icon
التغطية الحية

حكومة جديدة في إدلب.. نفي لـ "الانتهاكات" ومخاوف من استمرارها

2019.11.26 | 10:03 دمشق

qlsy.jpg
تعيين "علي كدة" رئيساً لـ"حكومة الإنقاذ" في محافظة إدلب (معرّفات حكومة الإنقاذ)
تلفزيون سوريا - منار عبدالرزاق
+A
حجم الخط
-A

يقترب الإعلان عن التشكيلة الجديدة لحكومة الإنقاذ التي تعتبر الجناح الخدمي لـ"هيئة تحرير الشام"، والتي سُمي لرئاستها من قبل مجلس الشورى في الشمال العقيد "علي كدة" الذي كان يشغل منصب نائب وزير الداخلية في حكومة "فواز هلال" التي أعلنت استقالتها قبل أيام، في وقت تُتَّهم فيه "الإنقاذ" بسلسلة من الانتهاكات بحق السكان وناشطي المجتمع المدني في إدلب ومحيطها.

 

الإعلان عن تشكيل حكومة "كدة" خلال أيام

وقال بسام صهيوني، وهو رئيس مجلس الشورى لـ "تلفزيون سوريا": إنّ "الحكومة الجديدة ستبصر النور خلال الأيام القليلة القادمة"، مشيرًا إلى أنّها "تختلف عن سابقاتها في تسيير الأمور في الشمال"، نافيًا في الوقت ذاته "وجود أي مبررات سوى انتهاء المهلة القانونية لإقالة حكومة (هلال)".

وتعتبر حكومة "كدة" الثالثة منذ الإعلان عن تشكيل "الإنقاذ" في المناطق الخاضعة لسيطرة "الهيئة"، في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2017 برئاسة الدكتور محمد الشيخ، وذلك كنتاج لمقررات المؤتمر السوري العام الذي انعقد في معبر باب الهوى الحدودي، ككيان موازٍ للحكومة السورية المؤقتة التي تنشط في الوقت الحالي في أرياف حلب.

حيث شهدت الحكومة الأولى عدة تصدعات من بينها استقالة نائب رئيس الحكومة للشؤون العسكرية العقيد رياض الأسعد، لينتهي الأمر بها لإعلان الشيخ ذاته الاستقالة من رئاسة الحكومة في أواخر العام الماضي؛ احتجاجًا على تردي الأوضاع الأمنية في المناطق المحررة بعد توالي عمليات السطو والخطف والقتل بحق أصحاب رؤوس الأموال والأطباء في المنطقة، ليتم تعويضه بـ "فواز هلال"، مع عدد من التعديلات الوزارية في الحكومة.

وقوبلت حكومة "هلال" بتظاهرات عارمة من الشارع في إدلب؛ احتجاجًا على اعتقال الناشطين وفرض ما يطلق عليه الأهالي اسم "الإتاوات" بالقوة، والتي كان من أبرزها مؤخرًا ما سمي بـ"غزوة (الإنقاذ) لكفرتخاريم"؛ على خلفية رفض الأهالي في البلدة دفع زكاة زيت الزيتون لهيئة الزكاة في الإنقاذ؛ هو ما قوبل برد فعل عسكري من قبل "الإنقاذ" وذراعها العسكري "الهيئة" إذ حوصرت البلدة وقصفت بالمدفعية الثقيلة؛ ماتسبب بمقتل وجرح عشرات المدنيين في البلدة، قبل أن يتوصل الطرفان إلى تسوية تحت النار.

 

أكاديمي ينفي وجود انتهاكات لـ "الهيئة" بحق سكان إدلب

في هذا الصدد، ينفي الدكتور حسن جبران، وهو أكاديمي ومقرّب من (الإنقاذ) وذراعها العسكري (هيئة تحرير الشام) تلك الاتهامات، ويقول لتلفزيون سوريا: "ليس هناك انتهاكات لـ (الهيئة) أو (الإنقاذ) في المناطق المحررة"، وأنّ "الناس تخرج بتظاهرات تشتم خلالها رأس هرم السلطات في المنطقة- دون أن يسميه- ومن ثم تمارس أعمالها بلا أدنى مضايقات، سواء أكان العمل في المنظمات أم أعمال خاصة أو غيرها".

واعتبر "جبران" أن المناطق الخاضعة لسيطرة "الإنقاذ" و"الهيئة" تعيش بظروف أفضل بكثير من نظيرتها في الأماكن الأخرى من البلاد، مؤكدًا أنّ "لا شيء ينقص المنطقة سوى وقف اعتداءات (الأسد) و(الروس) عليها من قصف وقتل وغيرها"، وأشار إلى أنّ "ما تتعرض له المنطقة من حرب وافتراءات هدفه منع الاستقرار والتنمية عنها".

