خطورة واقع التعليم في الشمال السوري

2022.10.02 | 05:58 دمشق

خطورة واقع التعليم في شمال سوريا
+A
حجم الخط
-A

جاء عام دراسي جديد وترتسم في أذهاننا صورة الطلاب يحملون حقائب الدراسة يذهبون إلى المدرسة، لكن واقع الأطفال السوريين مختلف تماماً، وإن أخطر مسألة يتعرض لها الأطفال والشبان السوريون في العقد الأخير هو الحرمان من التعليم، وبأرقام ينبغي أن توقظ لدينا كل إحساس بالخطر مما يهدد هذا الجيل، فهذا الواقع الحالي يعني أن ترتفع نسبة الأمية ويسود الجهل ويسهل الانحراف وتتفشى المخدرات والمواد المدمنة ويتهدد جيل كامل، وإلى اليوم لم تقم المؤسسات المعنية بموضوع التعليم بملء الفراغ فيما يخص التعليم، إضافة إلى تضرر المدارس وبحسب الإحصائيات 40% من المدارس تضررت بالحرب أو تحويل المدارس لأمور أخرى كمشافي وغيرها، إضافة إلى موجات النزوح الداخلية فارتفع عدد الطلاب دون ارتفاع عدد المدارس بل تناقصها أحياناً، وانتشار المخيمات العشوائية البعيدة عن المدارس وتدني أجور المعلمين بشكل كبير للغاية،  إضافة إلى تدني الوضع الاقتصادي والفاقة مما يضطر الأهالي لإرسال أبنائهم إلى ميادين العمل ليعيلوا أسرهم، وحتى في تركيا رغم توافر المدارس وصلت نسبة الانقطاع إلى ثلث الأطفال وتحولوا إلى المناطق الصناعية للعمل، وأحياناً لجمع النفايات من المواد البلاستيكية والمعادن لبيعها والتكسب للرزق.

بحسب تقارير إحصائية لوحدة تنسيق الدعم بلغت نسبة المتسربين من المدارس 65% وازدادت في إدلب لتبلغ 69% وهذه نسبة مرعبة لجيل يكبر وهو بعيد عن المدرسة والتعليم

قالت وزارة التعليم الوطنية التركية، إن نحو 35% من الأطفال السوريين لا يتلقون التعليم في تركيا في العام الدراسي 2021- 2022.

وأفادت إحصائية نشرتها الوزارة، أن نحو 393 ألفًا و547 طفلًا من أصل مليون و124 ألف طفل سوري في سن التعليم غير ملتحقين بالمدارس.

أما في شمال سوريا وبحسب تقارير إحصائية لوحدة تنسيق الدعم بلغ نسبة المتسربين من المدارس 65% وازدادت في إدلب لتبلغ 69% وهذه نسبة مرعبة لجيل يكبر وهو بعيد عن المدرسة والتعليم، وقسم كبير من الأهالي يكتفي بالمرحلة الابتدائية.

أما عن ازدحام الصفوف بالأعداد فنسبة الصفوف التي يزيد فيها عدد الطلاب عن أربعين تصل إلى 25% فهذا يعني ضعف للعملية التعليمية ويتحول المعلم بجل وقته إلى ضبط الصف، إضافة إلى تدني أجور المعلم حيث يتلقى المعلم راتب وقدره 1100 ليرة تركية.!

وهذا لا يكفيه قيمة إيجار بيت إذا كان نازحا أو مصاريف الغذاء لأسرته إذا كان لديه بيت.!

فنحن أمام أكبر تهديد للتعليم يعاني منه واقع الشمال السوري خاصة والسوريون عامةً

أما بالنسبة لصفوف الدراسة في المخيمات فغالبية الأطفال السوريين في المخيمات يرزحون تحت ظروف قاسية لا يمكن أن تقود إلى عملية تعليمية ناجعة، فجزء كبير من الأبنية المدرسية المشغولة بالأطفال بلا سقف مُحكم، بعضها بلا نوافذ أو أبواب، وعدد المقاعد الصالحة للاستخدام أقلّ من الحاجة، والصفوف مكتظة بالطلاب، وقد تكون على شكل خيمة تضمّ أعمارًا متباينة، وينتمون إلى صفوف متعددة، يقوم على تعليمهم معلّم وحيد. وقد يبلغ متوسط عددهم في الخيمة أو الغرفة خمسين طفلًا أو أكثر. أما الكتب التعليمية فهي غير كافية وبعضها غير صالح.

 وكثيرًا ما تكون الطرق المؤدية إلى المدرسة معفرة بالتراب والوحل، وفي أوقات العمليات الحربية تكون الطرقات غير آمنة وفي كل عام نخسر عددا من الطلاب في مناطق قريبة من الاشتباكات، ويؤدي ذلك إلى انقطاع الطلاب عن المدرسة.

لايزال المعلمون في سوريا يمارسون مهنة التعليم بالأساليب التقليدية التي تعلّموها، وذلك باعتماد أساليب التلقين والتحفيظ عوضاً عن مهارات التحليل وبناء المهارات

كل ذلك يوضح مدى انخفاض جودة التعليم، وتدهور كفايته الكمية والنوعية، والتي يتم التعبير عنها من خلال ارتفاع نسب الانقطاع أو التسرب من المدارس والرسوب.

كما اضطرت المدارس السورية لملء الشواغر بمدرسين غير مؤهلين يفتقرون إلى مؤهلات التدريس الرسمية. وتشكل تلك الفئة من المدرسين ربع إجمالي المدرسين تقريباً. علاوة على ذلك، يتعرض المدرسون في سوريا لإكراه نفسي كبير وذلك على خلفية القتال وحالة عدم الاستقرار خلال العقد الماضي. ولايزال المعلمون في سوريا يمارسون مهنة التعليم بالأساليب التقليدية التي تعلّموها، وذلك باعتماد أساليب التلقين والتحفيظ عوضاً عن مهارات التحليل وبناء المهارات. أو توفر وسائل إيضاح وشرح للطلاب في ظل هذا الوضع يضطر المعلمون لمراجعة خطط الدروس بشكل متكرر للتكيف مع طلابهم، الذين يواجهون باستمرار ظروفًا لا مثيل لها في العالم، ونحن نتحدث عن سوريا التي تخرج عادة أمهر المعلمين والخريجين.

هذا فضلاً عن التعليم الجامعي ومسألة الاعتراف بالشهادة لهذا الطالب فنحن أمام مصير مجهول يحتاج جهودا جبارة لإنقاذ هذا الواقع فالتعليم أساس نهوض الشعوب والأمم، وهذا الواقع البائس للتعليم يُحمّلنا مسؤولية جميعاً كمثقفين ولكل صاحب قرار وكل المؤسسات المحلية والدولية المعنية بالتعليم أن تسرع لإنقاذ هذا الجيل من شبح الجهل والانحراف والانجرار وراء الآفات، فهذا الجيل أمانة لدينا جميعاً.