اعتبر الخبير في الشؤون العربية، الأكاديمي الروسي فلاديمير أحمدوف، أن زيارة الوفد العسكري السوري إلى موسكو برئاسة رئيس هيئة الأركان العامة علي النعسان تمثل “نقطة تحول مفصلية” في مسار العلاقات بين البلدين، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي في مرحلة سياسية جديدة تشهدها سوريا بعد تغيّر السلطة فيها.
زيارة غير تقليدية في توقيت حساس
الزيارة، وهي الأولى من نوعها لوفد عسكري سوري منذ سنوات، تأتي في ظل تبدلات إقليمية ودولية معقدة، وضمن سلسلة من اللقاءات والاتصالات رفيعة المستوى بين موسكو ودمشق. ويقول أحمدوف لموقع تلفزيون سوريا إن هذه الخطوة “تعكس رغبة مشتركة في إعادة تعريف العلاقة العسكرية بين البلدين على أسس جديدة تراعي مصلحة الشعب السوري بالدرجة الأولى”.
تزامن هذه الزيارة مع تحركات دبلوماسية سورية في الأمم المتحدة ونجاح لقاءات الشرع مع قادة من أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، بحسب أحمدوف، “يوضح أن موسكو لا تزال تمثل محوراً أساسياً في رؤية دمشق السياسية الجديدة”.
إعادة صياغة الوجود الروسي والاتفاقات العسكرية
أشار الخبير الروسي إلى أن المباحثات الجارية في موسكو تشمل إعادة النظر في الاتفاقيات الفنية والعسكرية السابقة، بما في ذلك شروط بقاء القوات الروسية في قاعدتي حميميم وطرطوس، موضحاً أن “الطرفين يسعيان إلى تأسيس مرحلة جديدة من التعاون تقوم على مبدأ الشفافية وتغليب المصالح الوطنية السورية”.
وأضاف أن السياسة الروسية تجاه سوريا منذ عام 1944 اتسمت بـ”الاستمرارية رغم تغيّر الأنظمة في البلدين”، مؤكداً أن التعاون الحالي “لا يقوم على حماية أشخاص، بل على حماية مؤسسات الدولة السورية واستقرارها”.
الجيش الجديد.. مشروع روسي لإعادة التوازن
يرى أحمدوف أن أحد الملفات الحساسة المطروحة هو إعادة هيكلة الجيش السوري ليصبح “معبّراً عن مصالح الشعب لا عن السلطة”، مبيناً أن موسكو تضغط باتجاه تأسيس قوات سورية جديدة بعيداً عن الطائفية، مستشهداً بتجربة الفيلقين الرابع والخامس ومحاولات روسيا السابقة لإعادة المنشقين إلى صفوف الجيش.
ويقول إن إعادة ضباط اللواء الثامن بقيادة أحمد العودة كانت فرصة مهدورة بسبب اعتراضات النظام السابق، مشيراً إلى أن روسيا “تملك خبرة كافية اليوم لتقديم دعم فعلي لبناء مؤسسة عسكرية وطنية متوازنة”.
ملفات أمنية ساخنة.. من الجولان إلى شمالي سوريا
وأكد أحمدوف أن المباحثات لا تقتصر على الجانب العسكري، بل تشمل أيضاً الترتيبات الأمنية في الجولان والقنيطرة بمشاركة الجنود الروس، إضافة إلى شمال شرقي سوريا حيث تتقاطع المصالح بين موسكو وأنقرة والكُرد.
ويشير إلى أن روسيا تسعى للعب دور الوسيط لتخفيف الضغط على الحكومة السورية في ملف التفاوض مع الأكراد، مع الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع تركيا.
واختتم أحمدوف بالإشارة إلى أن روسيا تسعى لإعادة تفعيل علاقاتها التاريخية مع المكون الدرزي في سوريا ولبنان، معتبراً أن “هذه الورقة التي استغلتها الولايات المتحدة وإسرائيل في السنوات الأخيرة يمكن أن تعود لتكون أداة لتقريب المكونات السورية من الحكومة المركزية”.