icon
التغطية الحية

دعوى في المحكمة الأوروبية ضد الدنمارك بسبب "ترحيل السوريين"

2021.07.29 | 15:10 دمشق

6000.jpg
اعتصام للاجئين السوريين رداً على قرار ترحيلهم من الدنمارك
غارديان- ترجمة: ربى خدام الجامع
+A
حجم الخط
-A

تشكل محاولة الدنمارك لإعادة مئات السوريين إلى دمشق على اعتبار أنها آمنة "سابقة خطيرة" بالنسبة للدول الأخرى التي يمكن أن تحذو حذوها، بحسب ما ذكره محامون يجهزون لرفع دعوى قضائية على الحكومة الدنماركية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بخصوص هذه المشكلة بالتحديد.

فقد بدأت السلطات في الدنمارك برفض طلبات تجديد الإقامة المؤقتة للاجئين السوريين خلال الصيف الماضي، متذرعة بأن هذه الخطوة مبنية على تقرير كشف بأن الوضع الأمني في بعض أجزاء البلاد قد "تحسن بشكل ملحوظ"، ومن المعتقد أن يتضرر نحو 1200 شخص من دمشق يعيشون حالياً في الدنمارك بهذا القرار.

شاهد أيضاً: الدنمارك تطرد السوريين والحجة دمشق آمنة!

وتقدم مكاتب غيرنيكا 37 ومقرها في لندن المساعدة بصورة مجانية أو غير مكلفة في مجال العدالة العابرة للحدود الوطنية وقضايا حقوق الإنسان، ولهذا تعمل مع المحامين المتخصصين بقضايا طلب اللجوء والعائلات المتضررة من هذا القرار في الدنمارك على رفع طعن بقرار الحكومة الدنماركية قائم على أحد مبادئ معاهدة جنيف والذي يقضي بعدم الإعادة القسرية، إذ إن كلاً من الأمم المتحدة والدول الأخرى لا تعتبر دمشق مدينة آمنة.

ولهذا ورد في الخطاب الذي نشره مكتب غيرنيكا 37 ما يلي: "إن الوضع في الدنمارك مقلق جداً، إذ في الوقت الذي تراجع فيه خطر العنف المباشر الذي يتصل بالنزاع في بعض أجزاء سوريا، بقي خطر العنف السياسي كبيراً كما كان، ثم إن اللاجئين العائدين من أوروبا يتم استهدافهم من قبل قوات الأمن التابعة للنظام. لذا، وفي حال نجاح الحكومة الدنماركية في مساعيها لإعادة اللاجئين قسراً إلى سوريا، فإن ذلك سيشكل سابقة خطيرة، ومن المحتمل أن تسير العديد من الدول الأوروبية على خطاها".

يذكر أن تعداد السكان في الدنمارك قد وصل إلى نحو 5.8 ملايين شخص، بينهم 500 ألف ولدوا خارجها، و35 ألفاً أتوا من سوريا. إلا أن سمعة هذه الدولة الإسكندنافية في مجال التسامح والانفتاح قد تراجعت بعد صعود حزب الشعب الدنماركي اليميني المتطرف.

اقرأ أيضاً: كيف تبنى اليسار الدنماركي سياسة هجرة ابتدعها اليمين المتطرف؟

ويرى مراقبون بأن الموقف الجديد إزاء اللاجئين السوريين، والذي ينطبق أيضاً على اللاجئين القادمين من دول أخرى، بالرغم من تقارب أعدادهم، يعبر عن محاولة ائتلاف الحكومة من يسار الوسط كسب الأصوات في الانتخابات من جديد.

وبما أن الدنمارك لم تقم علاقات دبلوماسية مع نظام بشار الأسد، لذا يواجه اللاجئون السوريون الذين لم يتم تجديد إقاماتهم احتمال الاحتجاز لأجل غير معلوم في مراكز مخصصة لهذا الغرض.

وفي خطوة تتسم بالمراوغة القاسية، واعترافاً من السلطات الدنماركية بأن الشباب السوريين عرضة للتجنيد في الجيش أو للعقوبة جراء تخلفهم عن الخدمة العسكرية، لذا فإن معظم المتضررين من هذا القرار هم من النساء وكبار السن، بيد أن كثيرين منهم قد يتم تفريقهم عن عائلاتهم جراء هذه الخطوة.

فغالية البالغة من العمر 27 عاماً، والتي تم لم شملها مع أبويها وأشقائها عندما وصلت إلى الدنمارك في عام 2015، قد ألغيت إقامتها في شهر آذار الفائت، وهي الفرد الوحيد من بين أفراد أسرتها الذي تضرر جراء هذا القرار.

اقرأ أيضاً: أحلام مقصوفة.. مصير مجهول لعشرات اللاجئين السوريين في الدنمارك

وفي الوقت الذي طعنت فيه غالية بهذا القرار، سيطر الشك والقلق تجاه احتمال تفريقها عن أسرتها من جديد، ما جعلها غير قادرة عن النوم حسبما ذكرت عندما قالت: "لا أحس بشيء سوى الخوف من الذهاب إلى مركز الهجرة وحدي، لكن لا يمكنني العودة إلى سوريا.. إذ يبدو أنهم يعتقدون أن لدينا خياراً، ولكن في حال عودتي إلى سوريا سيتم اعتقالي. ثم إنه لا يمكنك القيام بأي شيء في مراكز الهجرة، إذ لا يمكنك أن تعمل أو أن تدرس، فهي أشبه بسجن، وهكذا سأهدر حياتي وأيامي في ذلك المكان".

