icon
التغطية الحية

حكومة أردوغان الجديدة.. تعرف إلى الوزراء الثلاثة المعنيين بالملفات السورية

2023.06.04 | 06:24 دمشق

أردوغان وعدد من الوزراء بعد مؤتمر صحفي أعلن فيه تشكيل الحكومة الجديدة - 3 حزيران 2023 (الأناضول)
أردوغان وعدد من الوزراء بعد مؤتمر صحفي أعلن فيه تشكيل الحكومة الجديدة - 3 حزيران 2023 (الأناضول)
+A
حجم الخط
-A

أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، مساء السبت، أعضاء حكومته الجديدة، وسط تغيير خيّم على معظم الطاقم الوزاري الجديد باستثناء حقيبتَي الصحة والسياحة، في حين برزت أسماء مفاجئة لتولي حقائب حساسة مثل الخارجية والاقتصاد والدفاع والداخلية.

ومن المتوقع أن تلعب حقائب الخارجية والدفاع والداخلية دورها في الملف السوري العصيّ على الحل منذ 12 عاماً، إلى جانب جهاز الاستخبارات الذي بات من شبه المؤكد أن يترأسه إبراهيم قالن المتحدث الرئاسي وكبير مستشاري أردوغان.

وبحسب قائمة الوزراء الجدد التي أعلنها الرئيس أردوغان، فإن هاكان فيدان رئيس جهاز الاستخبارات السابق سيتولى حقيبة الخارجية، في حين سيتولى يشار غولر رئيس الأركان السابق وزارة الدفاع، وعلي يرلي كايا والي إسطنبول السابق سيكون وزيراً للداخلية، خلفاً لسليمان صويلو الذي شغل المنصب على مدار 7 أعوام وسجل بصمة من الصعب أن تُنسى.

باستثناء يرلي كايا، فإن كلاً من فيدان وغولر كان لهما حضور مباشر في الملف السوري ببعديه الأمني والاستخباري، لا سيما فيدان الذي قاد عملية المحادثات الاستخبارية مع النظام السوري، والتي وصلت فيما بعد إلى مستويات أرفع على صعيد وزراء الدفاع والخارجية برعاية روسية.

مسار التطبيع التركي مع النظام السوري بيد فيدان

على الرغم من أن فيدان رجل استخبارات قوي، ومؤسس الهيكلية الجديدة لجهاز الاستخبارات التركي الذي وصل لمستويات رفيعة في عهده، فإنه قاد العديد من المحادثات الأمنية الحساسة الخارجية، سواء مع النظام السوري أو مصر وليبيا وحتى الإمارات قبل أن تتحول إلى المستوى الدبلوماسي.

بمعنى آخر، كان فيدان رجل استخبارات ودبلوماسية في آن واحد، وإدارته المباشرة للعديد من الملفات على صعيد السياسة الخارجية يسهّل عليه عملية إدارة حقيبته الوزارية الجديدة.

وعلى صعيد الملف السوري، فمن المتوقع أن يتابع فيدان ما بدأه من مسار التطبيع الأول، ويعمل بالتنسيق مع وزارة الدفاع وجهاز الاستخبارات على معالجة البعدين الأمني والعسكري في سوريا، لا سيما مع تأكيد أنقرة أن قضية انسحابها من الشمال السوري ليس مطروحاً.

ترتكز الأولويات التركية في هذا الملف على قضايا عدة، من أبرزها وبالدرجة الأولى مكافحة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) وبالتحديد "وحدات حماية الشعب" (YPG) شمال شرقي سوريا، إضافة إلى معالجة قضية اللاجئين التي كانت إلى حد كبير السبب الأبرز وراء دفع أنقرة بشكل سريع وحثيث لعقد محادثات على مستوى وزيرَي الخارجية والدفاع، بهدف تمرير رسالة للداخل التركي بالدرجة الأولى، لا سيما مع تركيز المعارضة التركية على هذا الملف خلال الحملات الانتخابية.

في المقابل، يشترط النظام السوري انسحاب القوات التركية من سوريا من أجل تطبيع كامل وعقد محادثات على مستوى أرفع بين أردوغان وبشار الأسد.

