icon
التغطية الحية

خان الدروبي مهدد: النظام السوري يواصل تغيير معالم حمص التاريخية

2020.12.28 | 05:14 دمشق

hms.jpg
خان الدروبي في حمص
إسطنبول | فؤاد عزام
+A
حجم الخط
-A

بعد تدميره الأحياء القديمة التي شهدت مظاهرات في حمص مع بدايات الثورة، يواصل نظام الأسد إزالة أو تغيير الطابع العمراني للأبنية الأثرية في المناطق التي ارتبطت بالمظاهرات، ولا سيما تلك المتاخمة لساحة الساعة الجديدة التي شهدت أضخم اعتصام في نيسان من العام 2012 ومن بينها دار الباشا عبد الحميد الدروبي الأثرية والتي تعرف بخان الدروبي.

مصدر في المديرية العامة للآثار والمتاحف كشف لموقع تلفزيون سوريا أن دائرة الآثار في حمص تبلغت بكتاب رسمي من إدارة قضايا الدولة بإزالة صفة "الأثري" عن المبنى التاريخي خان الدروبي والذي يشغل العقار رقم 981 منطقة أولى في حمص، ومسجل بصفة بناء أثري بموجب القرار رقم 306 ما يعني بحسب المصدر بأن العقار سيهدم ويتبع البناء البرجي المجاور، ليضاف إلى عدد من الأبنية الأثرية التي شهدت حالة مماثلة خلال السنوات الماضية.

131075752_761225281410709_5190781974897996188_n.jpg

 

تغيير صفة البناء التاريخي تتم بصفقات مشبوهة

وأوضح المصدر أن دار الدروبي كغيرها من الأبنية الأثرية التي يتم السيطرة عليها أو شراؤها من قبل أثرياء الحرب المرتبطين بالنظام، بطرق مختلفة وبأبخس الأثمان على اعتبار أنها مسجلة تحت صفة أثري أي غير قابلة للتصرف أو تغيير أي معالمها، ولكن ما يحدث أنه يتم الالتفاف على ذلك من خلال رفع دعوى روتينية من متنفذين ومرتبطين في النظام لإزالة الصفة الأثرية عن المبنى ويصدر حكم مبرم بذلك من مجلس قضايا الدولة وهذا حدث بالنسبة لأكثر من مبنى أثري في حمص خلال السنوات الماضية.

ويقول الكاتب والصحفي المختص بالآثار عمر البنية لموقع تلفزيون سوريا إن تغيير صفة العقار الأثري درجت أن تكون في إطار صفقة تتم بين مستثمر العقار وإدارة قضايا الدولة يكون فيها مجلس الآثار شريكا ولا سيما أنه الجهة المخولة بإعطاء العقار صفة الأثري.

اقرأ أيضا: روسيا تنقّب وتنقل آثاراً من مواقع أثرية في تدمر 

وأوضح عمر البنية أن مجلس الآثار في سوريا مكون من مدير الآثار والمديرين المركزيين فى مديرية الآثار وخبراء ومهنيين إضافة إلى وزير الثقافة التي تشغله حاليا لبانة مشوح والتي تشغل أيضا منصب مستشار ثقافي في الأمانه السورية التنمية التابعة لأسماء الأسد التي استحوذت من المديرية العامة للآثار على الأبنية القديمة في محطة الحجاز والتكية السليمانية بدمشق.  

وقال البنية إن التنازل عن الأبنية الأثرية في سوريا بات سياسة معلنة تمارسها مديرية الآثار بقوة المتنفذين وفي إطار استثمارات مشبوهة، منتقداً صمت منظمة اليونيسكو عن هذه التجاوزات واستمرارها في استقبال وفود مديرية آثار النظام.  

خان الدروبي.jpg

 

دار الدروبي آخر ما تبقى من قصور العائلة

وحول أهمية خان الدروبي الأثري يوضح الناشط السياسي زكي دروبي لموقع تلفزيون سوريا أنه قصر كبير شغلته الجمعية التاريخية، وفوج الكشافة منذ زمن بعيد، وهو آخر ما تبقى من عدة قصور للعائلة في تلك المنطقة ومن أهمها كان قصر الباشا عبد الحميد الدروبي الذي هدم في الثمانينيات وبني على أنقاضه مجمع بلازا التجاري المطل على ساحة الساعة الجديدة مقابل السرايا، إضافة إلى قصر جد والده عبد الخالق الدروبي وهو الشقيق الأكبر للباشا عبد الحميد، وهدم أيضا وشيد مكانه بناء لا يزال على الهيكل.

اقرأ أيضا: آثار سوريا بين الإهمال والقصف والعبث

وأضاف زكي الدروبي أن معظم الأبنية في عدد من أحياء حمص كالقراييص وجورة الشياح والقصور وبابا عمرو سويت بالأرض بسبب قصف النظام، وبعض الأبنية التي لم يطلْها التدمير لا تصلح للسكن مشيرا إلى أن النظام استعاض مؤخرا عن ساعة حمص القديمة بمجسم للجندي المجهول ووضع الرخام على مقام خالد بن الوليد، وغير معالمه الأساسية التي تعد من أبرز الآثار الإسلامية، وتضم أثريات أهداها القائد الإسلامي بيبرس إلى أهالي مدينة حمص.

