icon
التغطية الحية

دراسة: الأثر المميت للتضليل الإلكتروني في سوريا والدور الروسي

2022.06.20 | 00:22 دمشق

khwdhdh.jpg
الخوذ البيضاء (فيس بوك)
ترجمة وتحرير موقع تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

بهدف الكشف عن التكاليف الإنسانية والسياسية لحملة التضليل حول سوريا، أجرى معهد الحوار الاستراتيجي The Institute for Strategic Dialogue (ISD) حملة "من أجل سوريا" بإحدى أعمق الدراسات الشاملة لآثار التضليل في سوريا حتى هذا اليوم.

صحيفة "الغارديان" البريطانية، استعرضت أمس الأحد ملخصاً لتلك الدراسة المهمة التي حملت عنوان: "الأثر المميت للتضليل: كيف تسببت نظريات المؤامرة حول سوريا بمعاناة حقيقية على أرض الواقع"، والتي سلطت الضوء على الحملة الروسية المركزة ودورها في نشر المعلومات المضللة حول النزاع في سوريا وانعكاساتها المميتة على العاملين/ات في الشأن الإنساني، وخاصة على منظمة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء).

وبحسب الدراسة، حدد الباحثون في معهد الحوار الاستراتيجي 28 حساباً لأفراد ومتنفذين ومنظمات، نشرت معلومات مضللة حول النزاع السوري. وباستخدام قائمة من 51 كلمة مفتاحية ووسماً مرتبطاً بسوريا، تمكنوا من تحديد 47 ألف تغريدة على تويتر و817 منشوراً على فيس بوك من هذه الحسابات لإنشاء أو نشر معلومات مضللة عن سوريا في الفترة ما بين كانون الثاني 2015 وكانون الأول 2021.

شبكة "نظرية المؤامرة" تلك، مدعومة في كثير من الأحيان بحملة روسية منسقة، هدفها التضليل لردع تدخل المجتمع الدولي.

وحددت البيانات التي تم جمعها من قبل المعهد حول تلك الحسابات، نحو 1.8 مليون شخص يتابعون كل كلمة تنشرها. وتضمنت الروايات الكاذبة والمضللة الرئيسية الثلاث التي روجت لها شبكة المؤامرة:

  1. تحريف حقائق "الخوذ البيضاء"، المنظمة التطوعية التي تعمل على إنقاذ الناس وإجلائهم في سوريا.
  2. التركيز على إنكار أو تشويه الحقائق حول استخدام النظام السوري للأسلحة الكيميائية.
  3. مهاجمة النتائج التي توصلت إليها هيئة مراقبة الأسلحة الكيماوية في العالم.

الخوذ البيضاء في سوريا

وتبين الدراسة أن الخوذ البيضاء تشكّل الهدف الرئيس للغضب الروسي، وذلك بعد توثيقها لحوادث مثل الهجوم الكيماوي على خان شيخون عام 2017، والذي أودى بحياة 92 شخصاً ثلثهم من الأطفال. وخلصت وحدة تابعة للأمم المتحدة في وقت لاحق إلى وجود "أسباب معقولة للاعتقاد بأن القوات السورية أسقطت قنبلة تنثر غاز السارين" على تلك البلدة في محافظة إدلب.

كما وجدت التحليلات الجديدة الواردة في الدراسة، أن الحسابات الرسمية للحكومة الروسية لعبت دوراً رئيسياً في إنشاء ونشر "محتوى كاذب"، حيث لعبت السفارة الروسية في كل من المملكة المتحدة وسوريا دوراً بارزاً في هذا الإطار.

وأوضحت أنه من بين التغريدات الـ47 ألفاً المضللة خلال السنوات السبع (من 2015 إلى 2021)، كان 19 ألف منشور أصلي، وتمت إعادة التغريدة أكثر من 671 ألف مرة.

مشاركون في المنشورات المضللة

ومن بين أولئك الذين ورد ذكرهم في الدراسة على أنهم ناشرون مؤثرون للمعلومات المضللة، "فانيسا بيلي"Vanessa Beeley، الصحفية المستقلة التي وصفت نفسها كمختصة في "نظريات المؤامرة كدليل من قبل روسيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة."

