icon
التغطية الحية

حلول جديدة يتبعها السوريون لإيصال الحوالات إلى أسرهم

2020.03.03 | 11:47 دمشق

photo_2020-08-26_11-50-48.jpg
حسام جبلاوي - تلفزيون سوريا
+A
حجم الخط
-A

اتخذ نظام الأسد خلال الأشهر القليلة الماضية جملة من الإجراءات التي تهدف لزيادة مداخيله وتحكمه في الأسواق، ومنها مراقبة شركات الحوالة المالية، وتجريم من يستلم أمواله بغير الليرة السورية، مجبرا السوريين على استلام حوالاتهم المالية التي تصل بالدولار وفق القيمة التي حددها البنك المركزي وهي 700 ليرة سورية فقط.

ومن خلال هذه الإجراءات يفقد مستلم الحوالة المالية الواصلة من الخارج ثلث قيمة المبلغ الحقيقي الواصل له لصالح النظام في حال اضطر لاستلامها عبر المصارف الحكومية أو الشركات المرخصة من قبل النظام.

ويفرض نظام الأسد عقوبات صارمة جدا على من يتعامل بغير الليرة السورية أو يستلم حوالته بغيرها، حيث تصل العقوبة وفق المرسومين رقم 3 ورقم 4، اللذين أصدرهما  الأسد سنة 2020 إلى السجن مع الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وغرامة مالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات، أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة.

مكاتب سرية

ومع تشديد النظام رقابته على شركات الحوالات المالية وإغلاق عدد كبير منها ومراقبة الأمن للحوالات الواصلة إلى المواطنين لجأ السوريون في مناطق سيطرة النظام وخارجه إلى أساليب جديدة لتفادي سرقة النظام لأموالهم.

وتؤكد العديد من المصادر في مناطق النظام أن عدداً قليلاً جداً من السوريين بات يعتمد على استلام حوالته المالية الخارجية عبر  خدمة الـ "ويسترن يونيون" الشركة الوحيدة في دمشق التي تمتلك فروعاً في معظم دول العالم.

وبحسب مصدر في دمشق اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية فإن معظم الأهالي الذي يعتمدون على الحوالات الخارجية باتوا يتقاضونها من خلال مبدأ المقايضة عبر وسطاء انتشروا خلال الفترة الماضية ويعملون بشكل سري.

ويوضح المصدر أن العديد من تجار دمشق يتعاملون فيما بينهم بتسليم الحوالات المالية للموثوقين فقط بشكل سري، وبسعر الصرف الحقيقي للدولار أي 1040 ليرة، لكن يتم التسليم بالليرة السورية حصرا.

من جانب آخر ذكر محمود طه وهو صاحب شركة حوالات في تركيا أن التحويل لمناطق سيطرة النظام أصبح أكثر تعقيدا من قبل مع إغلاق أجهزة النظام معظم شركات الحوالات المعروفة كـ "الهرم" و "آراك" و"إرسال" و"الحافظ "وغيرها.

وأضاف "طه" أن تحويل الأموال من تركيا للأهالي في مناطق سيطرة النظام مستمر لكن عبر وسطاء ومكاتب غير رسمية وبشكل سري، حيث يطلب من المحوّل فقط اسم الشخص المرسل له ورقم هاتفه مع إعطائه رقم كود للحوالة، ليقومَ الطرف الآخر بمحادثة المستلم ويطلب منه مراجعته وتسلم أمواله بالليرة السورية وفق سعر الصرف الحقيقي.

ويشير طه إلى أن المخاطر في عمليات التحويل زادت بشكل كبير نتيجة اضطرار شركات الحوالات للتعامل مع شركات غير مرخصة في الداخل السوري، مشيرا أنه حتى مصطلح الدولار لا يتم استعماله بالمحادثات مع الوسطاء ويستعاض عنه بمفردة معروفة للطرفين.

