حملة اليوتيوبرز السوريين.. هل النتائج هي المهمة؟

2021.02.24 | 00:01 دمشق

1613578710uevw7.jpg
+A
حجم الخط
-A

الحملة التي قام بها اليوتيوبر الكويتي حسن سليمان "أبو فلة" وتبرع قبل أسابيع ببناء 12 منزلاً لاثنتي عشرة عائلة تسكن في الخيام، كانت ملهمة لصانعي المحتوى السوريين، فهرع العديد منهم ليقوم بحملات مشابهة لتقديم المساعدات للنازحين في المخيمات في الشمال السوري، بل إن منظمة الأمم المتحدة للاجئين هي التي رعت الحملة التي قام بها أنس مروة "أبقونا دافئين حتى تبقوا اللاجئين دافئين"، بمناسبة عيد ميلاد ابنته، واستطاع فيها جمع ما يقارب المئتي ألف دولار، فيما قام غيره من صانعي المحتوى بنشاطات مشابهة أيضاً.

صحيح أنهم لم يجمعوا بحجم هذا الرقم، ولكنهم من دون شك مجتمعين يستطيعون أن يقدموا ولو شيئاً بسيطاً لساكني الخيام، فـ" البحصة تسند جرة" كما يقول المثل العامي، وقد يُقال كثير بحق ابن نائب رئيس الائتلاف السابق، وطريقة عرضه للمبادرة التي جاء اسم السوريين فيها على خجل، رغم أنهم هم المعنيون بالدرجة الأولى، ولكننا في هذا المقال سننظر إلى الجانب الإيجابي من هذه النشاطات.

 صحيح أن مبادرة أبو فلة الكويتي- مشكوراً- كانت ملهمة لأبناء الوجع والقضية السوريين كي يتذكروا محنة أبناء بلدهم، وهو موضوع فيه طعم المرار والخذلان، ولكن أن تأتي متأخراً خير من ألا تأتي، كما يُقال، وما يهم الأهالي في المخيمات هو أن تصلهم المساعدات من أغذية وأدوية وألبسة ووقود تدفئة وقرطاسية، بمعزل عن هوية المساعِد ونيته.

الحملات المضادة لهذه الفعاليات ستعود بآثار سلبية على المحتاجين في الخيام، فقد يُحرم عددٌ من المخيمات من وقود التدفئة أو عدد من المدارس من القرطاسية

بالمقابل شكك كثيرون عبر وسائل التواصل الاجتماعي بنوايا صانعي المحتوى الذين هرعوا إلى المخيمات السورية، وبدؤوا يلتقطون الصور عندها في حملاتهم لجمع المساعدات، ولكن لا يعلم النوايا إلا الله، ورفض هكذا حملات هو ترف لا نقوى عليه نحن السوريين المستضعفين، أقلها في الوقت الحاضر، فنحن بحاجة لكل يد تمتد إلينا كي نتشبث بها، ونجعل منها طوق نجاة خلال معركة الحفاظ على الروح، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة والبرد القارس، وخذلان من القريب والبعيد، فالمهم من وجهة نظري هو النتائج بغض النظر عن الأسباب والدوافع.

وقد يكون الرفض لدى البعض لحملات اليوتيوبرز ناشئاً عن إحساسهم بالخذلان من صانعي المحتوى، الذين أصبح وضعهم من واردات الإعلانات أكثر من جيد، دون أن يتذكروا أبناء بلدهم، إلى أن جاء أبو فلة الكويتي وذكرهم و"ألهمهم".

ولكن الحملات المضادة لهذه الفعاليات ستعود بآثار سلبية على المحتاجين في الخيام، فقد يُحرم عددٌ من المخيمات من وقود التدفئة أو عدد من المدارس من القرطاسية.. واجبنا هو أن نشكر صانعي المحتوى هؤلاء على مجهودهم، وإن أتى متأخراً، وأن نشد على أياديهم ونقول لهم لا تتوقفوا عن حملات جمع المساعدات لأبناء بلدكم، واجعلوا حملات العام المقبل في بداية الخريف كي تصل المساعدات إلى مستحقيها في بداية فصل الشتاء القاسي على المخيمات.

البعض قال إن هدف "اليوتيوبرز" هو زيادة مشاهداتهم وليس مساعدة أهاليهم. ومناقشة هذا الموضوع برأيي تندرج ضمن الترف الفكري كذلك، فالمهم هو تحصيل المساعدات وإيصالها للمخيمات، وما الضير إذا كان صانع محتوى يسعى لزيادة مشاهداته إذا كانت تحقق، بشكل أو بآخر فائدة للسوريين المحتاجين، بمعزل عن تقييمنا لهذا المحتوى ومستواه. ثم إنه من الطبيعي أن يسعى هؤلاء لزيادة متابعيهم، لأن فيها زيادة لأرباحهم، عبر بث شركات التواصل الاجتماعي للإعلانات المدرجة ضمن هذه الفيديوهات. فهل يعقل أن يقول قائل لمن عمله الغناء لماذا تغني!

نتيجة قصف الروس والنظام والميليشيات المؤيدة لهم واحتلالهم للمدن والبلدات، في شمال سوريا اليوم هناك أكثر من مليوني نازح ضمن المخيمات، فضلوا العيش في خيام لا تقي حر الصيف ولا برد الشتاء على أن يعودا إلى مربع العبودية الأول في سوريا الأسد. النازحون المليونان يقيمون فيما يقارب الـ 1600 مخيم، نحو أربعمئة مخيم منها غير معترف بها كمخيمات، وبالتالي فإن منظمات الإغاثة لا تصل إليها، ولا تعترف بها الهيئات التي تقدم المساعدات، وهنا يجب أن يعول على المبادرات الفردية والمساعدات الأهلية، لاسيما وأن مليونَي نازح يحتاجون إلى جهود دول كبرى كي تقوم بإمدادهم حتى يستطيعوا العيش كما ينبغي، تحت ظروف اقتصادية صعبة في الشمال السوري، الذي حُشر فيه ما يقارب الثلاثة ملايين ونصف من السوريين الرافضين لحكم الأسد، وأيضاً في ظل الوباء العالمي كورونا، الذي شل حتى اقتصاديات الدول العظمى، يكون للمبادرات الأهلية كلمة مهمة، ومنها الحملات التي يقوم بها الـ فلوغرز ، فما لا يُدرك كله لا يُترك جله.