ففي أيلول 2015، اتهمت بيلي الخوذ البيضاء بالتحالف مع القاعدة وغيرها من المنظمات الإرهابية، مدعية أن الصور والمشاهد التي يجمعونها وهم ينقذون المدنيين من المباني التي دمرت، مفبركة.

ونقلت الدراسة عن نائب مدير الخوذ البيضاء فاروق حبيب قوله: "في البداية اعتقدنا حقاً أنها قد تكون مجرد شخص لا يملك ما يكفي من المعلومات الصحيحة، وعلينا الاتصال بها لشرح الأمر. ولكن بعد إجراء بعض عمليات البحث، أدركنا أن منشوراتها متعمدة وممنهجة".

هناك أيضاً مجموعة من الأكاديميين البريطانيين متهمة بنشر معلومات مضللة مؤيدة للنظام السوري ونظريات مؤامرة تروج لها روسيا. فمنذ عام 2020، قيل إن الصحفي آرون ماتيه Aaron Maté الذي ارتبط اسمه بموقع غراي زون Grayzone قد تجاوز بيلي باعتباره أكثر انتشاراً للمعلومات المضللة من بين الحسابات الـ28 لأصحاب نظرية المؤامرة الذين تم تحديدهم.

ففي مقالة كتبها لصالح غراي زون، هاجم ماتيه مجموعة "بيلينغ كات" Belling cat بسبب مساهماتها لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، وأصبحت مقالته الأكثر مشاركةً في هذه الأوساط بين العامين 2020 و2021.

وهناك أيضاً الصحفية الكندية المستقلة إيفا بارتليت التي ظهرت في لجنة حكومية سورية في الأمم المتحدة، زاعمة أن الخوذ البيضاء ينظمون عمليات إنقاذ. وقد تمت مشاهدة نسخة واحدة من تدوينتها بهذا الخصوص 4.5 ملايين مرة على فيس بوك!

بعض المشاهير أيضاً اجترّوا وأعادوا بث نظريات المؤامرة حول منظمة الخوذ البيضاء. وقد وجد هذا التقرير أن اثنين من أكثر المنشورات المضلِّلة مشاركةً على منصة فيس بوك، كانا لـ روجر واترز الموسيقي والمغني من فرقة بينك فلويد الشهيرة.

ادّعى المنشور الأول أن "أصحاب الخوذ البيضاء قتلوا على الغالب 34 امرأة وطفلاً لاستخدامهم كديكور للمشهد خلال ذاك اليوم المأساوي في دوما". أما المنشور الثاني فهو عبارة عن قراءة مضللة ومؤذية لتقرير منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حول هجمات دوما.

الآثار المميتة على الخوذ البيضاء

وكما ذكرت الدراسة، فإن متطوعي الخوذ البيضاء هم الأهداف الأكثر تعرضاً للهجوم مع أكثر من 21 ألف تغريدة مصممة لتشويه سمعة المجموعة أو تشجيع الهجمات ضد المستجيبين الأوائل. ويعلق أحد المتطوعين في الخوذ البيضاء حميد قطيني قائلاً: "النظام السوري وروسيا يجعل عملنا المنقذ للحياة محفوفًا بالمخاطر من خلال الهجمات المزدوجة. عندما نذهب لإنقاذ الناس من موقع تم قصفه، فإنهم يعيدون استهداف نفس المنطقة لقتل المستجيبين الأوائل ". قُتل حتى الآن 296 متطوعاً في أثناء أداء واجبهم منذ عام 2012.

ملف اللجوء والتطبيع مع الأسد وتكرار التجربة في أوكرانيا!

كان هدف هذا الوابل من المعلومات المضللة، وفقاً للدراسة، هو زرع الارتباك والشك بين صانعي السياسة الحكوميين، ما ساعد على وضع سياسات مناهضة للجوء، والتطبيع مع نظام الأسد في سوريا، وشجع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تكرار التكتيكات في أوكرانيا أيضاً.

مسؤول سابق في وزارة الخارجية الأميركية قال لمعدي الدراسة: "كانت سوريا ساحة اختبار لهذا النوع من نشاط المعلومات المضللة والدروس المستفادة من هذه القضية التي يمكن أن تساعد في اتخاذ إجراءات بشأن أوكرانيا وخارجها".