icon
التغطية الحية

حلب في قبضة الفصائل وقوات النظام تنسحب.. هل تحضّر للمواجهة أم تواصل اندحارها؟

2024.11.30 | 12:03 دمشق

آخر تحديث: 30.11.2024 | 12:36 دمشق

حلب
عناصر من الفصائل العسكرية يقودون دبابة في حي الراشدين بحلب ـ رويترز
إدلب ـ خالد الخطيب
+A
حجم الخط
-A
إظهار الملخص
- انسحبت قوات النظام والميليشيات من مدينة حلب، مما أتاح للمعارضة السيطرة على المدينة وانتشارها بشكل منظم في الأحياء وفرض حظر التجول.
- توجهت ميليشيات النظام نحو الجنوب الشرقي، مع نقل العائلات والطلاب إلى مناطق آمنة، بينما تحصنت بعض الميليشيات في مخيم النيرب، دون نية حقيقية لاستعادة السيطرة.
- انسحبت ميليشيات لواء الباقر وأخرى من أحياء حلب، مع إخلاء مئات العائلات، مما يعكس عدم الثقة في وعود النظام، ويتيح للمعارضة فرصة توسيع السيطرة.

عاشت مدينة حلب ليلتها الأولى في كنف المعارضة السورية بعدما انسحبت قوات النظام والميليشيات نحو الضواحي القريبة جهتي الجنوب والشرق، وإلى داخل الثكنات العسكرية (كليات المدفعية والفنية الجوية والتسليح والأكاديمية العسكرية ومطاري النيرب وحلب الدولي)، وعم المدينة هدوء حذر وانتشر مقاتلو الفصائل بشكل منظم بين الأحياء والساحات العامة وفي محيط المقار والمباني والمؤسسات الخدمية، وهم ينتظرون بزوغ شمس اليوم التالي، وهو الرابع منذ انطلاق عمليات (ردع العدوان) للبدء بعمليات التمشيط وتأمين الأحياء المحررة كي تتاح الفرصة للأهالي لتأمين احتياجاتهم بعد ليلة اختلطت فيها مشاعرهم، بين الخوف والترقب، ليلة فرضت فيها الفصائل حظر التجول حفاظاً على الأرواح والممتلكات.

النظام يخلي الفروع والمديريات

حلب لم تشهد ذاك النزوح الكبير قبيل دخول فصائل المعارضة، وذلك لعدة أسباب، دخول الفصائل غير المتوقع، وفي وقت قياسي، والانسحاب غير المتوقع لقوات النظام والميليشيات الرديفة والإيرانية وكذب إعلام النظام الذي راح يروج لتعزيزات ضخمة قادمة لدعم جبهات حلب، ولعمليات تصدي مفترضة لم تنفذ على أرض الواقع. ففي الوقت الذي كان فيه ناشطون وإعلاميون تابعون للنظام والميليشيات يتجولون في أحياء المدينة، ليل الجمعة، للقول بأنها آمنة وعصية على المعارضة، كان مسؤولو النظام في مجلسي المحافظة والمدينة والأفرع الأمنية وقيادة الشرطة يتحضرون للفرار صباحاً نحو الجنوب الشرقي، إلى منطقة السفيرة، في الوقت ذاته أرسلت قسد رتلاً من المركبات لنقل الطلاب من حلب إلى منبج وعين العرب/كوباني، والأمر ذاته فعلته شخصيات عشائرية نافذة ومقربة من النظام، فقد نقلت عائلات وأهالي مقربين منها إلى الريف، ومن بينهم الشيخ أحمد محمد خير ذياب الماشي، الذي أشرف شخصياً على نقل مقربين من عشيرته انطلاقاً من كراج حلب الشرقي قرب قاضي عسكر.

لواء القدس يتحصن في مخيم النيرب

أفرغت ميليشيا لواء القدس مواقعها ومقارها العسكرية داخل أحياء حلب القديمة، وأفرغت أيضاُ مكاتبها في مقر النادي العربي الفلسطيني في حي الجميلية، وسحبت عتادها ومقاتليها وعائلاتهم إلى منطقة مخيم النيرب المجاورة للمطارين، العسكري والمدني شرقي مدينة حلب، وأشرف زعيم اللواء، محمد سعيد على عمليات الانسحاب، ونشر الجناح السياسي رسالة وجهها زعيم اللواء ليطمئن من خلالها أنصاره، وأهالي المخيم والمناطق المحيطة به شرقي المدينة، وجاء في الرسالة التي تداولها الناس في مخيم النيرب: "الفرق العسكرية والألوية والأفواج والأصدقاء والعناصر الأمنية والقوات المدافعة عن مدينة حلب كثيرة وهي بكامل الجهوزية والاستنفار، وستصل الى مدينة حلب تعزيزات كبيرة من الفرقة الرابعة دبابات والقوات الخاصة واللواء السابع من الفيلق الخامس بالكامل، وسوف تتبدل المعركة وسننتقل الى مرحلة الهجوم والتحرير".

