icon
التغطية الحية

خبراء اقتصاديون: قرار المركزي السوري بتعويم الليرة سيرفع أسعار السلع

2023.02.02 | 18:08 دمشق

أسواق
أحد أسواق دمشق (imago images)
دمشق - خاص
+A
حجم الخط
-A

تراوحت آراء خبراء اقتصاديين في مناطق سيطرة النظام السوري، حول قرار مصرف سوريا المركزي بتعويم الليرة السورية، بين الخشية من أن يسهم في رفع أسعار السلع، وبين مخاوف من حدوث تضخم اقتصادي كبير.

مصرف سوريا المركزي أصدر اليوم الخميس، قراراً باعتماد نشرة أسعار صرف جديدة لليرة السورية أمام الدولار الأميركي للحوالات الخارجية، حيث بات سعر صرف الدولار في المصرف المركزي وللمرة الأولى منذ عام 2011 مساوياً لسعر صرفه في السوق السوداء.

وبحسب القرار، رفع المصرف المركزي سعر شراء الدولار لتسليم الحوالات الشخصية الواردة من الخارج بالليرات السورية إلى 6650 بدلاً من 4500 ليرة، في حين أبقى على سعر صرف الليرة مقابل الدولار للمصارف العاملة وشركات ومكاتب الصرافة عند 4522 ليرة، وهو السعر الذي حدّده الإثنين (02 من كانون الثاني 2023)، كما أبقى على سعر البدلات العسكرية عند 4500 ليرة.

مدير العمليات المصرفية في مصرف سوريا المركزي فؤاد علي اعتبر في تصريحه لإذاعة (ميلودي إف إم) المقربة من النظام أن القرار "يهدف للحد من السوق السوداء والتوجه نحو الأقنية النظامية، وبالتالي سيزيد المعروض من القطع الأجنبي ويخفض من سعر سوق التداول ولن يكون له أي أثر على ارتفاع الأسعار، بل على العكس سيزيد من القدرة الشرائية ويخفض الأسعار".

"خطوات باتجاه تعويم الليرة وتمهيد للدولرة"

وأثارت قرارات مصرف سوريا المركزي الأخيرة، وخاصة التي أصدر فيها نشرة خاصة للصرافة والحوالات حدد فيها سعر صرف الدولار قريباً من سعر السوق السوداء عند 6650 ليرة، الشك والترقب في الشارع السوري حول ما ستؤول إليه الأوضاع النقدية خاصة أن سعر الليرة في السوق السوداء ما يزال ينهار.

وقبل فترة مهّد المركزي للقرارات التي يصدرها ببيان جاءت فيه عبارة "لضمان استقرار أسعار الصرف وواقعيتها"، باعتراف لأول مرة بشكل غير مباشر أن سعر الصرف غير واقعي حتى ذلك الموجود في السوق السوداء، الذي يتم التحكم فيه بالقبضة الأمنية وحبس السيولة التي أثرت على نمو الاقتصاد والإنتاج، في وقت يتم تسعير فيه السلع بسعر صرف يفوق 8000 ليرة.

وفي النشرة الجديدة التي أصدرها المركزي اليوم، أعلن المركزي صراحةً أنه سيلحق العرض والطلب في السوق الموازية حيث جاء في بيانه عبارة " وفق سعر صرف مقارب لسعر التداول (السعر المحدد وفق العرض والطلب بسوق القطع غير الرسمي)"، وهذا ما اعتبره الخبير الاقتصادي زاهر أبو فاضل أقرب خطوات تعويم الليرة ومن آخر القرارات التي تمهد للدولرة.

"زيادة الأسعار ورفع الضرائب"

وحول التفاؤل من قرارا المركزي، دعا أبو فاضل في حديثه لموقع تلفزيون سوريا، إلى عدم التفاؤل إلى الحد الذي يعتقده بعض الناس، بأن أحوالهم ستتحن والاقتصاد سيزدهر، "لأن ما يقابل تحديد سعر الصرافة والحوالات بالسعر القريب من السعر في السوداء يتطلب حجما كبيرا من الليرة السورية للشراء والتصريف يومياً وخاصة إن تحولت نسبة كبيرة من الحوالات للقنوات الرسمية، ما يعني أن الحكومة ستضطر لطباعة عملة جديدة لتغطية ذلك".

وقال فاضل إن "طباعة كمية نقدية جديدة سواء بورقة جديدة من فئة 10 آلاف أو من الفئات القديمة سيزيد من التضخم جداً، وهذا يترافق أيضاً مع تحرير الأسعار في الأسواق بقرار من وزارة التجارة الداخلية مسبقاً، وبهذه الحالة تكون حكومة النظام قد تحررت من قيود وهاجس رمزية الليرة لتريح خزينتها، وفي المقابل ستلجأ لزيادة كل الأسعار والخدمات الحكومية تباعاً وترفع من الضرائب والرسوم".

