icon
التغطية الحية

دراسة ترصد الدور الشيشاني في سوريا

2020.09.02 | 17:02 دمشق

fffffffff.png
مفتي الشيشان في مدينة حلب (وكالات)
إسطنبول - متابعات
+A
حجم الخط
-A

رصدت دراسة لـ "مركز حرمون للدراسات المعاصرة" الدور الذي تلعبه الجمهورية الشيشانية في الحرب بسوريا، على عدة أصعدة عسكرياً وسياسياً وحتى اقتصادياً.

وجاء في الدراسة أن التدخل الشيشاني في سوريا، بدأ بعد تحوّل الثورة السورية من سلميّة إلى مسلحّة، حيث بدأت مجموعات شيشانية تأخذ دوراً مهماً في المواجهات بين قوات نظام الأسد وفصائل المعارضة السورية، بعدها انضمت أعداد منهم إلى تنظيم "الدولة"، وتم استعمالهم كأداة قوية لمواجهة فصائل المعارضة السورية، بسبب وجود جواسيس بين هؤلاء الشيشانيين، كانوا يُرسلون المعلومات إلى مراكز الاستخبارات الروسية في موسكو، بحسب الدراسة، التي أضافت في مقدمتها أنه وبعد التدخل الروسي في سوريا ضد المعارضة السورية في أيلول 2015، دخل الجيش الشيشاني الرسمي التابع لرمضان قاديروف إلى سوريا، وكان للشيشانيين دور مهم في القتال.

 

لماذا يذهب الشيشانيون للقتال في سوريا؟

ذهاب كثير من الشباب الشيشانيين للقتال "الجهاد" في سوريا له علاقة مباشرة بالأزمة الاقتصادية المعاشية في منطقة القوقاز.

وترى الدراسة، أن الشيشان مركزاً مهماً للجهاديين الموالين لروسيا، الذين يرون أن الجهاد لمصلحة روسيا "جهاد من أجل الإسلام"، لأنهم يعدّون قاديروف قائداً لهم، وقد شارك بعضهم في الحرب الأوكرانية ضد الجيش الأوكراني، وبعضهم في سوريا، حيث يعتبرون أن حربهم هناك "مقدسة"، لأنهم يحاربون الغرب "الكافر" و"الإمبريالية الأميركية"، والمعارضين الذين "انضمّوا إلى صفوف داعش"، ومع أن رمضان قاديروف يدعم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، فإن المنطقة التي تحت سيطرته تُحكم بقوانين دينية صارمة.

manar-06232430014618791184.jpg

ماذا يفعل الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف في سوريا؟

وفق الدراسة إن أهم دور تلعبه الشيشان في سوريا، هو الوساطة لعودة الروس الذين انضموا إلى الجماعات الجهادية في سوريا، والرغبة في المساهمة في إعادة الإعمار، إضافة إلى تقديم مساعدات إنسانية في سوريا.

وبهذه المهام يكون قاديروف، يخدم الكرملين وسياساته في سوريا، إضافة إلى أداء لعبة خاصة به، وإظهار نفسه كمدافع عن الإسلام في جمهوريات الشمال القوقازي، وفي الدول التي يرسل إليها جنوده.

أرسل قاديروف مجموعات شيشانية، منذ بداية الحملة العسكرية لروسيا في سوريا، وكانت تحت إمرة الكرملين بشكل مباشر، حيث أرسل الرئيس الشيشاني بضعة آلاف من المقاتلين الشيشانيين إلى سوريا، لكي يقاتلوا تنظيم "الدولة"، ويساعدوا الجنود الروس في عملياتهم العسكرية في سوريا.

وكان الدور الأهم لهم هو أن يكون هناك تقارب بين الجنود الشيشانيين والسوريين، لأن الجنود الشيشانيين مسلمين، ولكن هذا الهدف لم ينجح كثيراً، ومع ذلك تحاول جمعية "قاديروف الإغاثية" إرسال مساعدات إلى المناطق التي تحت سيطرة قوات النظام، بهدف تعزيز التقارب، وتغيير وجهات النظر عن الدور الروسي والشيشاني في سوريا.

