دعم الليبين حرام هنا حلال هناك.. هراء السفهاء

2020.06.27 | 00:02 دمشق

9a126c135a2670f4d10cd0dd64b924b8_xl.jpg
+A
حجم الخط
-A

ماذا يحصل في ليبيا؟ البلد العربي الكبير الغني الذي ثار شعبه كغيره من شعوب المنطقة على نظام مستبد عنيد استمر في الحكم عقودا طوالا. وهَيَّأ كما أشباهه منظومة حكم وراثية، ما يحصل أن في هذا البلد فرقتين تقتتلان في مسعى للحكم وبأدوات حرب كاملة لا ينقص منها شيء لكن يبقى هذا التعريف المجرد للحال ناقصا دون الدفع بالأسباب، فأحد الفريقين بغى وطغى وتجبر واستأثر بكل مكتسبات ثورة الشعب التي أطاحت بالحكم على أمل تحقيق حلم الربيع العربي بحكم ديمقراطي ودولة عادلة.

هذا الطرف يمثله خليفة حفتر العسكري الليبي المنشق وقائدُ ما يسمى الجيش الوطني الليبي منذ عام 2014، منذ أن انقلب على منظمومة الحكم التي اعترف بها العالم وولى نفسه زعيما ومنح ذاته أحقية السيطرة المطلقة فقاتل كل من خالفه من مدافعين عن مكتسبات الثورة الليبية وعن الشرعية التي أنتجتها العملية السياسية بيد الليبين أنفسهم، حفتر شن حربا بالتعاون مع بعض مناصريه على الليبيبن ليقدم نفسه كمخلص وهنا برزت كل القوى المعادية لمنطق الحكم الديمقراطي أو حرية الشعوب، قوى دعمت حفتر بكل شيء حتى قويت شوكته وأصبح ندا لا بل استمر بما بدأه ساعيا للسيطرة على ليبيبا كاملة ومن خلفه كل تلك القوى والتي للأسف أصبح ديدنها معروفا لا تخجل منه وهو سحق حلم الشعوب فلا عين تخطئها خلف كل مستبد وفي كل واقعة فيها انقلاب أو تعدٍ على الثورات هذه القوى اليوم تقف مذهولة أمام هول ما يحدث في ليبيا.. فماذا يحصل في ليبيا؟

يحصل أن الشرعية في ليبيا وبعد أن ضاق الخناق عليها من قبل حفتر وبعد أن استنفدت كل فرص التفاهم معه ومع مشغليه وكانت قدمت في سبيل ذلك التنازلات والخطوات لتجد في كل مرة طريق حفتر مقطوعة لا يريد الوصول لحل سوى ما يراه هو، رغم أن فيه سحقا لمنجزات الثورة وتعدياً على خيار الشعب وفيه ممالئة لكل الأطراف الخارجية التي أثبتت أنها لا تريد بالليبين خيرا،  قررت الشرعية ممثلة بحكومة الوفاق خوض الحرب والمواجهة التي أصبح لا بد منها، ولتخوض حربها بحثا عن ترسيخ منطقها الساعي لإحقاق الحق كان لا بد لها من حلفاء فبرز الدور التركي داعما عسكريا وسياسيا فاستطاعت قلب المعادلة عسكريا.. نعم قلبت المعادلة في ذات الخيار فخليفة حفتر اختار الحرب وما إن وقعت حقا حتى هُزم شر هزيمة، وهو المعروف بفارس كل الهزائم لتضاف إلى سجله أخرى، فرأينا جيشه يتراجع ويهزم وينسحب ويتقهقر ويبحث عن صيغة توافق مع الشرعية وهو الذي رفض كل المبادرات والصيغ سابقا.. فكيف حصل ذلك؟

حصل بأن تركيا دعمت جديا قوات الوفاق كممثل شرعي ومعترف به دوليا دعمته عسكريا كما كان حفتر يتلقى الدعم من كل صوب، لكن استنكر الجميع دعم تركيا وأصبحت وسائل إعلام دول الخريف العربي تقول إن تركيا تريد احتلال ليبيا وما دعمها إلا طمعا وهذه أحلام إمبراطورية عثمانية والكثير الكثير من هذه الهراء غير الواقعي فهم ينكرون على طرف أن يتلقى دعما بينما يباركون دعمهم لحفتر.

(تركيا ترسل مرتزقة سوريين للقتال – تركيا تدمر المدن الليبية – تركيا تريد سرقة نفط الليبين..)، والبعض قال على العرب أن يشكلوا جيشا واحدا لصد الغزو التركي، وآخر يرى دور تركيا أخطر من دور أي عدو ولا عدو سواها.. فهي تقتل إخواننا في ليبيا وهنا نقف كسوريين لنقول ألم تروا ماذا فعلت بنا روسيا!؟ ألم تتدخل بثقل عسكري لا يضاهيه شيء دعما لنظام الأسد القاتل الساقط وقلبت موازين المعركة من نصر للشعب الثائر لسحق لهذا الشعب!؟

لا أحد ينكر دعم تركيا لحكومة الوفاق وإرسالها عدة وعتادا وعديدا من مقاتلين دعما أمن نصرا ساحقا سيغير مستقبل ليبيا، لكن هل هذا الدعم مستنكر فعلا؟.. وهل رفضه وشيطنته فقط لأنه يذكي نار الحرب فعلا؟ إطلاقا لا بل لأنه سينسف ما تم العمل عليه مع حفتر من ترسيخ للخريف، فإن كان الدعم سيذكي الحرب فهل دعم حفتر كان بالورود والرياحين أم بالسلاح الذي حرق في مخازنه!؟ وإن كان رفض الدعم واستنكاره من مبدأ الحفاظ على البيت العربي فهل دعم بعض العرب وروسيا لحفتر وبشار الأسد كان ضمانا لوحدة البيت العربي!؟

وأخيرا لا بد من القول بأننا لا نريد للغير أن يتدخل في شأننا ولا نسعى لأن نستجلب قوى خارجية تذكي الحروب بين "الإخوة" وما كان الربيع العربي إلا لينهي كل ذلك، لكننا مبتلون حقا بما يفعل السفهاء منا.. ومسلط علينا من لا يرحمنا، وهؤلاء هم من استجلبوا كل هذه الشرور لبلادنا.