 

أما كارل باكلي وهو المحامي الذي يرأس الجهود التي أطلقها مكتب غيرنيكا 37 فقد ذكر بأن رفع دعوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورغ يمثل إحدى الطرق العديدة المحتملة التي يمكن للسوريين المتضررين من هذا القرار اللجوء إليها في حال استنفاد وسائل الطعون في الدنمارك، وعلق على ذلك بقوله: "تعتمد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان نظاماً بطيئاً بيد أننا سنقدم طلباً نسأل فيه المحكمة أن تنظر في التدابير المؤقتة والتي يمكن أن تشتمل على أمر يصدر بحق الدنمارك لتكف عن إلغاء الإقامات إلى أن يتم رفع شكوى ثابتة والنظر فيها ومن ثم إصدار حكم بشأنها. ونظرياً يمكن أن يحدث ذلك بسرعة إلى حد ما، وفي الوقت الذي يمكن أن يطبق ذلك فيه على قضية فرد واحد، نأمل من الدنمارك أن تقوم بدراسة القرار ملياً وإلا سينتهي الأمر بها لمواجهة الآلاف من الطلبات التي ستقدم في هذا السياق".

إذ يتمنى مكتب غيرنيكا 37 والتجمع الذي يضم 150 شركة قانونية دنماركية تعمل على قضايا اللجوء ألا تضطرهم الحكومة الدنماركية للجوء إلى المحاكم.

اقرأ أيضاً: مطالبات بمحاكمة وزيرة دنماركية سابقة فرقت عائلات سورية

ففايزة البالغة من العمر 25 عاماً، وهي ممرضة تعمل في مدينة هيليرود بشمال الدنمارك، كانت تعالج مرضى كوفيد عندما استدعيت من قبل دائرة الهجرة في الدنمارك لمقابلة في شهر آب من العام الماضي، وعن ذلك تخبرنا فتقول: "أجروا معي مقابلة لمدة 8 ساعات، كرروا خلالها على مسامعي الأسئلة ذاتها حول سبب عدم رجوعي إلى سوريا، فأجبتهم بأنها ليست آمنة حتى أعود إليها".

ثم ألغيت إقامة فايزة في شهر كانون الثاني من هذا العام، فأمضت شهوراً سادها القلق والتوتر وهي تطعن في ذلك القرار. وشأنها شأن غالية، كانت فايزة الشخص الوحيد الذي ألغيت إقامته من بين أفراد أسرتها. وبعد التراجع عن الحكم الصادر بحقها في شهر تموز، ظلت فايزة تحس بالرعب والخوف من فكرة تعرضها للتحقيق مجدداً ومن احتمال إعادتها إلى سوريا بمفردها، وحول ذلك تحكي لنا فتقول: "إنني سعيدة بالقرار، لكنني قلقة حالياً من احتمال حدوث ذلك مجدداً، فنحن عرضة لقرارات جائرة كغيرنا من اللاجئين السوريين".

وقد ذكر جانز ري-أندرسن وهو محام مختص بقضايا الهجرة مقيم في آلبورغ بأنه يعتقد بأن نسبة إلغاء الإقامات قد تراجعت جراء الانتقادات الواسعة التي وجهتها الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية وكذلك الشارع الدنماركي لهذا القرار، إذ يقول: "أعتقد أن الحكومة تصغي لنا، وآمل منها أن تلغي هذه المخططات خلال الوقت الراهن.. فقد طرأت تغييرات كثيرة على نظام اللجوء خلال السنتين الماضيتين، ومن الواضح أن تلك التغييرات لم تكن موفقة. كما يرى الخبراء الذين أعدوا التقرير الأولي الذي استندت إليه الحكومة في توضيحها لتحسن الوضع الأمني في سوريا بأن ما ذكروه قد اقتبس بشكل خاطئ، ولهذا أرى بأن الحكومة لم يعد أمامها خيار سوى أن تعيد النظر في هذا القرار".

شاهد أيضاً: مظاهرات في الدنمارك ترفض ترحيل السوريين إلى مناطق النظام

يذكر أنه في عام 2018 تم إلغاء إقامات المئات من الصوماليين المقيمين في الدنمارك بموجب الخطة ذاتها، وفي الوقت الذي تمكن فيه بعضهم من كسب الطعن في القرار وبالتالي مواصلة إقامتهم هناك، غادر الدنمارك كثيرون منهم ثم اختفوا بحسب ما أورده مجلس اللاجئين الدنماركي، ولعل هؤلاء أصبحوا يعيشون في دولة أخرى دون حصولهم على إذن بالإقامة أو أي وضع آخر.

اقرأ أيضاً: ترحيل السوريين من الدانمارك: العنصرية ترتدي وجه الديمقراطية

بالنسبة لغالية التي تم تأجيل موعد طعن المحكمة بقرارها بسبب مرض محاميها، أصبح الانتظار معاناة بالنسبة لها، ولهذا تقول: "عدت للنقطة التي بدأت منها عند قدومي إلى الدنمارك، ولهذا أحس بالعجز طوال الوقت، فقد أصبحت حياتي خارج سيطرتي، ثم إنني لم أفعل شيئاً يستحق كل هذا".

 

المصدر: غارديان