icon
التغطية الحية

حصاد عام كامل... صادرات إيران إلى سوريا سبعة أضعاف وارداتها منها

2022.05.01 | 17:44 دمشق

1025747072_944_0_3376_2432_1920x0_80_0_0_887009e67fbe25029c2c63464ad5eb4e.jpg
الجناح الإيراني في معرض دمشق الدولي (سبوتنيك)
إسطنبول - ضياء قدور
+A
حجم الخط
-A

وفقًا للإحصاءات الصادرة عن منظمة تنمية التجارة الإيرانية، بلغت قيمة صادرات إيران غير النفطية إلى سوريا في عام 2021، أكثر من 217 مليون دولار. وهو ما يمثل زيادة في قيمة هذه الصادرات بنسبة 53% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي (زيادة بمقدار الضعف بقيمة الصادرات)، عندما وصلت الصادرات الإيرانية إلى سوريا حينذاك نحو 115 مليون دولار فقط.

ويأتي هذا الصعود الملحوظ في قيمة الصادرات في وقت شكلت فيه صادرات مكونات وأجزاء التوربينات البخارية والغازية قرابة نصف قيمة الصادرات الإيرانية غير النفطية إلى سوريا (95.212 مليون دولار)، في حين شكلت صادرات محصولات المعادن (الفولاذ والنحاس والألمنيوم) أكثر من 20 مليون دولار، لتحتل سوريا مرة أخرى المراتب المتأخرة (المرتبة 19) في جدول الصادرات الإيرانية.

لكن رغم ما شهدته الصادرات الإيرانية إلى سوريا من تضاعف في القيمة خلال العام الماضي، لم يكن هذا التضاعف متناسباً بشكل طردي مع (وزن أو حجم) هذه الصادرات التي وصل وزنها لقرابة 129 ألف طن، وهو ما يشكل زيادة ضئيلة جداً بمقدار (3 ألاف طن فقط) مقارنة بالعام الذي سبقه ( 126 ألف طن في 2020).

لذلك، يظهر الرصد الدقيق الذي أجراه موقع تلفزيون سوريا على قيمة ووزن الصادرات الإيرانية إلى سوريا عدم وجود تناسب منطقي بين قيمة هذه الصادرات التي ارتفعت بمقدار الضعف مع أحجامها وأوزانها التي ارتفعت بمقدار ضئيل جداً.

وهو ما يشير مرة أخرى إلى ما أكده الخبراء والمحللون الاقتصاديون إلى أن الارتفاع في قيمة الصادرات الإيرانية (إلى العالم كله وليس سوريا فقط على وجه الخصوص) لا يعزى إلى تحسن التجارة الخارجية الإيرانية وانفتاح آفاق جديدة لها، بل يعود ذلك إلى ارتفاع قيمة المنتجات العالمية، خاصة المنتجات المتعلقة بأسعار النفط العالمي كالبتروكيماويات والمعادن، في عام 2021 مقارنة بعام 2020، بحسب ما تشير له جميع البيانات الدولية.

لذلك، خلافاً لما يروج له المسؤولون الإيرانيون حول انتعاش التجارة الخارجية الإيرانية مع مناطق النظام، تظهر البيانات التي رصدها تلفزيون سوريا أن الزيادة في إيرادات إيران من صادراتها إلى سوريا ناتجة عن ارتفاع أسعار وقيمة مواد هذه الصادرات أكثر من ارتفاع حجمها أو وزنها. وتتوافق هذه النتيجة بطبيعة الحال مع الارتفاع الحاد في أسعار المعادن والمنتجات البتروكيماوية والمنتجات الأخرى في الأسواق العالمية بسبب تداعيات أزمة كورونا.

وبما أن إيرادات الصادرات الإيرانية، مثل أي إيرادات أي دولة أخرى، هو ناتج معادلة تحسب بين متغيرات (الحجم أو الوزن) والسعر، يمكن القول إن ما يروج له إيرانياً على وسائل الإعلام يعود جزء كبير منه إلى الشعور الكاذب في الاعتماد على النفس، والرغبة الدائمة في التهويل والتضخيم وتصدير الشعارات الزائفة. 

ما هي الصادرات الإيرانية إلى سوريا؟

تقدم نظرة على معدلات التبادل التجاري (الصادرات والواردات) بين الجانبين دائماً صورة تقريبية للأهداف الاقتصادية التي تسعى إليها طهران داخل سوريا، وترسم لنا الأبعاد التي سيصل إليها التوغل الاقتصادي الإيراني الصامت الذي تجري أحداثه في الأروقة المظلمة.
في خضم ذلك، أجرى موقع تلفزيون سوريا رصداً دقيقاً لأهم الصادرات الإيرانية الأعلى ثمناً إلى سوريا، بناءً على معلومات جمعها من إحصائيات منظمة تنمية التجارة الإيرانية.