وأشار إلى أن "مطالب رفع الرواتب إلى حدود المليون ليرة أو أكثر، تزيد أيضاً من المعروض النقدي، وتزيد من التضخم، وبالتالي سيكون فقراء سوريا بوضع مزرٍ وبحاجة لكثير من الدعم الاجتماعي والمساعدات، ريثما يعود الإنتاج وتنتعش الصادرات بفعل القرارات الأخيرة إن نجحت".

القرار لن يسهم بانخفاض الأسعار

رئيس اتحاد "غرف الصناعة" غزوان المصري، اعتبر في تصريحه لصحيفة (تشرين) التابعة للنظام، أن "القرار لن يؤثر على خفض تكاليف الإنتاج ولن يسهم بانخفاض أسعار السلع أو ارتفاعها لأن الصناعي لا يحصل أصلا على القطع الأجنبي من المصرف المركزي وإنما من شركات الصرافة الخاصة".

بدوره، أعرب مدير غرفة تجارة وصناعة اللاذقية سامر صوفي عن خشيته من أن "يسهم القرار برفع سعر الصرف في السوق السوداء كرد على إجراءات المركزي، ما يعني أنه في حال عدم التشدد بضبط الأسعار، فإن الأسعار سترتفع، لأن الصناعي يحصل على القطع بسعر السوق السوداء لا بسعر المركزي".

هل ترتفع أسعار الصرف في السوق السوداء؟

وقالت الباحثة الاقتصادية والوزيرة السابقة لمياء عاصي إن "قرار المركزي يعبر عن تحول كبير في سياسة المصرف تجاه الحوالات الخارجية التي بقيت لسنوات طويلة، يوضع لها سعر يساوي السعر الرسمي، ولم يكن مفهوما لماذا يضحي المركزي بعائدات كثيرة من العملات الأجنبية ويعطيها لمكاتب الصرافة أو للسوق السوداء".

وأضافت "عادة في خطوات من هذا النوع لن نلمس آثار تلك القرارات فوراً، بل تحتاج السوق إلى فترة لتتوازن أكثر، وقد نبدأ بتلمس آثار أو انعكاسات ذلك بعد مدة تصل إلى أشهر قليلة، هذا إذا لم يحصل ارتداد كبير وارتفاع في أسعار الصرف من السوق السوداء كنوع من الدفاع عن مصالحها، لذلك سيتطلب الموضوع من المركزي الثبات على سياسته الجديدة برغم الارتدادات، وتعديل تسعيرته لتبقى متوائمة مع التغيرات في سعر الصرف.

القرار اعتراف علني بالسوق السوداء

ويرى الخبير في الشؤون المصرفية عامر شهدا أن "قرار المصرف المركزي برفع سعر صرف الدولار إلى 6650 ليرة هو اعتراف علني بأسعار صرف السوق الموازية (السوداء)، ولكن على الجانب الآخر اعتبره شهدا قراراً جيداً، ويمكن أن يدفع باتجاه تحقيق موارد جيدة بالقطع الأجنبي، وتالياً الخروج من موضوع المنصة التي تسببت برفع الأسعار بنسبة 25 بالمئة".

وبحسب شهدا، "نحن نعلم اليوم بأن حوالات الأفراد تشكل 62 بالمئة من مجموع الحوالات الواردة إلى سوريا، وهذا يشكل كتلة نقدية كبيرة تؤثر على مسألة التمويل، وكذلك على سعر الصرف".

مخاوف من حدوث تضخم كبير

من جهته، نقل موقع "شام تايمز" المقرب من النظام عن المحلل الاقتصادي سنان ديب أن "بهذا القرار أصبحت مراكز الصيرفة تصرف على سعر قريب من سعر السوق الموازية (السوداء)". مشيراً إلى أن "القرار له إيجابيات وسلبيات، وهناك مخاوف من أن يؤدي القرار إلى تضخم كبير، وسينعكس هذا السعر الذي أقره المركزي على مجمل عمليات الاقتصاد السوري".

وأوضح ديب أن "الفائدة المرجوة من القرار لن تكون بالحجم المأمول، ولكنها خطوة جيدة لأنها تتيح التعامل مع الدولار بحرية". مشدداً على "ضرورة وجود متابعة ومرونة بالإصلاح للقرار بهدف الحصول على النتائج الإيجابية المرجوة، ومن أهمها أن تحصل الدولة على مكاسب كجلب رصيد من العملة الصعبة، لتجنب الدخول بالانعكاسات السلبية للقرار متمثلةً بزيادة معدل التضخم في سوريا".