icon
التغطية الحية

دراسة شاملة: 75 % من السوريين في تركيا يتلقون أقل من الحد الأدنى للأجور

2021.08.12 | 17:27 دمشق

article_istanbuls-syrian-children-and-youth_3626_large.jpg
ينتمي 87 % من العمالة السورية في تركيا للشريحة العمرية بين 18 - 30 عاماً - TPQ
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

أظهرت دراسة أعدّها "مركز الحوار السوري" أن 75 % من اللاجئين السوريين في سوق العمل التركي يتلقون أقل من الحد الأدنى من الأجور، البالغ 2825 ليرة تركية، حيث يتقاضى 50 % منهم متوسط أجور شهري يتراوح بين 1500 – 2500 ليرة تركية، في حين يتقاضى 25 % رواتب تزيد على 2500 ليرة.

وقال المركز، في دراسة أعدها عن السوريين في سوق العمل التركي، إن "حركة اللجوء إلى تركيا أسهمت بانتقال شريحة واسعة من اليد العاملة السورية التي دخلت سوق العمل التركي الرسمي وغير الرسمي، وأثرت فيه بشكل واضح"، مشيراً إلى أن مجالات العمل المختلفة التي استقبلت السوريين سمحت بتأمين مورد مالي مكّنهم من تأمين احتياجاتهم المعيشية بالحد الأدنى.

ووفق إحصائيات الحكومة التركية، تشكّل العمالة السورية 2.9 % من إجمالي حجم العمالة في سوق العمل التركي الرسمي وغير الرسمي، وتناولت دراسة "مركز الحوار السوري" معرفة واقع هذه العمالة السورية حالياً من خلال دراسة حالة لإحدى الشرائح التي التحقت بسوق العمل، وهي شريحة القاطنين في السكن الشبابي.

وأظهرت نتائج الدراسة أن الشريحة المدروسة تركز عملها بشكل رئيسي في سوق العمل غير الرسمي، خاصة في قطاعات الورشات الصناعية والملابس والأحذية، التي استوعبت ما يزيد على نصف العمالة السورية، يليها قطاع الإنشاءات، ثم قطاع الشركات والمحال التجارية، ثم قطاع الأعمال الحرة، ثم في قطاع المطاعم والمخابز السورية، ويتوزع البقية في قطاعات عمل متفرقة كصيانة السيارات، والعمل في نقل وبيع الفحم، والزراعة والإعلام والتعليم وغيرها بنِسَب بسيطة.

العمالة السورية تتعرض للاستغلال من أرباب العمل

وأوضحت أن العمالة السورية "تعرضت لحالة من الاستغلال في مجال العمل، سواءٌ من أرباب العمل السوريين أو الأتراك، إذ تشير النتائج إلى أن 92 % من العمال السوريين من الشريحة المدروسة يعملون أكثر من 8 ساعات عمل يومياً، بينهم 59 % يعملون لما يزيد على 65 ساعة أسبوعياً، من دون الحصول على تعويض مالي يتناسب مع العمل الإضافي، أو الحصول على حد مقبول من الإجازات أو الحقوق القانونية"، مشيرة إلى أن "معدلات الرواتب لم تتناسب مع ساعات العمل الطويلة، إلا أن حيازة ملكات لغوية متقدمة يمكن أن تزيد فرصة الحصول على راتب أعلى في بعض الأحيان".

وحول الوضع القانوني للعاملين السوريين في السوق التركية، قالت الدراسة إن 90 % من الشريحة المدروسة تعمل بشكل غير نظامي، ومن دون تراخيص عمل رسمية، رغم أن 85 % منهم ليس لديهم أي عائق قانوني لاستصدار هذه التراخيص، إنما يرجع السبب الرئيسي لتهاون أرباب العمل والرغبة في التهرب من دفع التأمينات الاجتماعية في محاولة لتخفيض كلفة الإنتاج.

20 بالمئة من العمال السوريين مؤهلون أكثر من المطلوب

وحول طبيعة العمالة السورية في سوق العمل التركي، وجدت الدراسة أن العمالة السورية ضمن الشريحة المدروسة التي دخلت سوق العمل التركي تُعد عمالة شابة، إذ ينتمي 87 % من هذه العمالة للشريحة العمرية بين 18 - 30 عاماً، إلا أن هذه العمالة تمتلك مستويات تعليم منخفضة، خاصة في الشرائح العمرية الصغيرة، إلا أنها تضم أيضاً عمالاً "مؤهلين أكثر من المطلوب" من حملة الشهادات الجامعية بنسبة 20 % من إجمالي العاملين السوريين.

وأشارت الدراسة إلى أن هؤلاء "المؤهلين أكثر من المطلوب"، يعملون في مِهن منخفضة الكفاءة وفي غير اختصاصاتهم، وهو ما يتسبب بخسارة مضاعفة، تعود عليهم كأفراد نتيجة عدم استغلال إمكاناتهم الكاملة وتوظيفها في مجالها، وخسارة أيضاً للاقتصاد التركي، حيث يُعاقبون مرتين في سوق العمل، أولاً لعدم الحصول على تصريح عمل، ثم لعدم الاعتراف بشهاداتهم.

