خطر تحالفات الأسد على البلدان العربية

2022.04.29 | 05:16 دمشق

thumbs_b_c_1949f3745f2732bdb40ef800640f3e7a.jpg
+A
حجم الخط
-A

تثير تحركات بشار الأسد كثيراً من التساؤلات خصوصا أنها بين نقيضين "الحضن العربي والآخر الإيراني"، رغم أنه لم يمض أسبوع عقب زيارته دولة الإمارات، استقبل الأسد بعدها مباشرة وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، ومسؤولين إيرانيين آخرين.

وفي الزيارة الأولى كانت فكرة "إعادة النظام السوري إلى الحضن العربي" قد خيّمت على المشهد السوري، بينما تذهب زيارة عبد اللهيان إلى مسارات أخرى، حددها وزير خارجية الأسد، فيصل المقداد، بأنها "ستشمل التطورات في المنطقة والعالم". 

وكما قال المقداد "نؤكد وقوفنا إلى جانب إيران في تعاملها المبدع حول الملف النووي الإيراني؛ نحن في خندق واحد وإيران تدعم سوريا قيادة وحكومة وشعباً وأن العلاقات الإيرانية السورية تمر بأفضل الظروف.

إذاً فمن يهدد السلاح النووي الإيراني في المنطقة؟

أعتقد لدينا مشكلة في العالم العربي في فهم الاستراتيجيات الكبرى، وبغياب الرؤية الاستراتيجية للأمن القومي العربي، فنحن نتعامل بردّات الفعل واتخاذ مواقف أو قرارات لا تتسق مع الاستراتيجية بحال وجود استراتيجية واضحة.

فالتموضع العربي غير واضح الرؤية وغير متسق مع استراتيجية التعامل مع الموضوع الإيراني، في حين وضوح الاستراتيجية الإيرانية.

على سبيل المثال؛ النظام السوري لا يمكن فصله عن سياق التحالفات المتشابكة والمعقدة، فالنظام تحالفاته خطيرة على الواقع العربي، وفتح العلاقات معه هو استعداء للشعب السوري الذي يواجه المشروع الإيراني بشكل صادق من جانب، وجلب كتلة التحالفات الخطيرة للنظام إلى الحضن العربي، علماً أنّ السوريين صادقون وسبّاقون لمواجهة المشروع الإيراني، ولا سيما أن النظام لديه تاريخ من العلاقات الخطيرة مع إيران.

 فنحن ندفع ثمن غياب البناء الاستراتيجي في التعامل مع الصراعات والمراهنات السلبية للتحالفات في المنطقة

فأول زيارة بعد صعود الخميني كانت زيارة لمسؤول إيراني لدمشق ثم تبعتها زيارة لعبد الحليم خدام للخميني، فالعلاقة تشهد تحالفا استراتيجيا قديما منذ صعود الخميني وإلى اليوم، والنظام السوري تحالف مع إيران في الحرب العراقية الإيرانية، ثم اتفق بشأن بيع النفط الإيراني إلى سوريا بسعر تفضيلي، ثم مشروع تحديث المعدات العسكرية السورية، ثم أول زيارة لبشار الأسد بعد توريثه الحكم للقاء خامنئي وتلقيه وشاح الجمهورية الإسلامية، وانفتاح الأسواق السورية أمام البضائع الإيرانية، إلى السنوات الإحدى عشرة منذ اندلاع الاحتجاجات السورية إذ كانت إيران تساند الأسد بكل أنواع المساندة، عدا التدخل والعبث الإيراني بخمس دول عربية، فلا يصح فصل هذا التاريخ في الحاضر وعن الأخذ بالحسبان في استراتيجيات المواجهة.

وهذا يعني غياب الرؤية الاستراتيجية في التعامل مع نظام الأسد ومحاولة سحبه للحضن العربي هو سحبٌ لتلك التحالفات الخطيرة إلى الساحة العربية.

 فنحن ندفع ثمن غياب البناء الاستراتيجي في التعامل مع الصراعات والمراهنات السلبية للتحالفات في المنطقة.

واليوم نعيش ميدانياً حالة تدخل كبير بشكل مباشر أو غير مباشر في كل المفاصل الحساسة في الدولة السورية وفي كل المراكز الحيوية، عبر مجالات أمنية، وعسكرية، وسياسية، واقتصادية، وثقافية ودينية، وقوى ناعمة، تهدد هويّة المجتمع السوري عبر استراتيجية لدى المشروع الإيراني وربط سورية بالمشروع الإيراني على المستوى الإقليمي، والذي يهدف للتوسع والتهديد ونشر النفوذ وأن تتحول إيران إلى قوّة نووية قريباً وهذا مزيد من الخطر المحدق، وتتحول سورية إلى مكان تدريب وتطوير لصناعة الأسلحة حتى بات مركز البحوث العلمية السورية هو مركز إيراني على أرض سورية، بإشراف إيراني لتطوير الصواريخ والتجارب وتزويد الميليشيات الإيرانية في المنطقة عبر سورية فتهدد الأمن والاستقرار العربي، إذ كنّا وما زلنا نتطلع لدور عربي يضيّق على المشروع الإيراني وأهمّ ذراع وحليف لها اليوم هو نظام الأسد والذي ينبغي أن يكون خارج المعادلة العربية كلياً، ففي حالة تعزيز الدفاعات العربية لمواجهة المخاطر المحدقة ينبغي إخراج من هو جزءٌ من التحالفات المعقدة والخطيرة على الواقع العربي، أو سيكون خرقاً كبيراً في تعزيز الدفاعات وفي المواجهة فلا يخفى على أحد اليوم علاقة الأسد بالحوثي وحزب الله وسواها من الميليشيات الإيرانية المنتشرة في المنطقة وهي بمثابة ألغام تنتشر وتتوسع في المنطقة العربية وتهددها، وليست الاعتداءات على الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة عنّا ببعيد، فعملياً الحوثي هو جزء من المنظومة التي نسجتها إيران في المنطقة العربية وبشار الأسد أحد أهم المرابط في هذه المنظومة.

ففي الاستراتيجية العربية والأمن القومي العربي، يُعدّ الأسد أكبر وأخطر تهديد فتح قدرات ومقدرات سوريا للإيراني ليحقق استراتيجيته في المنطقة.