حوران تنال من هيبة النظام

2019.03.12 | 23:03 دمشق

+A
حجم الخط
-A

اعتقد النظام لوهلة أنه استطاع ترويض نفوس المنتفضين عليه، وظن مؤيده أنهم انتصروا على روح الثورة في نفوس السوريين بعد سنوات من الدم والقهر، وأن من خرجوا قبل سنوات ثمان قد رفعوا رايتهم البيضاء، وصار من الممكن إعادة هيبة النظام إلى بيوت هجرها الخوف.

بالأمس أعاد النظام تمثال حافظ الأسد إلى درعا المحطة ليس إيماناً بهذا الرمز فحسب لكن لإعادة تذكير أهل المدينة - التي أعلنت العصيان الأول- أن شيئاً لم يتغير، وأن أيام الطغيان لا تزول بالتظاهرات والثورات، وأن يتقبلوا بالهتافات والزغاريد عودة التمثال الذي هدموه بأيديهم إلى ساحة المدينة كعنوان أبدي للسلطة القهرية.

سبقت عودة التمثال اعتقالات كبيرة لقادة الفصائل التي قبلت بالاتفاق مع النظام بعقد روسي، وعمليات اغتيال لرموز المصالحة في محاولة واضحة من النظام لتهيئة الأجواء لقبول ما سيحصل بعدها، وإدخال اليأس في نفوس الناس في أن نهاية ما أرادوه قد دنت، وما عليهم سوى استقبال التمثال كما كانت أيامه الخوالي حيث تعقد له الرايات، وتنحر حوله الذبائح، وتعقد له الدبكات.

كل شيء تم كما خططت له الأجهزة الأمنية التي سيطرت على كافة أنحاء المحافظة، ومعها

كثر هم من شككوا بقيامة درعا، ومنهم من ردد عبارات التخوين والاستسلام، والبعض ذهب إلى أن خديعة حوران انطلت على السوريين في إقحامهم بالدم ومن ثم الانسحاب منه نحو مصالحة مع النظام

جموع المؤيدين والرماديين، وبعض الأصوات المعارضة في الخارج التي دعت إلى ما يسمى عودة الحياة الطبيعية إلى المدينة، وضرورة الالتزام بالتعهدات التي بذلت للروسي قبل النظام، وهذا لسان حال خالد المحاميد وهيثم مناع، وبعض العساكر ممن كانوا يرفعون السلاح من أجل تورية ارتزاقهم.

كثر هم من شككوا بقيامة درعا، ومنهم من ردد عبارات التخوين والاستسلام، والبعض ذهب إلى أن خديعة حوران انطلت على السوريين في إقحامهم بالدم ومن ثم الانسحاب منه نحو مصالحة مع النظام، وأصوات من هنا وهناك نعت ثورة حوران إلى الأبد، وأنها عادت إلى حاضنة البعث بهدوء الضحية المستسلمة.

اليوم أعادت حوران سيرتها الأولى..درعا وريفها تنتفضان في وجه التمثال الرمز لعودة ما مضى إلى ما كان عليه، ومن كل القرى وأحياء المدينة خرج الناس في غير موعد مظاهراتهم الأولى فلم يكن اليوم يوم جمعة، ولم يجتمعوا لصلاة، ولكنهم خرجوا لأن صفعة لكل دماء الضحايا ستجثم في وسط المدينة التي ما زال صدى هتافات الرحيل يجدد عهدها الأول.

ولأنه آذار أيضاً.. موسم خروج السمندل الفينيقي من نومه الشتوي، ولأنها تباشير الربيع التي تعود بذاكرة العشب الذي سقته دماء (الحوارنة) كان لا بد من أن يحصل اليوم أمر يعيد الهتاف إلى عهده، والصيحات التي كانت ذات يوم صيحة سورية واحدة عن الموت الذي يسبق المذلة.

قد لا تكون هبة عارمة كما يتمناها كل سوري، وقد يصمد التمثال أياماً..لكنها لن تكون صيحة عابرة كما يقدرها المتشائمون، ومزاجاً عابراً لمعترض على ندرة الغاز والكهرباء وغلاء الأسعار..اليوم حوران تنال من هيبة النظام.