وعلى الرغم من تدني رواتبهم دون الحد الأدنى للأجور، يقوم معظم العاملين السوريين في سوق العمل التركي بتحويل جزء من رواتبهم بشكل شهري إلى عائلاتهم داخل سوريا، إذ وجدت الدراسة أن 85 % من الشريحة التي درسها البحث يحوّلون جزءاً من رواتبهم إلى عائلاتهم، بينهم 65 % يقومون بهذه التحويلات بشكل دائم ومكرر كل شهر.

 

التالتال.jpg

 

ظروف العمل غيّرت النمط الذي اعتادته العمالة السورية

ووفق الدراسة، فإن ظروف العمل في السوق التركي غيّرت نمط العمل الذي اعتادته العمالة السورية، فانتقلت هذه العمالة إلى أعمال أطول وأقل استقراراً، كما استوعبت سوق العمل أعداداً أكبر من النساء اللواتي تحوّلن بسبب ظروف اللجوء إلى مُعيلات لعائلاتهنّ، أو اضطرتهنّ الظروف للعمل لمساعدة أزواجهنّ في تأمين دخل مقبول للأسرة.

كما أوضحت الدراسة أن سوق العمل استقطب الشرائح الشابة والقُصّر بنسبة أعلى، فخسرت هذه الفئات فرصة الحصول على تعليم جيد في تركيا، أو استكمال الدراسة الجامعية نتيجة العديد من الأسباب.

وأشارت إلى أن العمالة السورية تضم شريحة واسعة تملك خبرات سابقة، إلا أن هذه الشريحة لم تستطع نقل خبراتها السابقة إلى سوق العمل التركي، حيث تركزت العمالة السورية في أنماط معينة من المهن، وتوزعت غالبية السوريين في مهن منخفضة أو متوسطة المهارة، في حين عملت نسبة قليلة لا تتجاوز 7 % في مهن تتطلب مهارات عالية.

وأوضحت أنه كان لهذا التركز في قطاعات عمل تتطلب مهارات منخفضة الأثر في إعاقة فرصهم في الاندماج السريع واستمرار استنزاف العديد من الخدمات الاجتماعية، إذ يتوقع أن يؤدي الاندماج البطيء إلى تجمع السوريين في الأحياء الفقيرة، ونشوب صراع اجتماعي مستقبلي.

العمالة السورية أسهمت في زيادة أرباح سوق العمل التركي

من جهة أخرى، قالت الدراسة إن العمالة السورية أثرت في سوق العمل التركي غير الرسمي، من خلال زيادة الأرباح بسبب انخفاض الرواتب والطبيعة غير الرسمية للعمال، وأسهمت أيضاً في دعم كثير من القطاعات الاقتصادية، لا سيما مع تصاعد الأزمة الاقتصادية التي تواجهها تركيا، وازدياد تداعياتها نتيجة جائحة "كورونا".

وفي مقابل هذه الأرباح، أثّر عمل السوريين في القطاع غير الرسمي على إيرادات مؤسسة الضمان الاجتماعي التركية، حيث قُدّرت خسارة هذه المؤسسة سنوياً بـ 7 مليارات ليرة تركية من عائدات الضمان الاجتماعي، كما تحمّلت الحكومة التركية، في الوقت نفسه، أعباء توفير خدمات الرعاية الصحية للاجئين السوريين المنتمين إلى نظام الحماية المؤقتة.

وأشارت الدراسة إلى أنه على الرغم من كل الجهود الحكومية التركية وجهود المنظمات الدولية التي قدّمت العديد من التدريبات، فإن هذه الجهود لا تزال متواضعة أمام حجم الاحتياجات المطلوبة، خاصة ما يتعلق بالتدريبات المهنية، حيث لم تتوزع هذه التدريبات بشكل عادل بين المحافظات، ولم تستهدف كل فئات السوريين.

وقدّمت الدراسة مجموعة من التوصيات ركّزت على ضرورة تصحيح وضع العمالة السورية وضمان حقوقها، وزيادة التدريبات المهنية والتدريبات الخاصة باللغة التركية، وتوفير مِنح جامعية مرنة تتناسب مع أوضاع هذه الشريحة، خاصة شرائح القُصّر.

كما دعت إلى ضرورة تشجيع المستثمرين وأرباب العمل ودعمهم لنقل بعض ورشاتهم ومراكز عملهم إلى محافظات تركية نامية أو إلى مناطق الشمال السوري، لما لهذه الخطوة من تأثير على تخفيض النفقات وإعادة توزيع السوريين وتشجيعهم على العودة إلى بلادهم مستقبلاً.

يشار إلى أن الأرقام الرسمية عن حجم العمالة السورية في السوق التركية، غير موجودة، وذلك لصعوبة تتبع أعدادها، نظراً لأن غالبية العمال السوريين يعملون بشكل غير نظامي وغير موثّق في السجلات الحكومية، إلا أن التقديرات حول حجم العمالة السورية في سوق العمل التركي تراوحت بين 750 ألف شخص، و940 ألف شخص وفقاً لتقديرات صادرة عن منظمة العمل الدولية، و1.2 مليون وفقاً لتقديرات دراسة تركية صدرت بداية العام 2020.

لقراءة الدراسة بشكل كامل هنا.