 

Capture_0.JPG

 

 

Capture_1.JPG

 

من الرسوم البيانية، التي تظهر قفزة واسعة في صادرات المحطات الكهربائية الإيرانية إلى سوريا (قرابة نصف قيمة الصادرات)، يتبين لنا أن هناك سعياً إيرانياً حثيثاً للسيطرة على ملف الكهرباء السورية، وهي نقطة أظهرناها سابقاً في ملف شامل نشره تلفزيون سوريا مؤخراً.

 

 

وتتوافق هذه المعلومات مع مجريات الأرض، خاصة أن شركة مبنا الإيرانية سيطرت ونفذت مؤخراً العديد من ملفات الطاقة الحيوية في سوريا، بما في ذلك مزامنة وحدة كهرباء مدينة بانياس بقوة 40 ميغاواط مع شبكة الكهرباء السورية في 26 أكتوبر 2021.

 

 

لكن بشكل عام، تسعى الصادرات الإيرانية إلى سوريا لتحويل هذا البلد لبلد مستهدف تماماً بالبضائع الاستهلاكية دوماً، وهذا ما تظهره أغلب نوعية المواد المصدرة، التي تنوعت بين الاستهلاكية كالأدوية وحليب الأطفال ومنتجات المعادن الجاهزة وقطع المحطات الكهربائية والجرارات الزراعية، وهي مواد كانت تنتج سوريا أغلبها قبل أكثر من عقد من الزمن، دون العمل على توفير أرضية مناسبة لتشجيع الصناعات المحلية في مناطق النظام.

وهذا ما يظهر جلياً فيما ذكره المهندس عماد الدين عساف (الرئيس التنفيذي لشركة حلب لصناعة الجرارات) في إحدى الاجتماعات التجارية التي أجراها مع مدير المكتب الاقتصادي الإيراني في حلب بتاريخ 29 أكتوبر 2021، عندما اشتكى من عدم إمداد إيران لسوريا بجرارات زراعية.
وأشار إلى أنه بعد عدم إيفاء الإيرانيين بوعودهم في بيع الجرارات إلى سوريا بصورة CIF، وافقت شركة هندية على تسليم 2000 جرار إلى سوريا، وبعد تسليم 600 جرار، لم تعد الشركة قادرة على تسليم الباقي بسبب عقوبات قيصر.
وأوضح أن الشركة الإيرانية، رغم تلقيها أموالاً مقابل 2000 جرار من المزارعين السوريين، ترفض بيع الجرارات لهم، مؤكداً على أن هذا التعامل لا يتناسب مع بلدين "شقيقين وصديقين".

الواردات السورية إلى إيران تظهر المعادلة الجائرة

تظهر إحصائيات منظمة تنمية التجارة الإيرانية أن إيران استوردت ما قيمته قرابة 30 مليون دولار من البضائع من سوريا خلال عام 2011، وهو ما يشكل زيادة بنسبة 58% مقارنة بالفترة نفسها من العام 2019.
لكن العنصر الرئيسي الأعلى قيمة الذي يشمل أغلب الواردات السورية إلى إيران كان عنصر الفوسفات، الذي وصلت قيمة صادراته إلى إيران قرابة 26.4 مليون دولار، واحتل نسبة 88% من مجمل الصادرات السورية إلى إيران.
بمعنى آخر، استوردت إيران كميات كبيرة من الفوسفات السوري يصل وزنها لأكثر من 200 ألف طن من الفوسفات خلال عام 2021.

بغض النظر عما إذا كان النظام السوري يتلقى أموالاً مقابل توريد هذه الكميات الضخمة من مادة الفوسفات السورية، أم أن إيران تعتبرها غنيمة الحرب أو تعريضا لجزء بسيط مما أنفقته من موارد مادية وعسكرية طائلة لحماية نظام الأسد من السقوط، يمكن ببساطة ملاحظة أن هناك معادلة جائرة وميزانا تجاريا خاسرا بشدة يُفرض على معدلات التبادل التجاري بين البلدين.

وبنظرة على الإحصائيات، يظهر لنا الفارق الشاسع بين قيمة الصادرات (217 مليون دولار) والواردات (30 مليون دولار) بين البلدين، حيث وصلت الهوة بين القيمتين لأكثر من سبعة أضعاف، وهو ما ينذر بطبيعة الحال بتكرار الحالة العراقية، التي بلغت وارداتها من إيران خلال العام نفسه لأكثر من 8.7 مليارات دولار، في حين لم تتعد الصادرات العراقية إلى إيران في الفترة نفسها 1.12 مليار دولار.