ونتيجة القيود الأخيرة أكد طه في حديثه الخاص لموقع تلفزيون سوريا أن عمليات التحويل باتت أقل أمنا من ذي قبل مع انتشار عدد كبير من السماسرة في السوق السوداء، مشيرا إلى أن حالات السرقة والنصب باتت أكثر من قبل مع وجود دخلاء على السوق.

وتتقاضى المكاتب السرية المنتشرة في مناطق سيطرة النظام وفق طه نسبة تتراوح بين 3 إلى 5 % من قيمة المبلغ المرسل مهما كان كبيرا أو صغيرا.

تحويلات أوروبا

من جانب آخر تحدث عماد (ح) وهو لاجئ سوري يقيم في ألمانيا عن معاناة مضاعفة للسوريين المقيمين في أوروبا في إرسال الأموال إلى الداخل السوري.

وأوضح عماد أن القانون الألماني يمنع إرسال الأموال من قبل اللاجئين إلى بلدانهم الأصلية، ما أدى إلى انتشار مكاتب الصرافة السوداء التي تعمل بشكل غير شرعي في ألمانيا غالبيتهم من اللاجئيين أيضا، وهؤلاء يتعاملون مع مكاتب سرية في سوريا" مضيفا أن:" اللاجئ مضطر لقبول استغلال هذه المكاتب سواء تلك التي في ألمانيا أو في الداخل السوري حيث ندفع أجور التحويل قبل إرسالها ونسلمهم المبالغ باليورو، بينما يتم تسليم أهالينا بالليرة السورية بسعر صرف أقل من السوداء وأعلى من المركزي أي يتم الاستفادة من الحوالة مرتين".

في الوقت ذاته تحدث عماد الذي فضل عدم ذكر اسمه الكامل خوفا من تبعات أمنية عن حلول بدأ بعض اللاجئين هنا باستخدامها لمنع استغلال المكاتب، وهي تحويل الأموال إلى دولة أخرى مثل مصر ولبنان حيث يقوم الطرف الآخر المرسل إليه بتصريف الحوالة إلى الليرة السورية وتحويلها إلى سوريا بشكل نظامي.

ويوضح عماد أن سبب اعتماد البعض على هذه الطريقة هو الخوف من المكاتب غير الشرعية في حال كان المبلغ المالي مرتفعاً، وأيضا لمنع استغلال السماسرة في سوريا للحوالة وتصريفها بسعر أقل من السوق السوداء.

قبضة أمنية

لا تتوقف إجراءات النظام على استغلال أموال اللاجئين وعائلاتهم فحسب وسرقة ثلث قيمة حوالتهم المالية والسطو عليها بل تصل أيضا إلى التعامل بأسلوب مخابراتي مع الأهالي الذين يتلقَون حوالات مالية من الخارج ووضعهم في محل الشبهة الدائمة.

 وتؤكد مصادر في مناطق سيطرة النظام أن الحوالات المالية الكبيرة باتت حاليا تتطلب موافقة أمنية لتسليمها لأصحابها كما أن النظام بات يجبر شركات الحوالات المالية المتبقية لديه على تقديم لوائح تفصيلية بجميع المستلمين ومبالغهم.

وفي هذا الإطار ذكر مصدر يعمل في مكتب حوالات في اللاذقية فضل عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية أن الأمن العسكري يطلع أسبوعيا على سجلات التحويل الصادرة والواردة وهناك توجيهات رسمية من قبلهم بعدم تسليم المبالغ المادية التي تفوق مليون ليرة سورية إلا بعد الحصول على موافقة أمنية وتقديم أوراق من قبل الشخص الذي تصل الحوالة باسمه تتضمن توضيحاً لسبب إرسال المبلغ بالإضافة إلى صورة عن هويته الشخصية وبيان لا حكم عليه وإخراج قيد سكن نظامي موقّع من مختار منطقته، وفاتورة كهرباء جديدة.

وبحسب المصدر فإن هذه الإجراءات الجديدة بدأ تطبيقها مباشرة بعد صدور المرسوم التشريعي الذي يقضي بمنع تداول العملات الأجنبية وهي معمَّمة في جميع المناطق الخاضعة لسيطرة النظام.