
أطلق منبر منظمات المجتمع المدني اليوم الثلاثاء، مشروع "حماية" لرفع مستوى الوعي القانوني لدى اللاجئين وخلق آلية تواصل فعالة لحل مشكلات السوريين وتوثيقها بشكل مهني وقانوني.
وحضر إطلاق المشروع عدد من ممثلي ورؤساء منظمات المجتمع المدني السوري الفاعلة في تركيا والشمال السوري، إضافة إلى بعض الناشطين والحقوقيين والإعلاميين الفاعلين في الملف السوري بتركيا.
وتأسس منبر المنظمات، عام 2021، بعد اندماجٍ بين منظمات المجتمع المدني ومنبر الجمعيات السورية، ويضم المنبر 30 من أفضل منظمات المجتمع المدني السوريّة المرخصة في تركيا بشكل قانوني والفاعلة في الشمال السوري ومختلف المدن التركية.
أهمية المشروع
خالد العيسى - رئيس مجلس الإدارة في منبر منظمات المجتمع المدني - قال في كلمته الافتتاحية: "نحن بحاجة لمثل هذا المشروع فهو من أجل ضمان العدالة وتطبيق القوانين بشكل صحيح وضمان عدم حصول أي انتهاكات".
وأكد العيسى أن "حماية" ليس له أي تمويل لأن الداعمين غير مدركين لأهمية مشروع كهذا، وقال: "نجد سهولة في إيجاد الدعم لوجبات إفطار أو سلة غذائية... المشروع جاهز منذ سنة ونصف مع محاولات غير ناجحة للحصول على تمويل له، فقررنا إطلاقه بإمكانياتنا الحالية".
من جانبه، قال محمد أكتع - المدير العام لمنبر منظمات المجتمع المدني - لـ موقع تلفزيون سوريا: "نسعى في مشروع حماية لإعداد التقارير عبر توثيق الحالات التي تصلنا بشكل مهني وتوظيفها لتكون أداة ضغط ودفع لتحسين البيئة القانونية لحل المشكلة من أصلها في تعديل بعض القوانين التي تخص آلاف السوريين، عوضاً عن حل المشكلات الفردية فقط".
وأضاف أنس بيانوني - مدير مشروع "حماية" - لـ موقع تلفزيون سوريا أنّ فكرة المشروع جاءت نتيجة الحاجة الملحة عند السوريين اللاجئين في تركيا، حيث تعد مشكلاتهم القانونية إحدى أكبر العوائق أمام "اندماجهم وتمكينهم مجتمعياً مع البلد المضيف".
وتابع: "الحملة الأمنية الأخيرة التي أطلقتها الحكومة التركية والمتزامنة مع تصاعد الخطاب العنصري بحق السوريين خلال وبعد الانتخابات جعلت من الضروري ظهور عمل مؤسسي منظّم يواجه ذلك".
مسارات العمل لـ مشروع "حماية"
يعمل مشروع "حماية" الهادف إلى حل المشكلات القانونية التي تواجه السوريين في تركيا، وفق ثلاثة مسارات رئيسية، أشار إليها مدير المشروع أنس بيانوني (التوعية القانونية، إدارة الحالات والتعامل معها، إعداد التقارير والدفع لتحسين البيئة القانونية).
- مسار التوعية القانونية، يهدف إلى تعريف اللاجئين السوريين بحقوقهم وواجباتهم في تركيا، إضافةً إلى توعيتهم بالطرق القانونية لحل المشكلات التي يتعرّضون لها، وذلك عبر مواقع التواصل الاجتماعي والندوات.
- مسار إدارة الحالات والتعامل معها، عبر إنشاء آلية تواصل فعّالة لاستقبال مشكلات اللاجئين والعمل على حلّها عبر تقديم الاستشارات القانونية اللازمة أو تحقيق الوساطة من خلال التواصل مع الجهات الرسمية التركية المعنية أو التوجه إلى القضاء، وتتم متابعة الحالات وتقييم الحل المناسب لها بالرجوع إلى مختصين قانونيين متخصّصين بقوانين الأجانب واللاجئين.
- مسار إعداد التقارير والدفع لتحسين البيئة القانونية: توثيق الحالات -التي تم حلّها- في تقارير حقوقية، وذلك للاستفادة منها في التواصل مع الجهات التركية المسؤولة، والدفع إلى تحسين البيئة القانونية للاجئين السوريين في تركيا. ولن يتم نشر التقارير للعام بسبب خصوصية المعلومات، وإنما سيتم مشاركتها مع الجهات المعنية فقط وبعد موافقة الطرف الآخر.
وعن طريقة التواصل مع السوريين الذين يحتاجون إلى متابعة قضاياهم القانونية، أشار "بيانوني" إلى وجود مساحة خاصة في موقع المشروع الإلكتروني لتقديم طلبات الدعم القانوني، وأنّها ستكون متاحة أمام السوريين لتقديم طلباتهم وطرح مشكلاتهم القانونية، في حين يسعى المنبر للتعامل معها وبحث سبل حلّها.
وبحسب "بيانوني"، فإنّ مشروع "حماية" تعاقد مع محامين مختصين بقانون اللاجئين، لأخذ الاستشارات القانونية اللازمة، والرجوع إليهم في بعض الحالات التي تتطلب اللجوء إلى القضاء، وذلك وفق دعم الإمكانيات التي تُقدّم للمشروع.
