icon
التغطية الحية

دمشقيات يحيين تراث "النملية" ويطبقن عادات ريفية لضبط النفقات

2020.10.03 | 05:47 دمشق

4b349fa8591bef0be2d5f7eb61eb154e.jpg
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

ما تزال معظم الأسر السورية تحافظ على أساسيات المونة الشتوية التي تتعلق بالخضراوات الصيفية مثل الملوخية والبامية والبازلاء والفول وورق العنب كأمور أساسية قدر الإمكان، وقد تختلف الكميات عن كميات ما قبل الأزمة نتيجة ضغط النفقات لانخفاض قيمة العملة السورية، لكن تبقى المونة عامل توفير مادي في الشتاء.

لكن، قبل الحرب، تخلّت شريحة كبيرة من السوريين وتحديداً في دمشق، عن باقي المونة التي باتوا يعتبرونها تراثية وتعيد ذكريات "النملية"، وتحوّل الحديث عنها إلى شيء من التاريخ لدى البعض، بينما حُصر تحضيرها في القرى والأرياف، مثل صناعة الزيتون والخل وصناعة الجبنة و"اللبنة المدعبلة" وتخزين الليمون والحصرم وصناعة دبس الرمان والطماطم، وغيرها من الأمور التي باتت من التقاليد في العاصمة دمشق، نتيجة توافرها وبكثرة بشكل جاهز في المحال وفي أي وقت من العام.

ومع ارتفاع تكاليف الحياة إلى حدود غير منطقية، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، عاد الدمشقيون إليها مجبرين، وباتت كثير من الأسر تصنع الجبنة واللبنة والزيتون وغيرها من الأمور في المنزل كما السابق، وتقول أم عدنان ربة منزل في الـ35 من عمرها "عندما تزوجت من 13 سنة كان من الصعب جداً تقبل فكرة صناعة هذه الأمور في المنزل، ولم أتخيل نفسي مضطرة لسؤال والدتي عن طريقة صناعة المخلل في المنزل، حتى إن الجدات كُنّ يتهمْنَ جيلاً بكامله من ربات البيوت بأنهن تخلين عن التراث".

وتابعت "لم نكن بحاجة ذلك، حتى مونة الملوخية والبازلاء والفول لم تكن مهمة بالنسبة لنا في الأسرة الصغيرة، لأنها موجودة في كل أوقات العام في المولات وبسعر نوعاً ما يناسب الطبقة الوسطى، لكن اليوم الوضع اختلف، وبت مجبرة على إعادة إحياء تراث الجدات نتيجة الوضع المالي الصعب".

سهام تبلغ من العمر 40 عاماً، وهي دمشقية الأصل من سكان كفرسوسة، قالت إن "التخلي عن تلك العادات كان تدريجياً وضرورياً بعض الأحيان خاصة إن كانت الأم موظفة ولا تملك كل الوقت، لكن العودة إليها اليوم كان سريعاً وضرورياً جداً نتيجة ضعف القدرة الشرائية، فصناعة الجبنة واللبنة والكشكة ودبس البندورة وحتى الخل والزيتون في مواسم توفر المواد الأساسية بشكل رخيص، يساهم بخفض الإنفاق على تلك الأمور التي منها ما هو مستخدم يومياً وبكثرة على الفطور وعلى العشاء".

مع وصول سعر كيلو المسبحة إلى 2400 ليرة سورية، وهو طبق مفضّل لدى السوريين، توجهت أم يزن (42 عاماً) إلى صناعتها في المنزل هذا العام للمرة الأولى بحياتها على حد تعبيرها، بدءاً من سلق الحمص مستخدمةً سخانة كهربائية لتوفر الغاز، إلى طحنه وإضافة ما تحب العائلة، مؤكدةً أنها توفر بهذه الآلية أكثر من 1800 ليرة من سعر الكيلو.

 

pp-1627.jpeg
النملية في التراث السوري

 

وأضافت "أيضاً، أصنع الفلافل بالمنزل من الحمص، وهذا النمط من الحياة ساعدني في توفير كثير من النفقات اليومية التي كانت تذهب على الطعام والشراب، حتى إنني بت أصنع القهوة في المنزل بعد تعلمها عبر اليوتيوب، وأيضاً استطعنا بهذه الآلية تخفيف فاتورة القهوة".

ربما لم تذهب كثير من الأسر الدمشقية إلى ما ذهب إليه أبو كفاح (62 عاماً) في كفرسوسة أيضاً، حيث قام بزراعة بعض البقوليات على سطح المنزل، إضافة إلى تربية الدجاج للحصول منها على البيض واللحم في الوقت ذاته، وقال "كانت أمنيتي أن أعيش بعد تقاعدي في أرض زراعية فيها كل ما لذ وطاب وأن أقوم بتربية الخراف والدجاج، وأكمل حياتي بهذه البساطة، للأسف لم أستطع تحقيق ذلك، لكن بدأت بتطبيق شيء من حلمي على سطح المنزل، لكن ليس من أجل البساطة بحد ذاتها، بل من أجل التوفير".

وتابع "زوجتي تعد كل شيء في المنزل، وما تزال تحافظ على عادات تخلى عنها الجيل الجديد، مثل صناعة المربى مثلاً وشراب الورد، والزعتر، والزهورات، إضافة إلى الجبنة واللبنة والزيتون وما شابه، وهذا ساعدنا جداً على تخطي كثير من ارتفاعات الأسعار، وتلافي مشكلات الغش وعدم النظافة خاصة بمثل هذه الظروف الصحية الصعبة".

ويعاني السوريون من وضع مادي صعب جداً، وخاصة سكان دمشق الذين يعانون من ارتفاع كبير في الأسعار وتكاليف الحياة الأخرى كالسكن الذي يعتبر الأغلى بين المحافظات السورية الأخرى، إضافة إلى ارتفاع يومي بالأسعار بعموم سوريا، خاصة بعد تدهور قيمة الليرة السورية أمام الليرة، واستمرارها بالانخفاض.

كلمات مفتاحية