الدراسة تشير إلى أن التدخل الشيشاني اتسع واتجه نحو إعادة الإعمار بعد الحرب، ضمن إطار المشروع الروسي الذي يقوده يفغيني بريغوجين، رجل الأعمال المقرب من بوتين وهو الذي يسمّى في الإعلام (طباخ بوتين) والداعم الأقوى للحروب في سوريا وليبيا، وفي الواقع، تم الإعلان في هذا الخصوص أن الشيشان -بالتعاون مع بريغوجين- سيقومون بإعادة بناء مساجد حلب وحمص ومدن سوريّة أخرى.
وبحسب الدراسة، فإن إعادة بناء المساجد أمرٌ مهم جداً لبناء العلاقات الشيشانية السورية، حيث يقوم الكرملين بإبرازه ضمن سياسة إغراءات تجاه المسلمين في روسيا، ويشكل ذلك في الواقع استمراراً للسياسة التي تتبعها روسيا نفسها، حيث تقوم الشيشان ببناء المساجد في مناطق المسلمين في المدن المختلفة الروسية، وقد أبرزت دراسات كيف تحسنت صورة رمضان قاديروف وجمهوريته، لدى مسلمي روسيا.

وتتكفل مؤسسة "قاديروف الخيرية" التي تحظى بدعم حكومي روسي، حيث يتم تمويلها عبر ضريبة غير رسمية تُجمع من خلالها بين 10% و30% من مرتبات الشيشانيين و50% من أرباح الشركات التي تنشط في الشيشان، بتوزيع المساعدة الإنسانية في سوريا، منذ شهر كانون الثاني 2017، ويكرر رمضان قاديروف الحديث بهذا الشأن في الشبكات الاجتماعية، وكذلك يعيد التلفزيون الشيشاني بث ذلك، ويقول إن المساعدة التي تقدّمها غروزني للإخوة السوريين أكبر بكثير من تلك التي تقدّمها المنظمات الدولية.

749582_0_0.jpg

كيف ستوثر العقوبات الأميركية في سياسة الرئيس الشيشاني ودور الشيشان في المنطقة؟

فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على قاديروف رئيس الشيشان، ومنعته من دخول الولايات المتحدة، بسبب اتهامه بالقيام بانتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، من بينها أعمال تعذيب.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو " لدى الوزارة معلومات موسعة وموثقة، تفيد بأن قاديروف مسؤول عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان تعود لأكثر من عشر سنوات، وتشمل التعذيب والقتل خارج إطار القضاء".

وتؤكد التقارير أن الرئيس الشيشاني يستعمل طرقاً بشعة مع كل من يعارضه ويعارض سياسة الكرملين، وأنّه "دمّر بيوت عائلات كانت تعارض سياساته". وردّ قاديروف على قناته بتطبيق (تليغرام) بصورة له بدا أنه يقف داخل مخزن ممتلئ بأسلحة مبتسماً، وهو يحمل رشاشات خفيفة. وعلّق "يا بومبيو، نحن نقبل القتال.. سيكون الأمر ممتعاً".

ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية قالت، في منشور على "فيس بوك"، رداً على العقوبات "سيكون من الصعب الرد بالمثل، لكننا سنفكّر في أمر ما".

 وكانت واشنطن قد وضعت قاديروف على القائمة السوداء في السابق، بموجب قانون (ماغنتسكي) الذي فرض عقوبات شملت منع إصدار تأشيرات وتجميد أصول مسؤولين مرتبطين بوفاة سيرجي ماغنتسكي (37 عاماً) في السجن، وهو مدقق حسابات روسي ومبلّغ عن مخالفات.

وتمنع العقوبات الرئيس الشيشاني من التحرك بحرية، ومن استعمال البنوك الأجنبية لدعم مشاريعه، وهذا سيُضعف نوعاً ما من إمكاناته في سوريا، ولكنّ أغلب المحللين السياسيين عدّوا هذه العقوبات رمزية، وليس لها قيمة حقيقة، وأنها لنّ تغير من تحركات الرئيس الشيشاني، ويمكن اعتبارها رداً أميركياً على تهديد قاديروف للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي.

ما الحلّ الذي يراه الرئيس الشيشاني قاديروف للوضع في سوريا؟

قال قاديروف، في مؤتمر صحفي عام 2018 "بغض النظر عن مدى رغبة القيادة السورية، والشعب السوري، فإن الحرب لن تنتهي بوجود أميركا وإسرائيل وأوروبا ودول التحالف الأخرى، حيث إن هناك مصالح لدول مختلفة، وستستمر إراقة الدماء هناك إلى أن تتفق هذه الدول على ضرورة إنهاء الحرب"، وهو يعتقد بأن السبب الأساسي للحرب في سوريا هو التدخل الغربي والأميركي، ولا يرى في التدخل الروسي أي مشكلة، لأنه يعدّه دعماً للسوريين، ويعُدّ بشار الأسد الحاكمَ الشرعي لسوريا.