"الطريق طويلة"
أرجع محمد الأكتع، الأسباب الرئيسية للمشكلات التي يواجهها السوريون في تركيا إلى الفجوة بين الشعبين بسبب التصور الخاطئ والسلبي لدى المجتمع التركي عن السوريين الذي ساهم الإعلام المعارض بتغذيته ونشره، ولذلك سبق أن أطلق المنبر "مشروع هارموني" الإعلامي لتحسين وتصحيح الصورة السائدة في وسائل الإعلام التركية عن السوريين.
وتابع: "الطريق طويلة أمامنا، فلائحة الحماية المؤقتة القانونية هي الإشكالية الأساسية، يتخللها العديد من الفراغات والثغرات والإشكاليات في تطبيقه، بالإضافة إلى أن قانون الأجانب جديد فهو صدر عام 2013، واستحدثت بعده دائرة الهجرة عام 2014".
ردود الفعل حول إطلاق مشروع حماية
ولاقى مشروع "حماية" ردود فعل من ناشطين حقوقيين وقانونيين، إذ قال طه الغازي - الناشط في مجال الدفاع عن اللاجئين السوريين بتركيا - لـ موقع تلفزيون سوريا: "تأخر المشروع بما يتعلق ببيئة عمل الهيئات والمنظمات السورية، ووفق ما تم الإعلان عنه سيكون اهتمامه الأساسي بالانتهاكات القانونية للاجئين السوريين، مما سيضيف مساحة استقرار قانوني للاجئ السوري في تركيا، والأهم في هذا المشروع هو مدى قدرته على توثيق هذه الانتهاكات ومدى قدرته على التواصل والتنسيق مع الجهات التركية من أجل تغيير واقع اللاجئ السوري".
ويرى الغازي أن "أكبر مشكلة يعاني منها اللاجئ السوري في السنوات الماضية خلال وجوده في تركيا، ليست فقط غياب قوانين تجرم خطاب الكراهية والعنصرية، وإنما أساساً غياب التوصيف القانوني المحق ألا وهو صفة اللجوء. التوصيف الذي أعطي للاجئ السوري كحماية مؤقتة هو بحد ذاته انتهاك لحزمة كبيرة من حقوقه القانونية والمجتمعية".
وأشار إلى أن "المشروع في مرحلة لاحقة، لا بد أن يعمل بالتنسيق مع كل الهيئات والمؤسسات السورية، تحديداً الحقوقية منها، على تغيير التوصيف القانوني للاجئ السوري من الحماية المؤقتة إلى صفة أخرى قد تكون أكثر مرونة وأكثر حماية وصوناً لحقوقه".
وفيما يتعلق بسياسات الحكومة التركية في الفترة الحالية بمكافحة الهجرة غير الشرعية، قال الغازي: "لا بد أن يكون المشروع قائماً على التفريق والتمييز بين واقع اللاجئ السوري كحالة لاجئ من حالة حرب في بلاده وبين الجنسيات الأخرى".
وأفاد بأنّ المشكلة الأساسية اليوم في الإعلام التركي، موضحاً: "حين يتم شمل اللاجئ السوري من قبل بعض السياسيين الأتراك، مع بقية الجنسيات المهاجرة بشكل غير شرعي والتي تعتبر تركيا هي بلد ممر وليس بلد لجوء كما يعتبرها السوريون الهاربون من إجرام نظام الأسد".
المنظمات هي الممثل الوحيد للسوريين
عاطف نعنوع -مدير فريق ملهم التطوعي- شدّد على ضرورة تضافر الجهود لإيجاد حلول لمشكلات اللاجئين السوريين من قبل منظمات المجتمع المدني، باعتبارها الممثل الوحيد حالياً عن السوريين".
وذكر نعنوع أن تطبيق القوانين من قبل بعض الموظفين في الحكومة التركية يتخلله بعض الأخطاء التي تتسبب بالظلم لبعض اللاجئين، وتؤثر بشكل سلبي على حياة الأفراد. مردفاً: "وهذا يضعنا أمام واجب ومسؤولية التواصل والتنسيق مع أصحاب القرار في الحكومة التركية عبر ممثلين، فلا بد من تخصيص جهود أو ميزانية أي مؤسسة للاهتمام بالوضع القانوني للاجئين السوريين، ومنها عدم معرفة اللاجئين بحقوقهم أو واجباتهم".
وأشار إلى أهمية انطلاق هذا المشروع حتى لو لم تمتلك أي تمويل، مؤكّداً دعمه لهذه المبادرة بصفته أحد مديري منظمات المجتمع المدني السوري الفاعلة، قائلاً: "سنبحث عن سبل أو إمكانية فريق ملهم التطوعي للمساهمة فيها".
وتابع: "اللاجئون السوريون الذين يتم ترحيلهم إلى الشمال السوري تحاول منظمات المجتمع المدني تأمين عائلاتهم في تركيا أو تأمين مأوى لهم في الشمال السوري، ويشكّل ذلك بدوره ضغوطات جديدة على المنظمات بسبب الوضع الإنساني هناك، بالإضافة إلى وضع العائلات المأساوي بعد تفرق شملهم".