وبنيت قصور آل الدروبي وخاناتها خلال فترة تولي عبد الحميد الدروبي منصب باشا حمص في العام 1870 بإشراف المهندس محمد أنيس بن الحاج حسن آغا الذي قدم المدينة عام 1869 بأمر من السلطان العثماني آنذاك عبد العزيز وفي عام 1870 تم تكليفه من السلطان عبد الحميد بالتوسع خارج أسوار المدينة القديمة ومن أشهر الأبنية التي صممها دار الحكومة السرايا سنة 1886 والتي كانت قائمة في شارع القوتلي وتم هدمها في خمسينيات القرن الماضي كذلك قصر عبد الحميد الدروبي وخان الدروبي بحيث تعد جميعها نموذجاً معمارياً متكاملاً وفريداً أدخل إليها طراز قائم على قواعد فنية وهندسية لم تكن تعرفها حمص من قبل بحسب ما جاء في كتاب " أسر حمص وأماكن العبادة " لمؤرخ المدينة نعيم الزهراوي.

وتختلط في عمارة وزخارف تلك القصور عناصر فنية معمارية معروفة في بناء القصور الأوروبية الكلاسيكية وأدخلت العناصر الزخرفية (الروكوكو) إلى أسقف قاعاتها وجدرانها مع عناصر معمارية فنية شرقية، وقد استقبل قصر الباشا عبد الحميد الدروبي، شخصيات عربية مثل الملك فيصل، والأمير محمد علي باشا المصري سنة 1910 بحسب ما ذكر محمد فيصل شيخاني في كتابه "حمص عبر التاريخ ".

6225ddbec253d98d05ca8bcfb618dfff.gif

 

إهمال المباني الأثرية المتعمد أحد طرق إزالتها

ودرجت العادة بالنسبة لإزالة الأثرية عن الأبنية أن يتم تركها مدة من الزمن دون صيانة لتتحول بعدها إلى خرابة فيصبح أمر إزالتها أمر أقرب للواقع بذريعة كلفة إعادة تأهيلها الباهضة والحاجة إلى خبراء وإمكانيات، أو تزال بحجة تعرضها للدمار خلال الحرب، إلا أن الأمر بالنسبة لدار الدروبي مختلف فهي ما تزال قائمة كقصر مأهول، ولم تسجل من بين العقارات المتضررة بحسب ما نقلت وسائل إعلام تابعة للنظام عن رئيس مجلس مدينة حمص عبد الله البواب وكما يظهر في أحدث صور للمبنى وصلت موقع تلفزيون سوريا.

اقرأ أيضا: للمرة الثانية عمليات تنقيب عن الآثار بإشراف روسي

ويؤدي الإهمال المتعمد من قبل النظام وترك المواقع الأثرية دون حماية، إضافة إلى الظروف الجوية من أمطار وثلوج إلى انهيار أجزاء منها كما في مبنى سيباط الزاوية وقصر محيش والحمام الصغير وخان الجمل وقبة شلب الشام (بيت الكردي) وعقارات في كتلة بيت الناصر وغيرها.  

نظام الأسد يتعمد إزالة المباني الأثرية واستثمارها تجاريا

ولم يكن نظام الأسد الأب كما الابن في يوم من الأيام معنياً بالحفاظ على المعالم التاريخية أو الآثار. فمنذ ثمانينيات القرن الماضي، هدم العشرات من الأبنية الأثرية ليس في حمص فقط بل في مختلف المحافظات والعاصمة أيضاً بحيث أزال حياً برمته هو سوق ساروجة، وقبلها هدم أحياء وبيوتاً أثرية وأقام أبراجاً بدلاً عنها بتقاسم الأرباح بينه وبين رجال أعمال استحوذوا على تلك العقارات.

وإضافة إلى ذلك فإن نظام الأسد استهدف مدينة حمص بالقصف الجوي أكثر من أية مدينة أخرى ودمر العديد من المباني التاريخية الإسلامية والمسيحية، ومن بينها الكثير من الكنائس والأديرة النشطة ومن بينها كنيسة أم الزينار التي تفتخر بأنها تضم بقايا من حزام العذراء.

اقرأ أيضا: آثار سوريا.. تحذيرات من تصدعات في قلعة جعبر

وفي مارس / آذار العام 2014 قصف الطيران النظام قلعة الحصن التي يعود تاريخها إلى القرن الثاني عشر الميلادي وتتمتع بموقع استراتيجي مهم، إذ تشرف على الممر الوحيد الذي يربط الداخل السوري بساحل البحر المتوسط كما تشرف على المدخل المؤدي إلى سهل البقاع اللبناني.