 

أكاديمي: مستقبل حكومة "الإنقاذ" مرهون بمآلات هجوم "الأسد" على إدلب

ولفت "جبران" إلى أنّ "محور الاجتماعات الجارية الآن في إدلب تتمحوّر حول مستقبل المنطقة، والقدرة على صد الهجوم العسكري الروسي والأسدي عنها، وسبل إيجاد آليات للتعاون مع المجتمع الدولي؛ من أجل وقف تمدد (المحتلين)"، مؤكدًا أنّ "مستقبل ونجاح (الإنقاذ) مرهون بصد الهجمة العسكرية".

وفيما يخص فرض (الهيئة) للزكاة، وماحصل من أحداث في "كفرتخاريم" من جرائها، يقول "جبران": إنّ "الزكاة حالة معممة على الجميع في مختلف المناطق، وتبقى في نفس المكان وتوزع على فقراء البلدة، وهي فرض.. لا يُؤخد منه إلا نصف النصاب ويبقى النصف الآخر مع المالك يفعل فيه ما يشاء".

وتتهم منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية المختصة بالدفاع عن حقوق الإنسان في تقارير صادرة عنها، "هيئة تحرير الشام" بممارسة القمع على ناشطي المجتمع المدني واعتقالهم تعسفيًا وتعرضهم للتعذيب، إذ وثقت تعرّض العشرات من معارضيها للاعتقال والتعذيب في سجونها، وهي تقارير يؤكدها عدد من السكان وأبناء المجتمع المحلي، فيما تنفي "الهيئة" بشكل دائم تلك الاتهامات، تؤكد أن فيها كم كبير من المغالطات والأكاذيب.

 

الهيئة السياسية في إدلب: "الإنقاذ" كما غيرها تفتقد للشرعيتين "الشعبية" و"الدولية"

في السياق ذاته، أحمد بكرو، وهو الناطق الرسمي باسم الهيئة السياسية في إدلب، انتقد (حكومة الإنقاذ) والحكومات المماثلة لها، وما نتج عنها من مؤسسات وسلطات واصفًا إياها بـ "سلطات الأمر الواقع"، معللًا انتقاداته لها، بالقول: إن "هذه الأجسام تفتقد بمعايير العمل المؤسساتي المتكامل".

ورأى بكرو أنّ "هناك هوة وفجوة كبيرة وواضحة بين تلك المؤسسات وطموحات الناس وإرادتها"، وأنها "تكمن في العجز عن تلبية احتياجات الشارع، والافتقاد للخطط التنموية والخدمية المناسبة للواقع الذي يرزح تحته سكان المناطق المحررة".

وأوضح بكرو أنّ "المشكلة الأساسية لـ (الإنقاذ) تكمن في فرضها ما تراه مناسبًا على السكان، دون أن يكون لديها أي مقومات أو مقدرة على العطاء"، معتبرًا أنّ "الأخيرة يعتبرها السكان (همًا) مضافًا إلى همومهم اليومية".

وتساءل بكرو في ختام حديثه، عن المشروعية الشعبية والدولية لحكومة الإنقاذ، مؤكدًا أنها تفتقد للاثنتين، موضحًا أنّ "(الإنقاذ) تنظر إلى الناس من خلال الضرائب والمركزية التي تحاول تجسيدها كسلطة أمر واقع ومفروض على السكان"، وهي إجراءات –بحسب بكرو- "أصبحت بيروقراطية مملة ومقيتة".

وتسيطر حكومة الإنقاذ على مقدرات الشمال السوري من معبر دولي (باب الهوى) ومعابر داخلية مع النظام وفصائل المعارضة (المنصورة، الغزاوية، جنديرس)، وتجارة المحروقات عبر شركة (وتد)، إضافة إلى عدد كبير من شركات الصيرفة والغذائيات، إلى جانب فرضها للضرائب على جميع المناحي الخدمية والاقتصادية في المنطقة؛ ما يجعل عائديتها المالية الشهرية تُقدّر –وفق مراقبين- بملايين الدولارات.

ولعلّ المأمول والمعول على حكومة "كدة" وهو العقيد المنشق عن داخلية الأسد، والملم والعارف بالوضع الأمني للمنطقة، والذي يجيد التواصل مع الخارج من خلال اتقانه للغة الإنكليزية، تكمن في إيقاف "الانفلات الأمني"، والاعتقالات التعسفية- بحسب منظمات مدنية- والحد من سطوة الضرائب التي تلاحق المواطنين وترهقهم، فهل ينجح ويستطيع التغريد منفردًا بعيدًا عن سلطة "الهيئة"، أم أن مصيره سيكون كسابقيه "استقالة" احتجاجًا على تردي الأوضاع أو "إقالة" لانتهاء المدة الزمنية دون أي إنجاز يُذكر على الأرض.