بموجب ذلك، لا يبدو أن حلحلة الملف السوري ستكون سهلة على فيدان، وليس من المتوقع كذلك أن تبقى مسألة اللاجئين في تركيا دون حل، ما يرجّح التركيز على مسألة الإعمار الذي تحدثت عنه تركيا في الشمال السوري وبدعم قطري، لتوفير عودة نحو مليون سوري من تركيا.

قد يضمن الحل الجزئي لقضية اللاجئين تخفيف الضغوط الداخلية التي تدعو للتطبيع الشامل مع النظام السوري، إذ ترى أنقرة أن التطبيع لن يُسهم شكل مباشر في مسألة مكافحة "قسد"  المدعومة من أميركا، حيث تفرض هذه المسألة محادثات مع واشنطن بالدرجة الأولى لا مع النظام.

من جانب آخر، لا شك أن شخصية أردوغان كزعيم يطلع حتى على التفاصيل الصغيرة في شتى الملفات، سيكون لها انعكاس كبير على إدارة فيدان للملف السوري، لا سيما في ظل النظام الرئاسي الذي حجّم البيروقراطية إلى حد كبير وأتاح للرئيس مساحة كبيرة لتمرير قراراته.

بجانب ذلك، هناك رغبة روسية في مواصلة محادثات التطبيع بين أنقرة والنظام السوري، وإن كانت المهمة صعبة في ظل الشروط الصعبة التي يطرحها الطرفان، خاصة فيما يتعلق بانسحاب القوات التركية، لكن قد يكون لموسكو دور في الضغط على الطرفين للتوصل إلى حل وسط، ولا يُتوقع حدوث ذلك على المدى القريب لتضارب الأولويات والمصالح.

دور وزارتي الدفاع والداخلية في الملف السوري

على نسق متصل مع دور فيدان في الخارجية، يبرز دور يشار غولر في حقيبة الدفاع، فهو رئيس الأركان السابق والمقرب من سلفه خلوصي أكار، والرجل "المخلص" لأردوغان، لكن بقاءه في الظل فترة طويلة في ظل إدارة أكار القوية للوزارة يشير إلى دور ثانوي في معالجة الملف السوري.

في ظل أهمية الملف السوري لأردوغان كرئيس للجمهورية، وفيدان كرجل استخبارات سابق ويمسك الآن بشكل مباشر بزمام المبادرة، فإن غولر سيكون متسقاً معهما قبل أن يكون صانع قرار بالمقام الأول.

من جانب آخر، سيكون علي يرلي كايا وزير الداخلية الجديد، معنياً بمساحة صلاحيات واسعة فيما يتعلق بملف السوريين الذين يقيمون في تركيا تحت بند "الحماية المؤقتة"، ولا شك أن الخبرة التراكمية التي جمعها في ظل قربه من سلفه صويلو، وحضوره المباشر لعملية تنظيم وجود السوريين في إسطنبول وهو واليها السابق، يجعل منه مسؤولاً مطلعاً على أدق الحيثيات وأصغرها لهذا الملف.

يُشار إلى أن أردوغان ركز في حملته الانتخابية على رؤيته لمعالجة "أزمة اللاجئين" في الداخل، وأوضح أن عودتهم إلى بلادهم ترتكز على "توفير الأمن"، وتحدث عن مشروع الإعمار الذي سيوفر عودة نحو مليون سوري إلى الشمال.

لكن في الوقت ذاته، فإن سياسة التشديد فيما يتعلق بتنظيم إقامة السوريين والأجانب في الولايات والمناطق التركية لا سيما إسطنبول، ومعالجة الهجرة غير الشرعية وترحيل المخالفين، تشير إلى أن يرلي قايا سيتابع المسار الذي بدأ منذ أواخر 2019 في عهد صويلو.

ولذلك، فإن السنوات الخمس المقبلة في ظل ولاية أردوغان الجديدة، وإن كانت لا تحمل زخماً كبيراً يوحي بحلٍّ كاملٍ للملف السوري بشقَّيه الخارجي والداخلي بالنسبة لأنقرة، لكنه سيشهد حلحلة جزئية تقوم على مواصلة مسار التطبيع والمحادثات من جهة، ومحاولة تخفيف الوجود السوري داخل تركيا من جهة أخرى.