حلف الإمارات إسرائيل.. الآتي أعظم

2020.08.19 | 09:11 دمشق

alamarat.jpg
+A
حجم الخط
-A

لا تحتاج الإمارات إلى من يحميها أو يدافع عنها، فهي دولة تمتلك جيشاً كبيراً بالقياس إلى عدد سكّانها، ثم إنها ليست مهددة من أحد. وليست الإمارات دولة بحاجة إلى دعم اقتصادي، بل هي من بين أغنى دول العالم، كونها مصدرة للنفط، ولديها رصيد سياحي مهم، وثروة سمكية كبيرة ومتنوعة يوفرها موقعها البحري المتميز. وصارت في العقد الأخير قوة عسكرية تدخلت في العديد من الأماكن، وبشكل خاص في اليمن، حيث تشارك في القتال الداخلي، وتحتل عدة مراكز استراتيجية في بحر العرب مثل جزيرة سوقطرى، والبحر الأحمر مثل جزيرة ميون على مدخل باب المندب.

والحال على ما هو عليه يطرح عدة أسئلة، ما هو السبب الذي يجعل الإمارات تذهب نحو التحالف مع إسرائيل؟ وهل كانت الإمارات لتتوصل إلى ما هي عليه من نفوذ في البحر الأحمر من دون دعم ومساندة إسرائيل؟ وفي الختام، هل لدى الإمارات مشروع للمستقبل، أم أنها منخرطة في أجندات تتجاوز حجمها ومصالحها؟

صار واضحا من خلال دراسة لأفعال ولي عهد أبوظبي حاكم الإمارات الفعلي محمد بن زايد أنه يعمل على بناء دولة عسكرية قوية، تؤهله كي يصبح الطرف المتحكم بمنطقة الخليج العربي وقيادتها، بما في ذلك المملكة العربية السعودية التي صار يتدخل في رسم سياساتها منذ عدة سنوات، وكما هو واضح في الأعوام الثلاثة الأخيرة فهو الذي يقود ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وليس كما جرت العادة، حيث تتصدر السعودية قيادة منطقة الخليج، بوصفها الشقيق الأكبر، وبلد الحرمين الشريفين.

وتعد الإمارات من بين أكثر الدول المستودرة للأسلحة في العقود الثلاثة الأخيرة. وهناك حادثة يروي وقائعها مسؤولون إماراتيون، ومفادها أن الشيخ زايد بن سلطان أعرب لوفد فرنسي يفاوضه على صفقة أسلحة بقوله "بات لدى كل مواطن إماراتي دبابة لوكليرك (دبابة فرنسية باعتها فرنسا للإمارات). ومن المرجح أن هوس بن زايد بالسلاح والعسكرة والهيمنة هو أحد أسباب إعجابه بالنموذج الإسرائيلي.

فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه الإمارات في البحر الأحمر فهناك من يؤكد أنه لم يكن ليتم من دون تأييد إسرائيل، التي تبدي أهمية خاصة لهذا الشريان الحيوي للملاحة الدولية

أما فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه الإمارات في البحر الأحمر فهناك من يؤكد أنه لم يكن ليتم من دون تأييد إسرائيل، التي تبدي أهمية خاصة لهذا الشريان الحيوي للملاحة الدولية، وذلك بجانبيه، قناة السويس وباب المندب. ومن الملاحظ أن التدخل الإماراتي العسكري في اليمن ركز على عدة نقاط استراتيجية مثل جزيرة ميون التي تقع في مدخل باب المندب، وجزيرة سقطرى الواقعة في بحر العرب، وقد ثبتت أبوظبي قاعدتين عسكريتين في الجزيرتين، بالإضافة إلى العلاقات المتميزة مع ارتيريا والسودان. وخلال التدخل الإماراتي في اليمن تم الحديث عن قاعدة تدريب كبيرة أقامتها في ارتيريا لعبت دور الإسناد والإمداد والتأهيل، وتبدي أبوظبي اهتماما كبيرا بالسودان على هذا الصعيد، وظهر ذلك من خلال العلاقات المتميزة مع المجلس العسكري، ولهذا تم ترشيح السودان لفتح صفحة علاقات علنية مع إسرائيل.

مشروع الإمارات هو أن تصبح الدولة الرئيسية في الخليج، وأن تكون هناك دولتان أساسيتان في المنطقة  إسرائيل والإمارات. وتغطي أبوظبي على طموحاتها وأطماعها بالادعاء أن هدف التحالف القريب مساندة الشعب الفلسطيني، والبعيد الوقوف بوجه إيران، وهذا هدف مشترك إسرائيلي إماراتي. ولكن إيران ليست غافلة إلى هذا الحد حتى تسمح بتطويقها من قبل إسرائيل والإمارات التي سوف تتحول إلى قاعدة أساسية لإسرائيل في الخليج، ومن المؤكد أنها سيكون لها رد فعل سياسي أو عسكري، وهناك تقديرات ترجح أن امكانية تفاهم إيران وإسرائيل أقرب من الذهاب إلى المواجهة العسكرية، وعندئذ تخرج الإمارات من المعادلة، وتصبح طرفا ثانويا في معادلة الخليج، ولن يتجاوز دورها أن تكون منصة لإسرائيل التي تعارض حتى تزويد الإمارات بالتكنولوجيا العسكرية المتطورة، ومن ذلك إف 35.

سوف يلحق التحالف الإماراتي مع إسرائيل ضررا كبيرا بالعالم العربي، وخصوصا منطقة الخليج.

وفي جميع الأحوال سوف يلحق التحالف الإماراتي مع إسرائيل ضررا كبيرا بالعالم العربي، وخصوصا منطقة الخليج. وقبل كل شيء ما كان له أن يتم لولا تدمير العراق وسوريا وإخراجهما من معادلة التوازن في الشرق الأوسط. وستشهد العلاقات الخليجية الخليجية مزيدا من التوتر بسبب طموح الإمارات للهيمنة، وكذلك العلاقات الخليجية الإيرانية، وقد يؤدي ذلك إلى تفجير هذه المنطقة التي لا تحتمل الحروب. وربما كانت له انعكاسات سلبية على السعودية نفسها التي يحكمها بن سلمان اليوم بالسجون والتصفيات، فالوضع السعودي يختلف كليا عنه في الإمارات، وله حساسية خاصة لا تقبل التطبيع مع إسرائيل بهذه البساطة.

رغم وضوح أهداف التحالف وطموح الإمارات للتحول إلى إسبارطة صغرى، فإن الخطوة تشكل قفزة في المجهول.

كلمات مفتاحية