تضيف "لا خوف لا خوف على مدينة حلب وأهلها ولا داعي للقلق لأن حلب التي مرت بأصعب الظروف وتجاوزت الحصار الخانق لسنوات ستبقى صامدة وعصية على الجميع، إن خسارتنا للمناطق كان بسبب الهجوم الكبير للمسلحين الذين كانوا يجهزون لهذه المعركة منذ سنوات، حيث اجتمعت جميع الفصائل المسلحة وقامت بالزج بكامل قواتها وما تملك من آليات وأسلحة ومسيرات ودعم مادي، وهذه ستكون معركتهم الأخيرة ومقبرتهم لأن مدينة حلب خط أحمر".

قالت مصادر متطابقة في حلب لموقع تلفزيون سوريا إن "تحركات لواء القدس مؤخراً شملت انسحابه من أهم مواقعه، وبالأخص في تل رفعت ودير جمال ومنطقة معامل الليرمون وحيان وبيانون والمسلمية، ومن مخيم حندرات في القسم الشمالي من المدينة، وبرغم تحصنه وتجميع قواته داخل مخيم النيرب وفي منطقة المطارين على الأطراف الشرقية، إلا أنه لا يملك ترف المواجهة وحيداً مع فصائل المعارضة في حال قررت تأمين طوق المدينة والتوسع في منطقة الضواحي القريبة، هذا إن واصلت باقي الميليشيات الإيرانية والرديفة عمليات الانسحاب نحو مناطق أبعد في الريفين الشرقي والجنوبي، اللواء بدأ بالفعل بنقل معداته من مخيم النيرب إلى مناطق جنوبي حلب والبادية، وكأن مسألة خسارته لأهم معاقله في الشمال مسألة محتومة".

لواء الباقر والميليشيات تتحصن جنوبي حلب

صباح الجمعة، انسحبت ميليشيا لواء الباقر من أحياء المرجة وباب النيرب والبللورة الفردوس والميسر وطريق الباب، واتجهت أرتال اللواء نحو مناطق ريف حلب الجنوبي، وتحديداً قرى عسان وتل شغيب وحدادين والوضيحي وتركان وحريبل وغيرها من القرى في ريف منطقة السفيرة في محيط معامل الدفاع، ونقلت مجموعات اللواء كامل سلاحها الثقيل وآلياتها العسكرية من داخل الأحياء، كما أخلت عائلات مقاتليها بشكل كامل. وشملت عمليات الانسحاب والإخلاء باقي التشكيلات الأصغر عدداً وعدة، وأهمها ألوية الشمال ودوشكا وزين العابدين وكتائب عماد حومد، وهي قوى عشائرية كانت تشترك مع الباقر في الانتشار والنفوذ في الأحياء الشرقية.

قالت مصادر محلية متطابقة لموقع تلفزيون سوريا، إن "عمليات الإخلاء شملت أيضاً مئات العائلات من كفريا والفوعة والتي تم إسكانها خلال السنوات السابقة في أحياء باب النيرب والمرجة وغيرها، وأشرفت ميليشيات من نبل والزهراء على عمليات إخلاء النازحين من كفريا والفوعة الذين التقوا مع أرتال الأهالي النازحين من بلدتي نبل والزهراء شمالي حلب، وتمت عمليات نقل القسم الأكبر منهم إلى ريف حلب الجنوبي الشرقي ومنه إلى مناطق ريف حمص والساحل السوري".

وبرغم ترويجها للعودة إلى حلب وأنها تحضر لعمليات معاكسة، إلا أن الأوساط العشائرية والأهلية المقربة من الميليشيات لا تثق بالوعود، فالتحركات الميدانية، وحجم التعزيزات العسكرية التي أرسلها النظام، لا توحي بأن هناك نية لعمل معاكس لاستعادة ما خسرته الميليشيات داخل حلب، بل الخشية اليوم تبدو أكبر لدى الأوساط الموالية التي خرجت من حلب في أن تواصل الميليشيات انسحابها من ضواحي حلب والقرى الواقعة في الطوق القريب وصولاً إلى مشارف معامل الدفاع، ومناطق السفيرة ودير حافر وصولاً إلى مسكنة، وهذا التوسع المفترض بما فيه السيطرة الكلية على الثكنات العسكرية في القسم الغربي من المدينة ومطاري حلب، المدني والعسكري ومخيم النيرب شرقاً وصولاً إلى نبل والزهراء والشيخ نجار ومدرسة المشاة في الشمال، توسع حتمي في حال رغبت الفصائل في تأمين المدينة وتحقيق الاستقرار فيها وإبعاد خطر قوات النظام والميليشيات كلياً.

وبطبيعة الحال لن يتحقق التوسع للفصائل المعارضة ما لم تفتح محور عمليات جديد قادم من ريف حلب، كمحور الباب/تادف الذي لا يبعد سوى 20 كيلو متراً عن حلب، ولا يبدو ذلك ممكناً في الوقت الحالي برغم انتهاء التجهيزات لفتحه، لأن الفصائل تنتظر انسحاب الميليشيات من منطقة تل رفعت (مناطق الشهباء) التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب وانتهاء أعمال إخلاء بلدتي نبل والزهراء.