو النظام والمعارضة الخطوات الأولى نحو انتقال سياسي برعاية الأمم المتحدة، استنادا إلى بيان جنيف، على النحو المنصوص عليه في بيان الفريق الدولي المؤرخ 14 تشرين الثاني/نوفمبر 2015، على أن يتم ذلك على وجه السرعة.

هذا قرار صادر عن مجلس الأمن الدولي عام 2015 وافقت عليه روسيا والصين ودعمتاه، ورغم أنه صادر تحت الفصل السادس وليس السابع فإنه يبقى ملزما لكل الأطراف بتنفيذه وعلى رأسها روسيا.

 اختصر قرار مجلس الأمن إلى لجنة دستورية ليس معروفا صلاحياتها وبنيتها والأهم كيف يمكن كتابة دستور لا نعرف شكل النظام السياسي فيه وبالتالي فاللجنة نفسها ستكون أداة للتلاعب من قبل النظام إلى ما لانهاية حتى يعيد ترتيب أوراقه داخليا والقضاء النهائي على ما بقي من جيوب المعارضة.

يجب التأكيد بصراحة أن نص قرار مجلس الأمن ركز على تشكيل حكم انتقالي قبل تشكيل لجنة دستورية وليس العكس، ولا يمكن بكل الشرائع الدستورية في كل دول العالم صياغة دستور قبل أن يتحدد شكل النظام السياسي الذي سيعبر عنه هذا الدستور.