وقال قاديروف إن هناك قادةً لما يسميهم "الإرهابيين" في سوريا، يقومون بتزويدهم بكل ما يحتاجون إليه، ولولا ذلك "لما تمكّنوا الصمود يوماً واحداً".

وأضاف قاديروف "كلّ القوات التي تقاتل ضد قوات الحكومة السورية يتم التحكم فيها وتزويدها بالأسلحة والملابس والغذاء، وكل هذا يحتاج إلى كثيرٍ من النفقات، وسيعود السلام إلى سوريا، إذا أعادت الدول شياطينها إليها"،

وأكد أن سوريا صامدة بفضل جهود روسيا ورئيسها فلاديمير بوتين. وقال "كما نعرف، فلاديمير بوتين، صانع السلام، يعمل وفقاً لمعايير المجتمع الدولي، ويحمي الجمهورية العربية السورية، ولأوروبا والغرب مصالح أخرى هناك".

 وأشار إلى أن الجنود الشيشان الذين يخدمون في سوريا، كجزء من الشرطة العسكرية، اكتسبوا ثقة السكان المحليين وأنهم يقومون بالمهام بنجاح. وهذا الشي يقوله ليس للمرة الأولى حيث تزداد العلاقات السورية الشيشانية عمقاً، وخصوصاً بعد فتح مركز تابع لجامعة دمشق في العاصمة الشيشانية غروزني، وفتح مراكز لجمعية قاديروف في مدن مختلفة في سوريا.

 ويرى قاديروف أن "بقاء الأسد أمرٌ ملحٌّ لسوريا، لأنه يحافظ على العلاقات الروسية السورية، ويحارب الإمبريالية الأميركية والغرب، ولذلك هو الحليف القوي لجمهورية الشيشان، وهناك سبب آخر هو محاربته للشيشانيين الانفصاليين، ومساعدته لقوات قاديروف في تقديم معلومات استخبارية لمواجهة الانفصاليين".

eebbhh.PNG

ما موقف الشعب الشيشاني من التدخل في الحرب السورية؟

وفق الدراسة، فإن غالبية الشيشانيين الذين ذهب أقرباؤهم إلى الحرب في سوريا، من الطرفين الجهادي والموالي لروسيا، يقولون إن هذه الحرب هي ليست حربهم، ولا مصلحة لهم فيها، لكونها لن تحلّ المشكلات في الجمهورية أو في روسيا، والسبب الأول الذي لا يسمح للشيشانيين بالتحدث عن الحرب هو الخوف من الاعتقال والتعذيب.

دعم الإمارات العربية المتحدة الشيشانيين الموالين لقاديروف في سوريا

جاء في دراسة "مركز حرمون" أن دعم ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد للأكراد يكون عن طريق الرئيس الشيشاني رمضان قاديروف، للقتال ضد تركيا، ولمواجهتها ولمواجهة الإسلاميين في سوريا، حيث ترى الإمارات العربية المتحدة في الرئيس الشيشاني حليفاً قوياً قد تستفيد من جيشه في وقت الحروب الصعبة.

وقد فتحت الشيشان واحدة من أكبر مدارس تدريب القوات الخاصة في العالم، وسيكون كل المدرّبين في المدرسة، إلى جانب دانييل مارتينوف (مدرّب القوات الخاصة المخضرم الذي كان يخدم مع الجيش الروسي) من القوات الشيشانية، بدلاً من القوات المسلحة الروسية. وتنوي كل من البحرين والأردن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إرسال أفراد من "قوات النخبة" للتدرّب على "مكافحة الإرهاب"، في هذه المنشأة في الشيشان. وعلى الرغم من تسمية المدرسة رسمياً بجامعة سبيتسناز الروسية (القوات الخاصة)، فإنه لا علاقة لها بروسيا على الإطلاق، وهذا الأمر يعمّق العلاقات الشيشانية الإماراتية، ويساعد الشيشان في تخطي المشكلات المالية والعقوبات الأميركية، ويجعلها مركزاً مهماً لتدريب المرتزقة.